اتحاد الشغل بتونس يقرر الدخول في إضراب عام

  • 9/23/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تصطدم الحكومة التونسية بتلويح الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) بشن إضراب عام في الوظيفة العمومية والقطاع العام، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من لقاء جمع الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي برئيس الحكومة يوسف الشاهد لمناقشة ملفات المفاوضات الاجتماعية وقانون الموازنة المالية لعام 2019. تونس - قرر الاتحاد العام التونسي للشغل الدخول في إضراب عام الشهر القادم في القطاع العام احتجاجا على ما قال إنه “خطط حكومية لبيع مؤسسات عمومية”، وسط اتهامات للمنظمة النقابية بتوظيف الملفات الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق أجندة سياسية تستهدف الإطاحة بحكومة يوسف الشاهد التي تطالب منذ أشهر برحيله. وأقر الاتحاد، الذي له تأثير قوي في تونس، أيضا إضرابا عاما في 22 نوفمبر المقبل في “الوظيفة العامة بسبب تعثر مفاوضات الزيادة في رواتب الموظفين وعجز الحكومة عن معالجة تدهور المقدرة الشرائية للتونسيين وارتفاع التضخم إلى مستويات غير مسبوقة”. وأوضح الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، الخميس، إثر انتهاء أعمال هيئة إدارية للاتحاد، دامت يوما واحدا بمدينة الحمامات (شرقي تونس) أن القرار جاء بسبب “تفشي التهريب والاقتصاد الموازي وغياب الجباية العادلة وخاصة في ظل الأزمة السياسية التي تلقي بظلالها على الأوضاع في البلاد”. وأضاف أن هيئات إدارية ستعقد اجتماعات في مواقع العمل لإطلاع العمال على حقيقة الأوضاع في البلاد، دون تقديم تفاصيل. ولفت بيان الهيئة الإدارية للمنظمة إلى أن القرارات اتخذت على ضوء تقييم المفاوضات الاجتماعية المتعطلة في القطاع العام وفي الوظيفة العمومية، وأنها ناتجة عن رفض الاتحاد لسياسة الهروب إلى الأمام المتبعة من قبل الحكومة بخصوص التفويت في المؤسّسات العمومية تحت عناوين الخصخصة الجزئية أو الكلّية أو ما يسمّى بالشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام. وتقول الحكومة إن عددا من المؤسسات العمومية، ومن بينها البنوك خاصة، تواجه خطر الانهيار بسبب عجزها المالي المستمر والزيادة الكبيرة في عدد الموظفين وترى في الخوصصة إنقاذا لها، في حين يعارض الاتحاد هذه الخطة بشدة. وسبق للاتحاد أن نفذ إضرابات عامة منذ اندلاع ثورة يناير 2011، إلا أن مراقبين يشيرون إلى أن التوجه لشن إضراب عام مرتبط بتطورات الساحة السياسية وخاصة بعد أن عجز اتحاد الشغل رفقة عدة أحزاب وفي مقدمتها نداء تونس عن إسقاط الحكومة. التوجه لشن إضراب عام مرتبط بتطورات الساحة السياسية خاصة بعد أن عجز اتحاد الشغل رفقة عدة أحزاب وفي مقدمتها النداء عن إسقاط الحكومة ويطالب عدد من الأحزاب السياسية وفي مقدمتها حزب نداء تونس، بإقالة الحكومة الحالية بدعوى فشلها في إنعاش الاقتصاد واحتواء التوترات الاجتماعية المتكررة. ويدعم هذه الخطة الاتحاد العام التونسي للشغل، كبرى المنظمات النقابية. لكن رئيس الوزراء يوسف الشاهد نجا من