ارتفعت أسعار النفط اثنين في المئة أمس مع تقييد العقوبات الأميركية لصادرات الخام الإيرانية ما يتسبب في شح في الإمدادات العالمية بينما يتوقع بعض المتعاملين طفرة في سعر الخام قد تصل به إلى مئة دولار للبرميل، وارتفعت الأسعار في ظل شح الأسواق الأميركية قبيل أسابيع قليلة فحسب من خطة واشنطن لفرض عقوبات جديدة على إيران بينما توقع متعاملون كبار وبنوك أن يتجاوز السعر 90 دولارا للبرميل في الأشهر المقبلة، في حين سجل خام برنت أعلى مستوى في نحو 4 سنوات ولامس مستوى 81 دولارا. وكانت العقود الآجلة لخام برنت عند 79.82 دولار للبرميل مرتفعة بذلك 1.02 دولار بما يعادل 1.3 في المئة عن إغلاقها السابق. وزادت عقود الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 82 سنتا أو 1.2 في المئة لتسجل 71.60 دولارا للبرميل. ومخزونات النفط الخام التجارية الأميركية عند أدنى مستوياتها منذ أوائل 2015 وسط سوق شحيحة، وفي حين يظل الإنتاج قرب مستوى قياسي يبلغ 11 مليون برميل يوميا فإن خفوت نشاط الحفر بالولايات المتحدة في الفترة الأخيرة يشير إلى تباطؤ. وقالت شركتا تجارة النفط ترافيجورا ومركوريا أمس إن برنت قد يرتفع إلى 90 دولارا للبرميل بحلول عيد الميلاد وقد يتجاوز المئة دولار في أوائل 2019 حيث ستتسم الأسواق بشح المعروض فور تطبيق العقوبات الأميركية على إيران من نوفبمر. ويتوقع جيه.بي مورجان أن تفضي العقوبات إلى فقد 1.5 مليون برميل يوميا في حين حذرت مركوريا من أن ما يصل إلى مليوني برميل يوميا قد يخرج من السوق. وتبحث منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمنتج الكبير روسيا زيادة الإنتاج لتعويض نقص المعروض من إيران لكن قرارا لم يُعلن حتى الآن. وقال إدوارد بيل، محلل أسواق السلع الأولية في بنك الإمارات دبي الوطني «نتوقع أن تعمد دول أوبك التي لديها طاقة فائضة متاحة، بقيادة السعودية، إلى زيادة الإنتاج لكن دون تعويض تراجع البراميل الإيرانية بالكامل». وقال جيه.بي مورجان في أحدث توقعاته للسوق، المنشورة يوم الجمعة، إن طفرة إلى 90 دولارا للبرميل مرجحة لأسعار النفط في الأشهر المقبلة بسبب عقوبات إيران. وقال البنك إنه يتوقع أن يبلغ متوسط سعر برنت وغرب تكساس الوسيط 85 و76 دولارا للبرميل على الترتيب على المدى الأشهر الستة المقبلة. في غضون ذلك، فإن شركات التكرير الهندية، التي تكابد ارتفاعا في أسعار الخام وتراجعا في الروبية الهندية إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار، تستعد لتقليص واردات الخام واستخدام المخزونات التجارية كبديل. إلى ذلك رفع بنك أوف أميركا ميريل لينش توقعاته لسعر النفط في العام القادم بفعل ما قال إنه تراجع أكبر في صادرات إيران عن تكهناته السابقة نظرا لموقف أكثر تشددا من جانب الولايات المتحدة. وزاد البنك توقعه لسعر خام برنت في 2019 إلى 80 دولارا للبرميل من 75 دولارا، ورفع توقعه لسعر خام غرب تكساس الوسيط إلى 67 دولارا للبرميل في 2018 و71 دولارا في 2019 من 65 و69 دولارا للبرميل على الترتيب. وقال في مذكرة بحثية «توقعاتنا السابقة انطوت على فقد للمعروض الإيراني لا يزيد على 500 ألف برميل يوميا، أصبحنا نفترض الآن خفضا قدره مليون برميل يوميا». وأضاف «العامل الإيراني قد يهيمن على السوق في المدى القريب ويتسبب في طفرة لكن