طرابلس - فرضت الحكومة الليبية المعترف بها دوليا رسوما كبيرة على أي معاملات بالعملة الصعبة، لتخفض فعليا قيمة الدينار الليبي من أجل سد الفجوة مع سعره في السوق السوداء. وقال مرسوم حكومي إن “قيمة الرسم على مبيعات النقد الأجنبي تحدد بما نسبته 183 بالمئة وفقا للنشرة اليومية لأسعار سعر الصرف للدينار مقابل العملات الأجنبية التي تصدر عن مصرف ليبيا المركزي”. وفي حال تطبيق القرار في بلد يعاني من الفوضى ويواجه فيه المركزي صعوبة في فرض إرادته، ستخفض هذه الخطوة السعر الرسمي للدينار أمام الدولار في مثل هذه المعاملات إلى نحو 3.9 من 1.4 دينار للدولار. ومن المفترض أن يتم دفع الرسوم الجديدة على المعاملات التجارية، لكن لم يتضح بعد كيف سيتم تحصيلها أو مدى تأثيرها على النشاط الاقتصادي. ويبلغ سعر الصرف في السوق السوداء حاليا نحو 6 دنانير للدولار، بينما يبلغ السعر الرسمي 1.73 دينار للدولار، ولا تغطي الرسوم سوى جزء من السوق. ولكن سيتم استثناء مخصصات أرباب الأسر وربما واردات الوقود وغيره من السلع المدعومة. الصديق الكبير: الصراعات السياسية حالت دون اعتماد خطة اقتصادية تنقذ البلاد الصديق الكبير: الصراعات السياسية حالت دون اعتماد خطة اقتصادية تنقذ البلاد وأدت الفجوة في أسعار الصرف إلى تشويه اقتصاد البلاد المعتمد كليا على النفط، مما ساهم في نشوب أزمة سيولة وفتح المجال أمام الفساد، إذ أن الجماعات المسلحة التي يمكنها الحصول على الدولارات بالسعر الرسمي تحقق أرباحا ضخمة من خلال الاحتيال بعمليات استيراد وهمية. ويختزل النقص الحاد في السيولة جبل الأزمات والتحديات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد الليبي في ظل تراجع عوائد البلاد النفطية رغم الإجراءات التي يقوم بها مصرف ليبيا المركزي للحيلولة دون استفحال الأزمة في النظام المصرفي. وتظهر المؤشرات أن ليبيا مقبلة على أزمة مالية حادّة، بسبب الخلافات السياسية والأمنية القائمة، وهو ما انعكس على سعر صرف الدينار، الذي فقد أكثر من نصف قيمته في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة فاقمها تراجع عائدات صادرات النفط. وقال الصديق الكبير، محافظ المركزي في طرابلس، في وقت سابق هذا العام، “لقد طالبنا منذ 2012 بتنويع مصادر الدخل بتهيئة مناخ أعمال للقطاع الخاص حتى ينمو وعدم الاعتماد على النفط لكن الصراعات السياسية منعت القيام بذلك”. وتلقّى الاقتصاد الليبي ضربات شديدة من تراجع صادرات النفط بنحو 80 بالمئة عن مستويات ما قبل الثورة حين كانت تصل إلى 1.6 مليون برميل يوميا في 2010، لكنها عادت لترتفع بفضل اتفاق منظمة أوبك مع منتجين من خارجها لخفض الإنتاج وتعزيز الأسعار. وتخضع البنوك التجارية التي توفر العملات الأجنبية بالسعر الرسمي بناء على طلبات من البنك المركزي فعليا لسيطرة جماعات مسلحة معرضة للخسارة إذا دفعت الرسوم. وكانت الحكومة برئاسة فايز السراج قد أعلنت الأسبوع الماضي، عن برنامج إصلاحات اقتصادية لمعالجة التشوهات في الاقتصاد، تستهدف سعر الصرف ودعم الوقود. ولم تكشف آنذاك عن تفاصيل بخصوص الرسوم المذكورة في بيانها. وذكرت في بيان حينها أن الرسوم ستفرض على المعاملات الشخصية والتجارية، وهو ما من شأنه على الأرجح استثناء واردات الوقود وغيره من السلع المدعومة بقوة. واستثنت الحكومة مخصصات السفر للأسر الليبية، التي تستحوذ مع واردات الوقود على معظم مخصصات العملة الصعبة. وأثرت عوامل كثيرة بشكل مباشر على كافة مناحي حياة الليبيين، بدءا بشح المعروض من السلع الاستهلاكية الضرورية وارتفاع أسعارها الجنوني في الأسواق وفقدانها أحيانا، وصولا إلى صعوبة الحصول على مرتب شهر واحد من البنوك، التي تشكو من أزمة آخذة في الاتساع يوميا. وتحدث البنك الدولي مرارا عن تراجع هائل في القدرة الشرائية للمواطنين مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية وكان آخرها الخبز، ما أدى إلى ارتفاع التضخم إلى مستوى تاريخي بلغ 30 بالمئة. 6 دنانير سعر صرف الدولار في السوق السوداء في ليبيا بينما يبلغ السعر الرسمي 1.73 دينار للدولار ومع المضاربة والقيود المفروضة على صرف العملة، دخل الاقتصاد الليبي حلقة مفرغة ونشطت السوق الموازية التي لجأ إليها الليبيون لعقد صفقاتهم التجارية تقريبا بعد أن فقدوا ثقتهم في المصارف. وتفاقمت مخاوف الليبيين من انحدار بلدهم في أزمة غذائية ومالية أكبر مما عليه الآن، بسبب التوترات الأمنية والسياسية والصراعات المسلحة بين الميليشيات في الشرق والغرب، والتي كانت بيئة ملائمة لازدهار السوق السوداء والتهريب لتأتي في نهاية المطاف على ما تبقى من اقتصاد البلاد المنهك. ويحقق المهربون، الذين يرتبطون غالبا بالجماعات المسلحة، مكاسب ضخمة من خلال شحن البنزين إلى تونس ومالطا حيث يباع بأسعار تجزئة أعلى بكثير، بينما يجري تهريب القمح المستورد إلى تشاد والنيجر. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 72 مليار دولار من احتياطات المركزي الليبي بالعملة الصعبة تبخرت خلال الأعوام السبعة الماضية، بعدما كانت عند مستوى 130 مليار دولار قبل الأزمة.
مشاركة :