محاولات تيار المدير التنفيذي لحزب النداء (حافظ السبسي) والنقابات لإقالته من منصبه، وتمكن من قلب معادلة المشهد السياسي لصالحه، ففي الوقت الذي يتآكل فيه نفوذ حزب النداء بالبرلمان بعد أن أضعفته الانشقاقات، تمكن الشاهد من تشكيل بديل سياسي يدعمه في البرلمان بتكوين كتلة الائتلاف الوطني التي تقول إنها تدعم الاستقرار الحكومي. ويستمد الشاهد ثقته أيضا من حصوله على دعم النهضة، وهي القوة الأولى في البرلمان ولها 69 نائبا، والتي تقول إنها تدعم الاستقرار الحكومي في وقت حساس تحتاج فيه البلاد إلى إصلاحات اقتصادية. ويرى المراقبون أن إقرار الاتحاد إضرابا عاما يهدف إلى المزيد من الضغط على الحكومة وتضييق الخناق على الشاهد وجعله يصطدم باحتجاجات عمالية وشعبية، قد تدفع إلى تنحيه عن السلطة. واعتبر جلال غديرة النائب بالبرلمان عن كتلة الائتلاف الوطني في تصريح لـ”العرب” أن اتخاذ قرار الإضراب في القطاع العمومي سابق لأوانه، مشيرا إلى أن المنظمة النقابية استبقت نتائج المفاوضات مع الأطراف الحكومية. واستبعد غديرة أن تكون وراء قرار شن الإضراب العام أي مدلولات سياسية، مستندا إلى ما صرّح به في الأيام الأخيرة الأمين العام لاتحاد الشغل حيث قال “إن مسألة مستقبل الحكومة ورئيسها الشاهد باتت مسألة برلمانية بحتة”. ونفى غديرة ما تم تداوله بشأن إدراج الحكومة لعدة مؤسسات عمومية قصد التفويت فيها للقطاع الخاص. ويتعرض الاتحاد العام التونسي للشغل وفق تصريحات قياداته إلى حملات تشويه ممنهجة في الفترة الأخيرة بسبب دعوته إلى إسقاط الحكومة وانتقاد خياراتها، علما أن المنظمة كانت وإلى حدود يناير 2018 من أهم المساندين ليوسف الشاهد قبل أن تتغير المعادلة في الأشهر الأخيرة خاصة عقب نقاشات قصر قرطاج بشأن “وثيقة قرطاج 2” التي تضمنت بندا طالب بتغيير الشاهد. ويقول الاتحاد إن مهمته الدفاع عن الملفات الاجتماعية وحماية المقدرة الشرائية للمواطن، ويؤكد أن خلافه مع الحكومة ذو بعد اجتماعي وليس امتثالا لأجندة سياسية معينة. وتعاني تونس من أزمة اقتصادية منذ نحو ثماني سنوات مع عزوف المستثمرين وارتفاع عدد العاطلين عن العمل، وتسعى لدعم ميزانيتها عبر برنامج تمويل بقيمة 2.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي الذي يضغط على تونس لتسريع نسق الإصلاحات، في حين يعارض الاتحاد رضوخ الحكومة للمانحين الدوليين. وقال عصام الشابي الأمين العام للحزب الجمهوري لـ”العرب” إن “القرارات التي اتخذتها المنظمة النقابية هي من صميم عملها النقابي خاصة في ظل تراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وبسبب فشل خيارات الحكومة ومن خلفها أحزاب الائتلاف الحاكم”. واستهجن ما أسماه بـ”الحملات المسعورة” التي تشنها العديد من الجهات السياسية المساندة للحكومة ضد اتحاد الشغل كأكبر منظمة نقابية بالبلاد أو ضد قياداته. ودعا الشابي كل العائلات السياسية إلى الالتفاف حول مطالب اتحاد الشغل التي تعد من صميم ممارسته النقابية بعيدا عن المشاحنات السياسية وتخويف الرأي العام بأن المسألة حمالة لأبعاد سياسية هدفها الوحـيد مواصلة الصراع مع رئيس الحكومة.

مشاركة :