لا يكل المخرج الجزائري مرزاق علواش من مطاردة التطرف الفكري والديني في أفلامه حتى بعد أن تجاوز السبعين من العمر فيعود ويقدم فيلمه الأحدث (ريح رباني) عن قصة تجمع بين صناعة الموت ومقاومة الحب. الفيلم إنتاج جزائري/فرنسي/لبناني مشترك ومن بطولة سارة لايساك ومحمد أوغليس وحسن بن زراري وشارك في وقت سابق من سبتمبر أيلول بمهرجان تورونتو السينمائي في كندا. ويشكل حلقة جديدة ضمن سلسلة أفلام تصدى فيها علواش (73 عاما) للفكر المتطرف وانتشاره منها (باب الواد سيتي) و(العالم الآخر) و(التائب). يتناول (ريح رباني) قصة شاب وامرأة ترسلهما جماعات إرهابية لتنفيذ عملية انتحارية ضد منشأة نفطية في الجزائر لكن خلال الأيام القليلة التي تجمعهما في بيت واحد قبل الهجوم تنشأ علاقة حب من طرف واحد تغير مصيرهما معا. وتدور الأحداث بالكامل في الصحراء وتأتي الصورة باللونين الأبيض والأسود وهو ما فسره المخرج في مناقشة مع الجمهور بعد عرض الفيلم أمس الأحد بمهرجان الجونة السينمائي بأنه “عاشق للصحراء التي استخدمها كثيرا في أفلامه السابقة” كما أراد باللونين الأبيض والأسود “أن يركز المشاهد على بطلي العمل دون الانشغال بما حولهما من تركيبة بصرية في المشهد لأنهما المحركان الرئيسيان للأحداث”. وعلى مدى 96 دقيقة يقدم المخرج القليل جدا عن خلفية البطلين ودوافعهما للإقدام على تفجير المنشأة النفطية ليترك المساحة الأكبر للعلاقة الإنسانية التي تنشأ بينهما وإفضاء كل منهما للآخر بما تختزنه نفسه من آلام وحب وكره وخوف وتعاملهما مع الهجوم المرتقب. وقال علواش “الإرهاب قضية معروفة ومحسومة لا تحتاج مني إلى سرد طويل في الفيلم حتى أشرحها للمشاهد لكن ما أردته هو اقتناص فترة زمنية قصيرة يتواجد فيها الاثنان معا ويواجهان هذا الموقف المصيري”. ومع اكتمال القصة في نهاية الفيلم يسمح المخرج بتدفق قدر من المعلومات عن المرأة التي يتضح أنها منخرطة في الأعمال الإرهابية منذ سنوات ومطلوبة لدى عدة دول بينما تظل هوية الشاب الذي لم يتجاوز العشرين من عمره غير واضحة. وقال علواش “الشاب هو نموذج لحديثي السن الذين تؤثر عليهم الجماعات المتطرفة وتجذبهم نحوها بدعوى الجهاد والقصد منه الرمز إلى تلك الجثث مجهولة الهوية التي يُعثر عليها بعد العمليات الإرهابية ويظل سر تواجدها بالمكان أو مشاركتها في الحادث مجهولا لأن ليس لها نشاط سابق”.
مشاركة :