تواصل – وكالات: أجبرت العقوبات الأمريكية على إيران المقرر تطبيقها في وفمبر المقبل، الشركات العالمية على إعادة النظر في استثماراتها هناك، حيث تتوالى الانسحابات يوما بعد يوم. وبحسب “رويترز”، تخلى بنك ببيفرانس الفرنسي المملوك للدولة عن خططه لتأسيس آلية لمساعدة الشركات الفرنسية في التجارة مع إيران، في مواجهة العقوبات الأمريكية على طهران. وكان البنك قد أكد في وقت سابق هذا العام أنه يعمل على مشروع لتمويل الشركات الفرنسية الراغبة في تصدير سلع إلى إيران رغم العقوبات الأمريكية. وقال نيكولا دوفورك الرئيس التنفيذي للبنك “جرى تعليقها، الشروط غير مستوفاة، والعقوبات تطول الشركات”. يشار إلى أن بنك ببيفرانس كان يعمل على توفير ضمانات تصدير مقومة باليورو للمشترين الإيرانيين للسلع والخدمات الفرنسية. ومن خلال هيكلة التمويل عبر أدوات بدون أي ارتباط أمريكي، كان “ببيفرانس” يعتقد أن من الممكن تجنب الوقوع تحت طائلة التشريعات الأمريكية المطبقة خارج حدود الولايات المتحدة. ورغم أن بعض الدول الأوروبية قالت “إنها تسعى لحماية شركاتها من العقوبات”، أعلنت شركات كبرى مثل شركة النفط توتال وإير فرانس-كيه.إل.إم والخطوط الجوية البريطانية “بريتش إيروايز” أنها ستعلق أنشطتها في إيران. كما قالت متحدثة باسم “أوتوتك” الفنلندية لتكنولوجيا التعدين أمس، “إن الشركة ستنسحب من إيران بسبب العقوبات الأمريكية الجديدة”. وتعمل “أوتوتك” على بناء المصانع وتصنيع المعدات وتقديم الخدمات إلى صناعات المعادن ومعالجة المعادن، ولها تاريخ طويل في إيران، وبقيت في السوق بعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على طهران في 2010. وبدأت أنشطة الشركة في العودة إلى طبيعتها بعد إبرام الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، ما ساعد “أوتوتك” في الحصول على طلبيات من الشركة الوطنية لصناعة النحاس الإيرانية والشركة الإيرانية الدولية للهندسة. تأتي أحدث العقوبات على إيران بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران. وأعيد فرض بعض العقوبات على إيران في السادس من أغسطس الماضي بينما سيبدأ سريان البعض الآخر في الرابع من نوفمبر المقبل. وقالت المتحدثة إيلا باتيلا لـ “رويترز”، “نمتثل لكل العقوبات القائمة، مشاريعنا في إيران في مراحلها النهائية بالفعل، ونهدف إلى استكمال مشروعاتنا بحلول الرابع من نوفمبر”. ولم تفصح “أوتوتك” عن إجمالي حجم أنشطتها في إيران، لكنها أكدت في مايو الماضي أن السوق لا تمثل حصة كبيرة من مبيعاتها العالمية البالغة نحو 1.2 مليار يورو “1.41 مليار دولار”. وتتعلق طلبية الشركة الوطنية لصناعة النحاس الإيرانية بوحدات إنتاج لحمض الكبريتيك لمصاهر النحاس بقيمة نحو 50 مليون يورو. أما طلبية الشركة الإيرانية الدولية للهندسة فتخص تكنولوجيا بقيمة 45 مليون يورو لمصنع حديد. كما قال متحدث باسم شركة إيه.بي فولفو السويدية للشاحنات أمس، “إن الشركة أوقفت تجميع شاحنات في إيران، لأن العقوبات الأمريكية تحول دون حصولها على مستحقاتها”. وأجبرت العقوبات شركات في ألمانيا ودول أوروبية أخرى على إعادة النظر في الاستثمار في إيران. وقال فريدريك إيفارسون المتحدث باسم فولفو “إن المجموعة ربما لن تتمكن من الحصول على مستحقاتها مقابل أي أجزاء تقوم بشحنها وبالتالي قررت وقف نشاطها في إيران في ضربة أخرى لصناعات السيارات الإيرانية التي تمكنت على عكس قطاعي الطاقة والمصارف من توقيع اتفاقات مع كبرى الشركات الأوروبية”. وأضاف إيفارسون “مع كل هذه العقوبات والإجراءات الأمريكية. لا يعمل النظام المصرفي في إيران. لا نستطيع الحصول على مستحقاتنا”. وطبق الاتحاد الأوروبي قانونا لحماية شركاته لكن العقوبات حالت دون تعامل المصارف مع الشركات الإيرانية، إذ يمكن لواشنطن أن تمنع أي مصرف يقدم تسهيلات لهذه الشركات من التعامل من خلال النظام المالي الأمريكي. إلى ذلك، قال مسؤولان تنفيذيان في “كوزمو أويل” اليابانية