يعيش الإيرانيون هذه الأيام فترة صعبة من تاريخهم في ظل ما تشهده بلادهم من أزمات سياسية واقتصادية طاحنة غير مسبوقة، في حين لا يجد كثيرون منهم مخرجًا ونافذة للتعبير عن غضبهم من فشل نظام الملالي لحل مشكلاتهم المعيشية سوى منصات "السوشيال ميديا". وتناول الكاتب الإيراني "حسين باستاني" -في تقرير نشرته شبكة "بي بي سي" في نسختها الفارسية- دور مواقع التواصل الاجتماعي في إيران، في ظل غياب وسائل الإعلام الرسمية للتعبير عن مشكلات وأزمات المواطنين. بدأ باستاني تقريره -الذي ترجمته "عاجل"- بالتأكيد على أن مواقع السوشيال ميديا أصبحت تلعب دورًا بارزًا كنافذة لعديد من المواطنين الإيرانيين لطرح ومناقشة مشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية، بل وإنها باتت متنفسًا يصبّ فيه المواطنون جامّ غضبهم من النظام. وأضاف باستاني أن العديد من القضايا المجتمعية التي أُثيرت في الشارع الإيراني مؤخرًا كانت بسبب صور وفيديوهات تم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي، كعلى سبيل المثال إهانة رجال أمن لامرأة في أحد الشوارع أو وقفة لرجل، فقد عمله وزرقه بسبب مؤسسة حكومية أضاعت حقوقه. وعلّق الكاتب على حجم غضب الإيرانيين على المواقع التواصلية قائلًا: "رغم ازدحام مواقع التواصل في إيران بشحنات تعبيرية عن غضب المواطنين، إلا أن هذا لا يجعلنا أن نتجاهل الغضب الحقيقي الذي بات منتشرًا في فئات المجتمع المختلفة، بل أن الحجم الحقيقي لهذا الغضب لا يمكن للسوشيال ميديا التعبير عنه بشكل كامل". بحسب قوله. واعتبر أن الضغوط المعيشية واليأس باتت تسيطر على طبقات واسعة من المجتمع في إيران؛ خاصة بعد عدم حدوث أي طفرة أو تحسن في الأوضاع الاقتصادية عقب توقيع الاتفاق النووي. وأوضح الكاتب الإيراني أن هذا الغضب الذي يعبر عنه المواطنون من النظام على السوشيال ميديا لا يتعلق بجماعة بعينها، وإنما يرتبط بفئات عديدة في المجتمع كعمال تأخرت رواتبهم، أو شباب عاطلون عن العمل أو أقليات يرون أنهم مواطنون درجة ثانية أو مواطنون تسبب انقطاع المياه عنهم في فقدانهم الأمان. بحسب تعبيره. وأكد باستاني أن المواطنين ممن وصفهم بـ"حاملي الغضب" يتميزون باختلاف توجهاتهم السياسية والفكرية حيث قال: "إن منهم من يدعو صراحة لإسقاط النظام، ومنهم من يعتبر الحكومة غير قابلة للإصلاح، ومنهم أيضًا من لا يهتم بالسياسة ويبدي تخوفه من الأوضاع بعد إسقاط النظام الحاكم". وأعاد باستاني التذكير بدور منصات التواصل الاجتماعي في أحداث احتجاجات ديسمبر الماضي المعروفة بـ"انتفاضة ديسمبر"، حيث أكد أن هذه المنصات نجحت في تكوين شبكة من التواصل والحشد، بل وحتى تنظيم مواعيد وأماكن المظاهرات والوقفات الاحتجاجية للمتظاهرين، فضلًا عن تغطيتها لمجريات وأحداث الشارع لحظة بلحظة في ظل غياب وسائل الإعلام الحكومية عن المشهد. واختتم الكاتب الإيراني مقاله بتطابق الظروف الاقتصادية والأمنية الحالية بما كان عليه المواطنون في احتجاجات ديسمبر، معتبرًا أن غضب المواطنين على مواقع السوشيال ميديا سيدفعهم مجددًا للخروج إلى الشوارع للتعبير عن هذا الغضب من العالم الحقيقي وليس الافتراضي.
مشاركة :