تزامناً مع توجّه قائد سلاح الجو الإسرائيلي عميكام نوركين إلى العاصمة الروسية موسكو لعرض نتائج التحقيق الإسرائيلي حول إسقاط طائرة «إيل-20» الروسية مساء الاثنين الماضي، نفت وزارة الدفاع الروسية تحليلات قالت إن إسقاط الطائرة جاء نتيجة خطأ في عمل نظام «صديق - عدو» للتعرف على هوية الطائرات. ووصفت هذه التحليلات بـ «تخيلات هواة». وأوضح الناطق باسم الوزارة اللواء إيغور كوناشينكوف، للصحافيين أن «(صديق - عدو) هو نظام خاص لكل دولة وحدها، ونحن لا نجهز به أبداً نماذج الطائرات والمعدات العسكرية المصدّرة من روسيا في إطار التعاون العسكري الفني. وينطبق هذا تماماً على أنظمة الدفاع الجوي الموردة إلى سورية». ولفت إلى أن «النظام المستخدم في روسيا يوحد الطائرات وأنظمة الدفاع الجوي الروسية فقط... ولم تكن هناك أي سوابق لنقل مثل هذا النظام مع رموز التعرّف الروسية لدولة أخرى، وهذا غير ممكن». وكان محللون عسكريون قالوا إن إسقاط الطائرة بصواريخ «سام 5» الروسية جاء نتيجة خطأ في تشغيل «صديق - عدو»، وهو نظام يمنع إصابة الطائرات الروسية بنيران صديقة. وبعد أيام من الحادث، قالت وكالة إنترفاكس «الروسية»: «أغلقت القوات الروسية المجال الجوي والملاحي في مناطق بحرية واسعة في شرق البحر الأبيض المتوسط، للقيام بمناورات تدريبية يتخللها إطلاق صواريخ من سفن وقطع بحرية روسية تشارك في هذه المناورات». موضحة «أن إغلاق عدد من المناطق في المياه الدولية في شرق البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من سورية ولبنان وقبرص، يعود إلى تدريبات تقوم بها سفن البحرية الروسية تتضمن «اختبارات إطلاق صواريخ». وفي ردود الفعل الإسرائيلية، قال وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، أن «عملية إسقاط الطائرة الروسية تمت بعد أن غادرت المقاتلات الإسرائيلية المنطقة»ـ ومع تأكيده أنه يتفهم موقف روسيا الحزين على حادثة الطائرة، قال ليبرمان لإذاعة الجيش الإسرائيلي: إن الطائرة الروسية أسقطت من أشخاص غير مسؤولين في نظام الدفاع الجوي السوري، الذي أطلق النار عندما عادت طائراتنا إلى البلاد». كما أعرب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت، عن أسفه لحادث إسقاط الطائرة الروسية، قائلاً: «للأسف، القوات السورية ضربت الطائرة الروسية». لكن الرئيس السوري بشار الأسد وجه أصابع الاتهام إلى إسرائيل، وقال في برقية تعزية إلى بوتين، إنّ «هذه الحادثة المؤسفة هي نتيجة للصلف والعربدة الإسرائيلية المعهودة». وجاء في نص البرقية التي نقلت مضمونها وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»: «نحن على أتم الثقة بأنّ مثل هذه الأحداث المفجعة لن تثنيكم وتثنينا عن مواصلة مكافحة الإرهاب». وأفاد الجيش الإسرائيلي في بيان، بأن الجنرال نوركين سيعرض «تقرير الحالة لتلك الليلة بما يتعلّق بكل جوانبها». وأشار البيان إلى أنه سيرافق نوركين في الزيارة إلى موسكو كل من رئيس قسم العلاقات الخارجية في الجيش الإسرائيلي العميد إيرز مايسيل، وضباط آخرون من شعبة الاستخبارات والقوات الجوية والعمليات. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، إن روسيا قيدت حرية الحركة في المجالين الجوي والبحري في مناطق محددة قبالة السواحل السورية، رداً، كما يبدو، على إسقاط الطائرة. وتوقعت وسائل إعلام عبرية أن تتخذ روسيا خطوات ستضيق على قدرات «إسرائيل» في شن هجمات على أهداف إيرانية في سورية. ولاحظت «يديعوت أحرونوت» أن الخرائط التي نشرها الجيش الروسي تظهر مواقع لم تكن ضمن مناطق تقييد حركة الطيران قبل إسقاط الطائرة الروسية، وهذا مؤشر إلى كون القرار الروسي رد فعل غاضباً من الحادثة. واعتبر محلل الشؤون العسكرية في الصحيفة رون بن يشاي، أن القرار الروسي اتُّخذ لضمان عدم وصول أطراف أخرى إلى موقع الطائرة الروسية في البحر المتوسط خصوصاً الأميركيين، للحصول على المواد الاستخبارية التي كان طاقم الطائرة يعمل على جمعها. واعتبر محلل الشؤون العسكرية في «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان، أن أي عملية عسكرية، مهما كانت محكمة، لا يمكن اعتبارها نجاحاً إذا انتهت بأزمة ديبلوماسية مع دولة عظمى، وأنه حتى لو تم تحقيق الأهداف العسكرية فإن ذلك سيكون فشلاً، لأن إسرائيل ستدفع ثمن حقيقة أن الروس خسروا طائرة كان على متنها 15 ضابطاً. ووفقه، فإن الروس لن ينفذوا في الغد عملية رد ضد قواعد سلاح الجو الإسرائيلي، ولن يتم إسقاط طائرات إسرائيلية بنيران المضادات الروسية في سورية، لكن إسرائيل ستضطر، وبدرجة أكبر، إلى ملاءمة عملياتها ضد أهداف على الأراضي السورية مع المصالح الروسية.
مشاركة :