قد لا يخطر ببال أن يفرغ (125) خبيرًا ومختصًّا، يعملون على تطوير الكتب المدرسية، من رصد ومراجعة إحصائيات موسم الحج المنصرم الذي انتهى مع بدء العام الدراسي الجديد تمهيدًا لتضمين محتوى الكتب الدراسية تفاصيلها خلال الفصل الدراسي الثاني من هذا العام. يكفي ذلك لمعرفة ما يمر به الكتاب المدرسي من رحلة طويلة، تبدأ من التأليف، والتصميم، ثم المراجعة، وتنتهي إلى الطباعة والتوزيع لأكثر من (6) ملايين طالب وطالبة، تنتشر مدارسهم على مساحة جغرافية تزيد عن مليونَي كم مربع. وربما ازداد الأمر تعقيدًا مع توجُّه وزارة التعليم لإحلال التقنية في التعليم، وخلق بيئة تعليمية قادرة على مواكبة التطور التقني المتسارع الذي سيمكِّن الطلاب والطالبات من الاستفادة من المحتوى الإثرائي التفاعلي، فضلاً عن تضمينها (300) معلومة، يجب أن يتعلمها الطلاب عن مضامين رؤية المملكة 2030م، يتصدر قائمتها مشروعا (البحر الأحمر، ونيوم). قصة تطوير الكتب المدرسية بدأت عندما وجَّه وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى أواخر شهر سبتمبر من عام 2017م بحل وكالة المناهج، وإسناد تطوير ومراجعة وطباعة الكتب المدرسية لشركة تطوير للخدمات التعليمية؛ لتبدأ رحلة طويلة من الاجتماعات واللجان في مختلف مناطق المملكة بهدف تطوير المحتوى الورقي لأكثر من (700) كتاب. الجديد في الكتب المدرسية هذا العام أنها شهدت تزاوجًا ولأول مرة بين المطبوع والتقنية (متعددة الاستخدام)، وذلك عبر (160) ألف صفحة (ورقية)، وبطريقة جاذبة ومشوقة للتعلم؛ الأمر الذي سيمكِّن الطلاب والطالبات ومعلميهم على حد سواء من الإفادة من المحتوى الإثرائي التفاعلي عن طريق خيارات متاحة لتقنية «البار كورد QR» التي تضمن سرعة تدفق المعلومات وصولاً إلى البوابات الإلكترونية التعليمية، إضافة إلى تقنية الواقع المعزز بواقع تطبيق (100) تجربة تفاعلية في الكتب المدرسية، بما يسهم في تطوير التعليم، وليستفيد منها المعلم والطالب عبر دمج التقنية بالتعليم، وتطور أساليب العملية التعليمية، فضلاً عن النصوص الصوتية التي يمكن للطالب الاستماع لها بمجرد تمرير هاتفه الذكي أو جهازه اللوحي عليها. كما تضمنت الكتب هذا العام إسهامات العلماء الشرعيين، وعلماء التخصصات العلمية السعوديين، إضافة إلى إدراج الإنتاج الأدبي السعودي وحياة الأدباء السعوديين، بما يعكس الصورة المشرفة للأدب والأدباء السعوديين، ويعزز الشخصية السعودية وفقًا لما جاء في رؤية المملكة 2030. ووفقًا لمصادر مقربة من لجان التطوير فإن عملية الانتقاء للشخصيات اعتمدت إلى حد كبير على الإسهام الوطني بالدرجة الأولى، وقوة السيرة الذاتية وما تحمله من جوانب مختلفة لمحطات تاريخية متنوعة في حياة كل أديب، إضافة إلى التنوع في المضمون والحقبة الزمنية التي عاش فيها العالم، والانتشار الإقليمي والعالمي لإنتاجه، وفقًا لمعايير دقيقة، راعت فيها لجان التطوير أن يكون لكل سنة دراسية خصوصية وفقًا للمستويات العمرية. كما تضمنت الكتب في نسختها الجديدة أكثر من (2412) رسمة و(2000) صورة جديدة، تخدم