ينظر العالم بأكمله إلى المملكة العربية السعودية، على أنها بلد التسامح والسلام في المنطقة، من خلال مبادئها التي لا تحيد عنها، وثوابتها التي لا تتغير، فضلاً عن قيادتها للعالم العربي والإسلامي، والدفاع عن الإسلام بكل ما أوتيت من قوة وإمكانات. ويؤكد التاريخ الحديث لمنطقة الشرق الأوسط أن المملكة من خلال علاقاتها الخارجية بالدول الشقيقة والصديقة، فهي محبة للسلام، وتدعو إليه، وتنبذ العنف والإرهاب، وتعمل على تعزيز الانفتاح على الآخر، وترسّخ مبادئ الحوار بين أصحاب الثقافات المختلفة، في توادّ ومحبة. ولذلك ليس غريباً، أن يتم اختيار السعودية بلداً للسلام والتسامح في العالم، وذلك على هامش مؤتمر السلام العالمي في العالم، الذي أقيم على أرض المملكة المغربية في 2016. مبادي سعودية ثابتة: ويؤمن قادة المملكة بأن الإسلام كديانة، يحض على التراحم بين جميع البشر، على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم وثقافاتهم، كما تؤمن بأنه بالإمكان التعايش السلمي الآمن بين معتقدي جميع الديانات، مهما كان حجم الاختلافات بينها، سواء في المعتقدات أو التفكير أو المبادئ، ومن هنا، حرص ولاة الأمر، كما جاء في صفحات التاريخ الحديث للمملكة، على نشر ثقافة التسامح والسلام في ربوع المنطقة، والتدخل المباشر لحل الخلافات بين الدول والجماعات المتناحرة، ساعدها على ذلك أنها دولة محورية، تتمتع بثقل ديني واقتصادي وسياسي مهم في المنطقة والعالم، ويحظى قادتها على مرّ التاريخ بكل التقدير والاحترام من الجميع. حقبة جديدة ويشهد العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حقبة تاريخية جديدة، تتصف بالانفتاح والتسامح على الآخر؛ انطلاقاً من الفهم الصحيح لمعاني الدين الحنيف، وتحظى هذه الحقبة بدعم مباشر من سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، الذي أعلن أن المملكة تتبع الوسطية في كل أمورها، وأنها ترفض التشدد والتطرف وتحاربهما؛ دفاعاً عن الدين الإسلامي وعن المسلمين. وأكد سمو ولي العهد، في حوار أجراه مع مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية في أبريل الماضي، أن "الإسلام" يعني "السلام"، في إشارة إلى أن المملكة، باعتبارها أكبر دولة مسلمة وهي مهبط الوحي، فهي داعية إلى السلام، ومنفتحة على الديانات والثقافات الأخرى، وترحب بالحوار بينها؛ لترسيخ التآلف والمحبة والتسامح بين أفرادها، وأن دولة هذه صفاتها في التعامل النبيل مع الشعوب الأخرى، من المستحيل أن تدعم التشدد بأي شكل من الأشكال. وجدد ولي العهد التأكيد على أن المملكة دولة إسلامية كبرى، حاضنة لأفراد المذهبين السني والشيعي، الذين يعيشون على تراب هذه البلاد في تآخٍ وتراحم وودّ. وتشير تصريحات ولي العهد للمجلة ذاتها إلى أن المملكة بعيدة كل البعد عن التشدد، وإلا لما اتبعت آراء المذاهب الفقهية الأربعة "الحنبلية، الحنفية، الشافعية، والمالكية"؛ للتخفيف على المسلمين في أمور دينهم ودنياهم. اعتدال المملكة وفي وقت سابق من هذا العام، بعث ولي العهد برسالة تؤكد "اعتدال المملكة، وحرصها على تعزيز التآخي والتقارب بين الديانات والثقافات" بشكل عملي، وعلى أرض الواقع، وذلك من خلال زيارتيه إلى مصر وبريطانيا، حيث زار أثناء وجوده في مصر، البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية في مقره بالكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، وهي أول زيارة من نوعها لمسؤول من المملكة. وفي بريطانيا التقى سموه رئيس الأساقفة "جاستن ويلبي"، وجرى خلال اللقاء، التأكيد على أهمية دور الحوار بين مختلف الأديان والثقافات في تعزيز التسامح ونبذ العنف والتطرف والإرهاب وتحقيق الأمن والسلام لشعوب المنطقة والعالم. وكانت هاتان الزيارتان محل ترحيب وتأييد كبيرين من دول وقادة العالم والمؤسسات الدينية على مختلف توجهاتها، التي رأت أن المملكة دولة تحترم الأديان السماوية، وتدعم وترحب بالحوار بين أصحاب هذه الأديان، للوصول إلى صيغة للتعايش المشترك والبناء فوق هذا الكوكب. كما شهدت المملكة زيارة الكاردينال جان لوي توران، رئيس المجلس البابوي للحوار بين أتباع الأديان، وهو أحد أقسام ما يعرف بـ"الكوريا الرومانية" أي رئاسة الوزارة، أو حكومة البابا، بوصف الفاتيكان دولة مستقلة. وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها في البلاد. في هذه الأثناء، أشادت شبكة "بلومبيرغ" الأمريكية بحرص المملكة على نشر صفة التسامح في المنطقة والعالم، ونبذ كل الأعمال التي تعزز الكراهية. وتحدثت الشبكة عن الإجراءات التي اتخذتها الرياض في محاولة للقضاء على خطابات الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، وقالت إن المملكة تنتقد بشكل رئيسي التعصب والكراهية العقائدية، والتي لا تمتّ بعلاقة للإسلام وسماحته المعروفة، وتنبذ أي إهانة لكل الأديان السماوية ومعتنقيها في شتى أنحاء العالم. جاءت الحملة ضمن جزء من حملة المملكة ضد خطاب الكراهية.
مشاركة :