بواعث القلق بشأن طلب الأسواق الناشئة قد تعود». وقفزت أسعار النفط أكثر من اثنين في المئة إلى أعلى مستوياتها في أربع سنوات بعد أن أحجمت «أوبك» عن إعلان زيادة فورية في الإنتاج رغم دعوات الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتحرك لزيادة المعروض العالمي. وكانت السعودية أكبر منتج في «أوبك» وروسيا أكبر حليف نفطي لها خارج المنظمة قد استبعدتا أول من أمس أي زيادة جديدة فورية في إنتاج الخام. من جهة أخرى قالت يونيبك الصينية أمس إن الطلب العالمي على النفط سيصل إلى 104.4 ملايين برميل يوميا في 2035 مرتفعا عن المستوى الحالي الذي يقل قليلا عن 100 مليون برميل يوميا في الوقت الذي تحد فيه التكنولوجيا الجديدة بشكل تدريجي من استخدام النفط. وقال تشين بو رئيس يونيبك خلال مؤتمر البترول السنوي لآسيا والمحيط الهادي (أبيك) في سنغافورة أمس إن تحسن كفاءة الطاقة والتغيرات التكنولوجية بما في ذلك ظهور الطاقة المتجددة يعني أن الطلب العالمي على النفط سيتباطأ خلال السنوات المقبلة ثم يبلغ الذورة في 2035. وتابع أن هذا بدوره سيؤدي إلى تباطؤ طاقة تكرير النفط العالمية التي يتوقع أن تصل إلى 5.6 مليارات طن في 2035. وقال «نعتقد إن الفترة من 2018 إلى 2035 ستكون الدورة الأخيرة لنمو طاقة التكرير العالمية، بعد 2035 من الصعب أن نرى تشييد مشروعات تكرير كبيرة باستثناء مشروعات تطوير صغيرة ومشروعات بتروكيميائيات». وأضاف تشين أن التحول صوب الوقود الأقل تلويثا سيعزز الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال ولا سيما في آسيا والمحيط الهادي بعد 2025. ويؤدي تصاعد الحرب التجارية بين الصين، أكبر مستورد للطاقة، والولايات المتحدة إلى إضعاف الطلب على الخام والغاز الطبيعي المسال الأميركي. وتفيد بيانات رسمية أن الولايات المتحدة صدرت 300 ألف برميل يوميا من الخام للصين في النصف الأول من 2018 و56 شحنة من الغاز المسال حتى يوليو تشكل نحو عشرة في المئة من إجمالي الصادرات. وقال تشن إنه على الرغم من الخلاف التجاري فإن النفط الخام الأميركي مصدر مهم جديد للمصافي الصينية لأنه يسمح لها بالتنويع بدلا من التعويل على نفط الشرق الأوسط وإفريقيا الذي تعتمد الصين عليه بشكل كبير. وأضاف أن توترات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين «ستستمر في الوقت الراهن وسنكون نشطين في هذا المجال في المستقبل. واستثنت الصين واردات النفط الأميركية من قائمة الرسوم حتى الآن لكن معظم العملاء الصينيين ينأون بأنفسهم عن النفط الأميركي في غياب أي مؤشرات على انحسار الحرب التجارية. واستأنفت يونيبك ورادات الخام الأميركي في سبتمبر بعد توقف لشهرين. وتتعرض الصين لضغوط من الولايات المتحدة لخفض الواردات من إيران بهدف تقليص صادرات ثالث أكبر مصدر في أوبك إلى الصفر لإرغامها على إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي. وقال تشن «أتوقع خفضا بسيطا لكن الحجم لم يتحدد بشكل نهائي»، من دون أن يعطي إطارا زمنيا للتخفيضات. وأضاف أن يونيبك استأنفت تحميل الكميات المعتادة من السعودية بعد أن قلصت الواردات في الفترة من مايو إلى يوليو. وقال إنه في ضوء الآلية الحالية للعرض والطلب في الأسواق العالمية فإن تحرك أسعار النفط الخام بين 60 و80 دولارا للبرميل شيء طبيعي.
مشاركة :