تطوق قوات الدرك الجزائري منذ أول من أمس كل مداخل العاصمة، من الضواحي الشرقية والغربية والجنوبية، لمنع المئات من العسكريين السابقين المصابين خلال فترة المواجهة مع الإرهاب من الوصول إلى مقري وزارة الدفاع ورئاسة الجمهورية لتبليغ مطالب اجتماعية واقتصادية.ولوحظت في الجهة الشرقية للعاصمة أمس أعداد كبيرة من رجال الدرك، بعتادهم المضاد للشغب والمظاهرات، لصد مسيرة العسكريين السابقين الآتية من «حوش المخفي»، وهو المعقل الرئيسي لـ«التنسيقية الوطنية لمتقاعدي ومعطوبي الجيش وذوي الحقوق». ويقع هذا المكان في منطقة الرغاية (30 كلم شرق العاصمة). ويرمز «حوش المخفي» إلى أول تنظيم مسلح لمدنيين جندتهم السلطات العسكرية في تسعينات القرن الماضي لمواجهة «الجماعة الإسلامية المسلحة». ويرى هؤلاء أنهم كانوا «في فم المدفع»، بحسب تعبيرهم، أيام الاقتتال مع المتطرفين، وأن الحكومة «تخلت عنهم» بعد انتصارها.ولاحظ مارة في الطريق بين البليدة والعاصمة المشاهد نفسها، فقد منعت قوات الدرك المئات من المحتجين، وأغلقت الطريق بالجرافات والمتاريس. واعتقل قياديون من المنظمين، وتوقف المحتجون أمام نقاط المراقبة الأمنية التابعة لرجال الدرك لمحاولة إقناعهم بفتح الطريق من دون جدوى، وبدا واضحاً أنهم تلقوا تعليمات صارمة بالتصدي للمظاهرات.وتسبب تطويق العاصمة في حالة استياء كبيرة لمئات الآلاف من الأشخاص بسبب تأخرهم عن الالتحاق بأماكن العمل والمدارس والجامعات. واشتكى كثير في صفحات التواصل الاجتماعي من «ضغط نفسي رهيب عاشه أصحاب المركبات، من دون الحديث عن المرضى والأطفال والعجزة، وضياع الوقت والجهد والخسائر الاقتصادية جراء إغلاق الطرق المؤدية إلى العاصمة».وأعد المنظمون لائحة من 37 مطلباً، أهمها مراجعة المعاشات العسكرية، ورفع رتب الجرحى والمتقاعدين، ورفع «منحة الجريح»، وإصدار «وسام الجريح» لجميع الجرحى، ووسام الاستحقاق العسكري، ووسام الشرف لجميع مصابي المواجهات، والوسام العسكري لجميع المتقاعدين العسكريين، ومنح صفة شهيد لكل الذين سقطوا في أثناء المواجهة مع الإرهاب، وما يترتب على ذلك من حقوق وتعويضات شبيهة بما يتقاضاه أبناء وأرامل شهداء حرب التحرير من الاستعمار. كما يطالب هؤلاء برخص استغلال سيارات الأجرة لكل متقاعدي الجيش.وترفض وزارة الدفاع استقبال وفد «التنسيقية» منذ أكثر من عام. وقالت مطلع العام الحالي، عندما بلغ غضب المحتجين ذروته، إن «متقاعدي الجيش يقدّمون أنفسهم كضحايا هُضمت حقوقهم الاجتماعية والمادية، ويستعملون الشارع كوسيلة ضغط لفرض منطقهم»، وأفادت بأن «القيادة العليا للجيش كانت قد أصدرت تعليمات إلى مصالحها المختصة، عبر مختلف النواحي العسكرية، منذ 2013، واتخذت التدابير والإجراءات اللازمة كافة... مما سمح بتسوية غالبية الملفات المودعة». وأضافت أنها «تلاحظ وجود عناصر لا علاقة لها بهذا الملف، كونها تحاول إدراج مطالبها ضمن مطالب الفئات المعنية، في حين أنها تدخل ضمن فئة المشطوبين من صفوف الجيش الوطني الشعبي لأسباب انضباطية وقضائية».
مشاركة :