الفقر، ذلك الشبح المخيف الذي يلاحق نسبة كبيرة من سكان العالم، فيسلبهم القدرة على تلبية احتياجاتهم الأساسية من أجل البقاء، ويحرمهم من حقهم في الغذاء والمسكن والملبس، ويضعهم بين مستويات متدنية من التعليم والصحة، ويحيطهم بالمجاعات والموت. مؤشر الفقر متعدد الأبعاد الصادر عن برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة، أوضح في مسح تضمن 104 بلدان يعيش فيها خمسة مليارات وخمسمئة مليون إنسان، أن مليارا وثلاثمائة مليون من هؤلاء يعانون من الفقر، مشيرا إلى أن نحو نصف هؤلاء الأشخاص هم من الأطفال بعدد يزيد عن ستمئة وستين مليون طفل. المؤشر تناول جوانب متعددة تشمل التغذية ووفيات الأطفال والتعليم والصرف الصحي ومياه الشرب الآمنة والإسكان، وأوضح أن 46% من الفقراء في العالم يعيشون في فقر شديد، وأن المحرومين من ثلث هذه المؤشرات يعتبرون فقراء بشكل متعدد الأبعاد، بينما يصنف أولئك المحرومون من نصف المؤشرات بأنهم فقراء للغاية. ويشير التقرير إلى أن أغلبية الفقراء يعيشون فى مناطق ريفية، تزداد معدلات الفقر فيها مقارنة بمن يعيشون فى مناطق حضارية، وأوضح أن ثلاثة وثمانين في المئة من فقراء العالم يعيشون في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء وفي جنوب آسيا. أما في الوطن العربي فإن التقرير العربي حول الفقر متعدد الأبعاد، أشار إلى أن عدد الفقراء فقرا مدقعا في عشرة بلدان عربية بلغ أكثر من ثمانية وثلاثين مليون نسمة، وهو ما يمثل أكثر من أربعين في المئة من سكان هذه الدول. ولكن من ناحية أخرى، أوضح مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أنه على الرغم من أن مستوى الفقر مرتفع للغاية، خاصة بين الأطفال، فإن من الممكن إحراز تقدم من أجل القضاء على ذلك. وأشار إلى أن مبادرات التنمية الحكومية لبعض الدول حققت نتائج إيجابية في مكافحة الفقر. البنك الدولي أظهر أن عددا أقل من الناس يعيشون في فقر مدقع في أنحاء العالم، لكن انخفاض معدلات الفقر تباطأ، وهو ما يثير المخاوف بشأن تحقيق هدف التنمية المستدامة الخاص بالقضاء على الفقر بحلول عام ألفين وثلاثين.