يعتقد حزب العمال المعارض في بريطانيا بأن حكومة حزب المحافظين تمرّ في أكثر لحظاتها ضعفاً، وأنها على وشك انهيار، نتيجة خلافات على خطة خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت)، وأنها قد تعمد إلى تنظيم انتخابات نيابية مبكرة تعيد خلط الأوراق. وأدى ذلك إلى بروز توجّهات داخل الحزب، تدعو إلى التقاط هذه اللحظة التاريخية، وطرح الثقة برئيسة الوزراء تيريزا ماي في مجلس العموم (البرلمان)، في أقرب فرصة. وكانت ماي اعتبرت أن المحادثات مع بروكسيل بلغت مأزقاً، بعد قمّة سالزبورغ، لكنها أكدت أمس أن بلادها لن تتراجع أمام الجمود في المفاوضات. وقالت لصحيفة «صنداي إكسبرس»: «حان الوقت لفعل ما هو في مصلحة بريطانيا، وحانت لحظة الثبات ورباطة الجأش». وأشارت الصحيفة إلى أن رئيسة الوزراء وفريقها يعدّان لخطة طارئة لتنظيم انتخابات مبكرة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، من أجل إنقاذها وخطتها لـ «بريكزيت». ونقلت عن مساعد استراتيجي لماي قوله: «الردّ على إذلالها في القمة الأوروبية ورفض خطتها، يجب أن يكون دعماً شعبياً من خلال الانتخابات». لكن دومينيك راب، الوزير المكلّف ملف «بريكزيت»، نفى أن تكون ماي تفكر في الانتخابات، وأكد أن المملكة المتحدة لا تسعى إلى اتفاق مع بروكسيل شبيه بالاتفاق الكندي معها. وأصرّ على أن الحكومة ستواصل المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي «بناءً على خطة رئيسة الوزراء، وما نمرّ به ليس سوى عقبة في الطريق، وسنحافظ على هدوء أعصابنا ونستمر في المفاوضات بنيّة حسنة». في المقابل، بدأ حزب العمال مؤتمره السنوي، آملاً بإثبات جاهزيته لإطاحة حكومة ماي، على رغم انقسام في صفوفه حول «بريكزيت»، واتهامات بمعاداة السامية. ويبدو أعضاء الحزب مصرّين على فرض نقاش وتصويت في المؤتمر، للدفع في اتجاه تنظيم استفتاء ثانٍ، وهذا اقتراح يعارضه زعيم الحزب جيريمي كوربن، إذ يفضل تنظيم انتخابات جديدة. وقال في هذا الصدد إن «هناك تصويتاً على هذه المسألة في المؤتمر، ولا أعرف النتيجة»، مؤكداً التزامه أي قرار يتخذه المؤتمر. وأضاف أن «40 في المئة من ناخبي الحزب صوّتوا لمصلحة الخروج من التكتل، و60 في المئة مع البقاء فيه، وتعرفون أن أحداً من الطرفين لم يصوّت من أجل فقدان عمله أو خفض مستوى معيشته. الجميع أراد أن تكون البلاد في وضع اقتصادي أفضل». وتابع: «نفضّل انتخابات عامة، وعندها يمكننا التفاوض على مستقبل علاقتنا بأوروبا، ولكن دعونا نرى ماذا سيسفر عنه المؤتمر». ولفت إلى أن الحزب «مستعد للتصويت ضد أي اتفاق، إذا لم يستطع اجتياز اختباراتنا من أجل إعادة الحكومة مباشرة إلى طاولة التفاوض، إذا كانت لا تزال في الحكم»، وزاد: «إذا نُظمت انتخابات عامة وتولينا الحكم، سنتوّجه مباشرة إلى طاولة التفاوض». وعلمت «الحياة» من مصادر بارزة في حزب العمال، أن كوربن لن يعارض رأي الغالبية، سواء قررت تنظيم استفتاء ثانٍ على «بريكزيت»، أو الاستعداد لانتخابات مبكرة، أو السعي إلى فرضها. في السياق ذاته، قال النائب العمالي توم واتسون: «إذا أيّد أعضاء الحزب في المؤتمر فكرة تنظيم استفتاء ثانٍ على الطلاق، سيكون صعباً على زعامة الحزب تجاهلها. إذا قرر مؤتمر الحزب ذلك، يبدو غير معقول أن نتحدى هذا القرار. هذه الحكومة على شفا انهيار، وقد ننظّم انتخابات عامة أخرى تدور أساساً حول الخروج من الاتحاد الأوروبي». وشهد مؤتمر حزب العمال دعوات إلى استغلال خلافات داخل حزب المحافظين، و «غضب عام من إدارة ماي للمفاوضات مع بروكسيل»، من أجل طرح الثقة برئيسة الوزراء في البرلمان، بعد رفض الاتحاد خطتها. وقال قيادي في الحزب: «إذا رفض البرلمان خطة ماي، سيقدّم نوابنا اقتراحاً بحجب الثقة عنها. الحزب كان واضحاً دائماً في موقفه الداعي إلى تنظيم انتخابات، وسنضغط في هذا الاتجاه». وينصّ قانون معدّل على طريقتين لتنظيم انتخابات مبكرة، لا تأخذان في الاعتبار الفترة المحددة بخمس سنوات: الأولى موافقة ثلثَي النواب على تنظيمها، والثانية يفضلها حزب العمال، وهي طرح التصويت على عدم الثقة بالحكومة.
مشاركة :