لتكرير النفط “إن الشركة أحلت إمدادات من منتجين في الشرق الأوسط محل واردات الخام الإيراني وذلك قبل سريان العقوبات الأمريكية على طهران في نوفمبر”. وأكد اتحاد المصافي في اليابان، رابع أكبر مستورد للخام في العالم، أن شركات التكرير أوقفت الواردات من إيران في منتصف سبتمبر الجاري لإتاحة الوقت لسداد المدفوعات المستحقة قبل تطبيق العقوبات. وقال شونيتشي تاناكا رئيس “كوزمو أويل” لـ “رويترز” قبيل انطلاق أعمال مؤتمر النفط لآسيا والمحيط الهادي “لن تستورد اليابان خاما من إيران في نوفمبر بسبب العقوبات الأمريكية”. وتورد السعودية والإمارات والكويت كميات إضافية من الخام إلى “كوزمو أويل” لتحل محل عشرة آلاف برميل يوميا من إيران أو 5 في المائة من واردات الشركة حسبما ذَكر. وأضاف ماساشي ناكايانا مدير التوريد في المصفاة “بعض هؤلاء المنتجين زاروا اليابان وقالوا لنا إذا أردتم مزيدا من النفط فيمكننا أن نورده”. وتدرس “أوبك” ومنتجون آخرون زيادة الإنتاج بواقع 500 ألف برميل يوميا لتعويض نقص الإمدادات من إيران. وقال ناكاياما “ثمة مجال لزيادة إنتاج السعودية لتغطية النقص. لا يمكن أن يعوضوا كل شيء لكن يمكن تغطية جزء بحيث لا يكون التأثير في السوق ككل كبيرا”. وفي ظل العقوبات الأمريكية السابقة حصل عدد من المشترين على إعفاء إذا خفضوا وارداتهم، لكن الإدارة الحالية تهدف إلى وقف صادرات إيران بالكامل لإرغامها على إعادة التفاوض على الاتفاق النووي. وقال المسؤولان التنفيذيان “إن مسؤولين تجاريين يابانيين سيزورون واشنطن أواخر الشهر الجاري في محاولة للتفاوض على استثناء من العقوبات”. من جهة أخرى، أكد مسؤول تنفيذي كبير في “ترايفجورا” لتجارة السلع الأولية أمس، أن إيران ستصدر كميات أقل بكثير من النفط مقارنة بالتوقعات الأولية عندما أعلنت الولايات المتحدة أنها ستعيد فرض العقوبات على طهران وأن ذلك سيعزز الأسعار. وقال بين لوكوك المدير المشارك لتداول النفط في “ترافيجورا” متحدثا للصحافيين “أعتقد أنه عندما أُعلنت العقوبات للمرة الأولى قبل عدة أشهر، كان الناس يقدرون الخفض بين 300 و700 ألف برميل يوميا، وأعتقد أن التوقعات تحركت إلى خفض أكثر بكثير من مليون برميل يوميا، وربما 1.5 مليون برميل يوميا”. ويتعرض المشترون في أنحاء آسيا لضغوط أمريكية من أجل تقليص وارداتهم من النفط الإيراني مع استهداف واشنطن وقف صادرات ثالث أكبر مصدر في “أوبك” لإجبار طهران على إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي. لكن لوكوك أضاف أن “الشركات الصينية ستواصل استيراد النفط الإيراني بينما سيخفض المشترون التقليديون الكميات، لكن من المستبعد أن يتوقفوا تماما”. وقال على هامش مؤتمر النفط لآسيا والمحيط الهادي في سنغافورة “تصدير النفط الإيراني لن يتوقف تماما، لكنه سيقل كثيرا عن ذي قبل. ومن المرجح أن يصبح أقل كثيرا مما توقعه معظم الناس عندما أُعلنت العقوبات، والنتيجة أسعار النفط المرتفعة”. وأوضح أن المشترين يفضلون النفط العراقي والمكسيكي كبديل للخام الإيراني. وكان لوكوك قد قال في وقت سابق خلال المؤتمر “إنه يتوقع أن ترتفع أسعار النفط إلى 90 دولارا للبرميل بحلول عيد الميلاد و100 دولار للبرميل بحلول العام الجديد من نحو 80 دولارا للبرميل من خام برنت حاليا وذلك بفعل قوة الطلب العالمي”. وذكر لوكوك، الذي ترقى في يوليو الماضي من منصبه السابق كمدير مشارك لقسم المخاطر، أن تراجع إنتاج فنزويلا والطلب العالمي القوي على النفط من المرجح أن يعززا أسعار النفط أيضا. وأوضح أن زيادة الطاقة التكريرية في آسيا ستزيد الطلب على النفط الخام هي الأخرى. وقال “هذه أوقات مثيرة في ظل بدء تشغيل عدد من مصافي التكرير الجديدة والتغييرات الحاصلة في سوق النفط الخام في أنحاء العالم، لذا من المفترض حقا أن نشهد تقلبات زائدة في المستقبل”. وأشار إلى أن العام الجاري انطوى على تحديات للصناعة، لكن العام المقبل يبدو باعثا على التفاؤل أكثر.
مشاركة :