دمشق – أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن إغلاق مناطق بحرية واسعة شرقي البحر المتوسط، أمام مرور السفن البحرية ورحلات الطائرات المدنية، فيما بدا خطوة عقابية لإسرائيل التي حمّلتها روسيا مسؤولية إسقاط طائرة استطلاع تابعة لقواتها في سوريا. ولقي 15 روسيا حتفهم عندما تحطمت طائرة الاستطلاع، وهي من طراز إيل-20، قرب اللاذقية في شمال سوريا الاثنين. وقالت روسيا إن المضادات الجوية السورية أسقطت الطائرة خلال تصديها لضربات نفذتها طائرات إسرائيلية بالمنطقة، واتهمت إسرائيل بالتسبب في هذه الملابسات الخطيرة لأنها لم تعط إنذارا مسبقا بوقت كاف، فضلا عن كون الطيارين الإسرائيليين عمدوا إلى اتخاذ الطائرة المنكوبة غطاء ما جعلها عرضة للنيران. ونقلت قناة “روسيا اليوم” (رسمية) عن القوات الروسية أنّ إغلاق المجال الجوي والبحري في سوريا سيستمر حتى 26 سبتمبر الجاري على خلفية بدء “مناورات تدريبية يتخللها إطلاق صواريخ من سفن وقطع بحرية”. وبموجب القواعد الدولية، يتعين على روسيا إشعار حركة الطيران الدولية وكذلك حركة الملاحة البحرية وتحذير طواقم البحارة والطواقم الجوية، وإبلاغهم بإحداثيات المناطق المغلقة التي يحظر عليهم دخولها أو الاقتراب منها. ويرى مراقبون أن إغلاق المجال الجوي والبحري في سوريا رسالة روسية لإسرائيل بأنها قادرة على وضع حد لتحركاتها في الأجواء السورية، بعد أن كانت تملك حرية شبه مطلقة في ذلك، بناء على تفاهمات مسبقة. لكن محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية رون بن يشاي، اعتبر أن القرار الروسي اتخذ لضمان عدم وصول أطراف أخرى إلى موقع الطائرة الروسية في البحر المتوسط خاصة الأميركيين، للحصول على المواد الاستخبارية التي كان طاقم الطائرة يعمل على جمعها. رون بن يشاي: القوات الإسرائيلية ستتبع نهجا يتسم بقدر أكبر من التريث مستقبلا رون بن يشاي: القوات الإسرائيلية ستتبع نهجا يتسم بقدر أكبر من التريث مستقبلا وترتبط القوات الروسية في سوريا باتفاق مع الجيش الإسرائيلي، لتنسيق الأنشطة الإسرائيلية في الأجواء السورية، لتجنب وقوع حوادث عرضية، كما حدث مساء الإثنين. وقالت وزارة الخارجية الروسية الخميس إن تصرف الطيارين الإسرائيليين خلال حادث إسقاط الطائرة “إيل-20” كان غير مهني على الأقل. جاء هذا التصريح على لسان المتحدثة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا، التي أضافت أنه ستتوافر قريبا معلومات جديدة تتعلق بدور الطيارين الإسرائيليين في تحطم الطائرة عند الساحل السوري في الـ17 من سبتمبر الجاري. وفي وقت سابق كتبت السفارة الروسية في تل أبيب على تويتر باللغة الإنكليزية “تعتبر موسكو أفعال سلاح الجو الإسرائيلي غير مسؤولة وغير ودية إذ عرضت الطائرة الروسية للخطر وأدت إلى مقتل 15 عسكريا”. وأضافت أن روسيا “ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لإبعاد كل ما من شأنه أن يهدد حياة وأمن قواتنا التي تحارب الإرهاب”. وسبق أن صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد ساعات من سقوط الطائرة، بأن بلاده ستتخذ إجراءات تكون “ملحوظة من قبل الجميع”. وتحاول إسرائيل جاهدة احتواء الأزمة مع روسيا وقد أوفدت الخميس قائد سلاح الجو الإسرائيلي إلى موسكو للاطلاع على ملابسات الواقعة. وسبق أن عبرت إسرائيل عن أسفها لسقوط قتلى، لكنها نفت ارتكاب أي خطأ وألقت باللوم على النيران السورية المضادة للطائرات بعد انسحاب طائراتها ورجوعها عبر الحدود. ويرى مراقبون أن الحكومة الإسرائيلية قد تضطر إلى الحد من نشاطاتها في سوريا في هذه الفترة لامتصاص الغضب الروسي، بيد أنها لن تتوقف عن توجيه ضربات إلى الداخل السوري في ظل استمرار تواجد إيران وذراعها حزب الله اللبناني. ونفذت إسرائيل العشرات من الضربات في سوريا خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات لتمنع ما وصفته بأنه عمليات نقل أسلحة إلى مقاتلي حزب الله اللبناني وحلفاء آخرين إيرانيين. وتغاضت روسيا إلى حد كبير عن الضربات التي يقول الإسرائيليون إنها لا تشكل أي تهديد مباشر للرئيس السوري بشار الأسد حليف موسكو. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في حديث لراديو الجيش إن إسرائيل لن توقف الهجمات في سوريا. وأضاف “سنبذل كل ما هو لازم لضمان سلامة المواطن الإسرائيلي… ولن نجري هذه المناقشات عبر الأثير”. لكن حينما تعرض ليبرمان لضغط أثناء المقابلة، تجنب تأكيد “حرية العمل” الإسرائيلية فوق سوريا، وهو تعبير استخدمه من قبل. وقال نفتالي بينيت، وهو أيضا عضو في مجلس الوزراء الأمني المصغر، إنه سيتم تحسين “آليات عدم الاشتباك”، مشيرا إلى الخط الروسي الإسرائيلي الساخن الذي يهدف لتفادي الاشتباكات غير المقصودة مع القوات التي أرسلتها موسكو إلى سوريا في إطار تدخل عسكري بدأ عام 2015. وأوضح بينيت لراديو الجيش في مقابلة منفصلة “سنعزز هذه الآليات قطعا. سنبذل كل جهد كي لا نؤذي أحدا دون قصد لا قدر الله”. وتوقع المعلق العسكري الإسرائيلي المخضرم رون بن يشاي أن تتبع القوات الجوية نهجا يتسم بقدر أكبر من التريث في الضربات القادمة. وقال بن يشاي لتلفزيون (واي نت) “من الممكن في المرة القادمة أن يقولوا: حسنا، فلننتظر حتى تعود الطائرة (الروسية) إلى قاعدتها ثم ننفذ الهجوم”. وفي وقت سابق حذرت صحيفة “يسرائيل هيوم” المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من ارتكاب إسرائيل أي أخطاء أخرى، لتجنب استفزاز الغضب الروسي. ورأى الكاتب يؤاف ليمور تحت عنوان “ممنوع ارتكاب الأخطاء: روسيا غاضبة، وعلى إسرائيل الحذر”، أن إسقاط الطائرة الروسية قد يمس بالمصالح الإسرائيلية في المنطقة، لذلك على إسرائيل العمل بسرعة لتقليل الضرر بسبب الحادثة، وذلك لضمان استمرارها في استهداف ما تعتبره تهديدات سورية وإيرانية لها.
مشاركة :