في المقعد الخلفي لحفلات المطربين قصص كثيرة، من بينهم المقدمون الذين كان لبعضهم مكانة في نفوس الفنانين حتى أصبحوا مطلوبين بالاسم لأهميتهم في التهيئة قبل صعود الفنان، وعلى رغم حداثة الحفلات العامة في المملكة فإن أسماء أضحت لها شهرتها، في هذا المجال، من بينهم الإعلامي السعودي فهد بن شليل، الذي قدم عددا من الفنانين خلال الحفلات التي أقيمت في اليوم الوطني. وقدم شليل أداء مختلفا ومغايرا، ولد لديه القصص والنوادر، ولكونها مهنته، فهو يصر على أن يطبع بصمته في مجال تُسلط عليه الضوء دوماً في مواسم شبه محددة. يحكي فهد لــ«الحياة» قائلا: «لا يمكن تخيل رهبة المسرح، وكمية الخوف، إنها لحظات التجربة الأولى، وأعتني بأول فيدو ظهرت به، والورقة التي قرأت منها المقدمة، ومن شدة التوتر كنت كمن تلعب به الرياح وتلف به يميناً ويساراً، نزلت خلف الكواليس ووجدت المدير التنفيذي سالم الهندي مبتسماً، بدأ يخف التوتر، فالتقطت هاتفي لأنتزع توتري من خلال ردود فعل المحيطين حولي، وبعد الوصلة الثالثة في مسيرتي لقيت نفسي مستقرا تقريباً نحو الثبات والثقة». وعلى رغم أن بعض الحفلات تتم بلا مقدمين فإن ذلك له رأي آخر، موضحاً: «هذا الأمر مستفز، ويحدث مع بعض المطربين السعوديين خارجاً، فيضطر في بعض الأحيان موظف عادي إلى تسلم المهمة خلف الكواليس، لكن الواقع الحقيقي يختلف، إذ لا مقدم بلا محاور، بالنسبة لي، أملك شخصيتي في التقديم، من خلال استحداث أساليب جديدة، ولم أعتمد تعريف الفنان بأغنياته يوماً، ذلك لأن اختيارها في المقدمة قد لا يتوافق مع ما سيقدمه للجمهور، إنما فرضت في تقديمي للضيوف، وخصوصا السعوديون منهم، تاريخ المملكة ومراحل تطور الفنان، وإلى أين وصل؟ وماذا قدم؟ وما حصده من القاب في مسيرته، كلماتي تتسلسل من القلب نحو القلوب الحاضرة والمتابعة، وحدث ذات يوم أن طُلب مني تقديم فنان لم أكن متابعا جيدا لما يطرحه، وحين بحثت عنه وجدته إنسانا بسيطا جداً في تعاطيه مع جمهوره، فكتبت عنه بما يشبهه ببساطة، وكانت من أجمل ما قدمت، واليوم أنا متابع جيد لما يطرحه». ولأن الجيدين هم الذين يحضرون لما يكتبون، ولا يتركون مساحة للارتجال الا في مساحات محددة، علق منبهاً: «الارتجال دليل عدم الاحتراف، فالمجتهد يتابع عمله، أو يضع لنفسه خطتين، بعض الظروف تأتي بما لا تشتهي السفن- أعطيك مثالاً- في حفلة الفنان عبادي الجوهر، وفي حضور أكثر من خمسة آلاف من الجمهور في الكويت عام 2014، انطفأت الكهرباء، ولاحظت كيف تعامل الجوهر مع الأمر بسلاسة وحنكة». الا أنه في حفلة ماجد المهندس وعبدالله الرويشد اعتذر الأخير عن إحياء حفلة المنطقة الشرقية لظروف صحية ألمت به، فكيف كان سيتعامل مع الأمر لو كان هو المقدم حينها؟ قال: «هناك عشر ساعات تعقب اعتذار الفنان، وهي كافيه لكتابة عشر مقدمات لا مجرد مقدمة واحدة». وشليل، الذي عشق مكانته، يقول: «أسعى إلى الحضور والإبداع في مهنتي التي أعشقها، وأطمح إلى ارتباط اسمي بفنانين كبار، محمد عبده هو التاريخ، وأحياناً يجذبني جمهور رابح صقر، وأخرى أراني أميل إلى من يغنون عن الوطن، والكل فيه الخير، أما عبادي الجوهر فهو فنان مختلف، وهناك مودة بيننا، وهو ينظر إلي نظرة أخوة واحتراف في العمل، وأتمنى ان يجيء اليوم الذي يطلبني فنان ما لتقديم حفلاته بالاسم». ومن المواقف التي مرت عليه يقول: «ليته كان خطأ في الكلمات، تعثرت ووقعت من المسرح أثناء انتهاء وصلتي، وحين وصلت الى المطرب، وكان وقتها عبادي الجوهر، قال لي مداعباً: لو لم تبدأ وصلتي لبقيت معك». وأردف: «يجب أن يدعم السعودي في وطنه، ويجب على هيئة الإعلام المرئي والمسموع المعنية بالإعلام التجاري الخاص تصنيف واضح للوظائف، من الخطأ أن يكون المخرج اعلاميا، وغيره، ولتحقيق رؤية 2030 لتمكين السعودي من مهماته القيادية مستقبلاً، يجب أن تكون هناك مبادئ واضحة في العمل للمستقبل وبناء جيل قيادي».
مشاركة :