من الواضح من مجريات الحرب التي يخوضها الجيش الوطني والقوات الشعبية بدعم من قوات التحالف العربي لاستعادة الشرعيةإلى اليمن أن عصابات الحوثيين تريد إطالة الحرب إلى أقصى مدة وتحويلها إلى حرب استنزاف. وتراهن عصابات الحوثيين في ذلك على تغيرات محتملة في المشهد العالمي يمكن أن توفر لها مخرجاً من هذا المأزق الذي أوقعت نفسها واليمن فيه. لكن لا يبدو أن هذا المشهد في صالحها حاليًا خاصة أن إيران، حليفها الرئيسي، باتت في مأزق أكبر لا تستطيع الانفكاك منه إلا بمعجزة. في الفترة الأخيرة استطاعت آلة الحوثيين الدعائية أن تستغل الحادث المؤسف الذي أودى بحياة عدد من الأطفال في قصف لقوات التحالف التي اعترفت بخطأ معلوماتي أدى إلى هذا الحادث الذي نتمنى أن لا يتكرر وهو ما وعدت به قوات التحالف بعدما أجرت تحقيقًا شفافًا في ملابسات الحادث. وعلى الرغم من أن هذا الحادث لا يقارن إطلاقًا بحوادث مماثلة سقط فيها مئات المدنيين في ظروف مماثلة في أفغانستان والعراق وسوريا وأماكن أخرى، إلا أن دوائر كثيرة لها مصالح وغايات وارتباطات خاصة حاولت شيطنة التحالف العربي وتناست قصدًا المتسبب الرئيس في مأساة اليمن وهو هذه العصابات المارقة التي استولت على السلطة بقوة السلاح لمصادرة إرادة الشعب اليمني وتهديد أمن المملكة. لقد جاءت مشاركة التحالف العربي في الحرب التي بدأت في 26 مارس 2015 بدعوة من الحكومة الشرعية ليس رغبة في الحرب وإنما لإجبار الانقلابيين الحوثيين على الانصياع للشرعية وإعادة السلاح المنهوب والرضوخ لمفاوضات سلام. لكن هذه العصابات وبتشجيع من إيران رفضت قرارات مجلس الأمن وأفشلت محادثات السلام التي يرعاها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، مارتن غريفيث، التي قام بجولات مكوكية كثيرة لهذه الغاية والتي كان آخرها اجتماعه بممثلين عن الحوثيين في مسقط. خلال الأربع سنوات الماضية، لم يقدّم الحوثيون أي مبادرة تشير إلى رغبتهم في السلام، بل استغلوا مخزون الصواريخ الباليستية التي استولوا عليها من مخازن الجيش اليمني وتلك التي زوّدتهم بها إيران لتهديد أمننا وسلامة أرضنا ومواطنينا، فقد أطلقوا حتى الآن 196 صاروخا تسببت في مقتل 112 مدنيا من المواطنين والمقيمين، وإصابةالمئات. لكن العالم يتجاهل هذه الجرائم وهناك دول فاعلة تكيل بمكيالين، كمايحدث في الحالة السورية، حيث حوّلت روسيا وحليفها بشار الأسد والميليشيات الطائفية الإيرانية والأفغانية وحزب الله، الأرض السورية إلى خراب وقتلت أكثر من نصف مليون مدني وشرّدت أكثر من نصف الشعب السوري. نحن لا نريد أن يحدث هذا في اليمن وقوات التحالف العربي تحرص على عدم سقوط ضحايا مدنيين مثلما أعلنت دائمًا ومثلما أعلن وزيرا خارجية ودفاع الولايات المتحدة في شهادتهما المكتوبة للكونغرس الأسبوع الماضي. لذلك، وفي ضوء هذا التعنت من الانقلابيين وحلفائهم، لم يعد هناك مجال للتراجع. ما هو مطلوب الآن هو تكثيف حملة التوعية والإعلام لإفهام من يناصرون جماعة الحوثيين سواء من المقتنعين بفكرهم الطائفي الدخيل على هذه الأرض العربية أو من بسطاء الناس المضللين بأن هذه العصابات الانقلابية تأخذهم إلى الهاوية وإلى مصير مجهول. إن منصات الدعاية والبروباغندا الحوثية معروفة ويسهل كشفها ويجب تدميرها وحجبها. الآن وقد بدأت معركة تحرير مدينة الحديدة فيجب أن لا تتوقف قبل أن ترفع راية النصر.
مشاركة :