عمليات التعليم والتعلم؛ ليبلغ ما تم تعديله (57) ألف تعديل على (700) كتاب مدرسي من خلال (120) ألف عملية. ومن الإضافات الجديدة التي تضمنتها الكتب المدرسية، وسيلحظها الطالب وولي أمره هذا العام، عرض إنجازات العلماء والأدباء والفنانين السعوديين من الجنسين بواقع أكثر من (70) عالمًا وأديبًا وفنانًا تشكيليًّا، مع إبراز إنتاجهم في الكتب المدرسية. ولم تغفل لجان تطوير الكتب المدرسية (المكفوفين)؛ إذ أتاحت لهذه الفئة من الطلاب إمكانية تحويل الكتب؛ لتكون بطريقة (برايل)؛ لتشمل كتب المرحلة الابتدائية، وذلك بتحويل (7402) صفحة؛ لتكون (80) مجلدًا. وفي المرحلة المتوسطة تم تحويل (140) مجلدًا بصفحات بلغت (12800) صفحة. وفي المرحلة الثانوية (18510) صفحات لـ(205) مجلدات. فيما تؤكد «تطوير التعليمية» أن هذه العمليات سبقها شراكات بين وزارة التعليم والعديد من الوزارات والشركات والمؤسسات والمراكز الوطنية لتبادل المعلومات والصور والوثائق المتسمة بالموثوقية والوضوح؛ لينطلق مشروع تطوير الكتب المدرسية في فضاءات وطنية من خلال معلومات عن الوطن ومشاريعه وعلمائه وأدبائه، وكذلك تطلعاته المستقبلية. وتشير التقارير إلى أن كتب الصفوف الأولية أصبحت أكثر جاذبية من خلال هوية وأغلفة متميزة، وكذلك جاذبية في الألوان والخطوط والرسومات والصور. كما استخدمت شخصيات كرتونية جذابة ومحببة للطلاب، منها فواز ونورة وعائلتهما الكاملة، وأنتجت لها 60 حلقة مرئية حول القيم التي تمثل المملكة العربية السعودية. وكانت وزارة التعليم قد أعلنت منذ وقت مبكر مطلع العام الدراسي الحالي أنها أتاحت الكتب للطلاب والطالبات عبر منصة (عين) التعليمية ien.edu.sa، وذلك عبر (6) خطوات لتسهيل الوصول للكتب وتحميلها. ويعتبر مراقبون للعمل التربوي مشروع تطوير المحتوى للكتب والمقررات الدراسية بهذا الشكل (وثبة تعليمية)، ترسم لحقبة جديدة من المناهج والمقررات المدرسية. ويأتي هذا التطوير بعد قرار وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى أواخر شهر سبتمبر من عام 2017م حل وكالة المناهج، وإسناد مهامها المتعلقة بتطوير ومراجعة وطباعة الكتب المدرسية إلى شركة تطوير للخدمات التعليمية (الذراع الاستثمارية المملوكة للدولة). ومنذ ذلك الوقت عكف خبراء متخصصون وتربويون من الجامعات والميدان التعليمي عبر لجان عدة على تطوير الكتب المدرسية في مراحل التعليم العام، وفق استراتيجية تسعى لإحلال التقنية في التعليم، وخلق بيئة تعليمية قادرة على مواكبة التطور التقني المتسارع. وعلى الرغم من تعثر تسليم طلاب المرحلة الثانوية نظام (المقررات) كتبهم الدراسية لهذا العام، الذي بررته وزارة التعليم على لسان متحدثها الرسمي مبارك العصيمي بأنه ناتج من المراجعة المستفيضة للمحتوى بعد قرار التوسع في تطبيق نظام (المقررات)، تشير التقارير الميدانية إلى عدم التأثير على سير العملية التعليمية بعدما أصبحت النسخ الرقمية (التفاعلية) جاهزة ومتاحة على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية للطلاب والمعلمين.
مشاركة :