القيصر.. صفعة غيرت التاريخ في ألمانيا

  • 9/25/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

"يوهان كرويف كان لاعبا أفضل مني، لكنني فزت بكأس العالم". فرانز بيكنباور صفعة من طفل صغير عمره الـ14 عاما بدأت أسطورة القيصر، لم يعلم أحد لما قرر أن ينضم إلى هذا الفريق بدلا من فريقه المفضل، ليصبح فيما بعد أسطورة مخلدة في عالم كرة القدم. يوليو 2003 أولي هيسي كتب في كتابه "قصة الكرة الألمانية"، عن صفعة حولت مسار فريق ميونيخ 1860، من تلقى الصفعة كان القيصر والأسطورة الكبيرة لفريق بايرن ميونيخ قبل أن ينضم للفريق، جعلته يرفض الانتقال إليهم. فيما بعد ذلك بأعوام قلائل خرج فرانز بيكنباور بتصريح لا ينسى. "لم تكن يد الله، لكن يد أحد لاعبي ميونيخ 1860 التي صفعتني وجعلتني أقرر مصيري". عام 1954 فاز منتخب ألمانيا الغربية بأول ألقابه كبطل للعالم، وقتها كان هناك فتى صغيرا يشاهد المنتخب يفوز في أعقاب الحرب العالمية الثانية كان في التاسعة من عمره وانبهر للغاية بهذا الإنجاز وتلك الاحتفالات واللاعبين الذين تحولوا لأبطال، لكن رغبته التي حددها :"أريد تحقيق إنجاز كبير مثل هذا". عام 1958 في عمر الـ14 عاما كان الكل يشهد بمستقبل الفتى الصغير فرانز بيكنباور، قوي البنية ويجيد التغطية وكل شخص يعلم جيدا أن مستقبله سيكون مع منتخب ألمانيا. كان لاعبا لفريق 1906 ميونيخ، وفي مباراة أشبه بالدربي، في نهائي بطولة تحت 14 عاما ضد فريق ميونيخ 1860 الذي يشجع بيكنباور نشب صراع بين اللاعبين. كشافو نادي ميونيخ 1860 ومدرب فريق الشباب كانوا يتابعون المباراة، حينما نشب الشجار واشتبك اللاعبون الصغار مع بعضهم البعض، يد من بين الشباب صفعت الفتى الصغير فرانز صفعة قوية، و3 متهمين كانوا أمامه وعيناه ممتلئة بدموع الغضب وهو يشتعل بشعور الحسرة والرغبة في الانتقام. كان بينكباور يتشاجر حول خطأ ارتكب بينه وبين لاعب الخصم وكان يلعب في خط الدفاع، وأثناء الحديث جاءت الصفعة الغامضة. لم يعرف إلى يومنا هذا من فعل ذلك، وبيكنباور لم يعلم، لكنه ظل يكن غضبا وحقدا ولم ينسها أبدا. في صباح اليوم التالي كان قد اتخذ قراره لن ينضم أبدا إلى ميونيخ 1860، لكنه سينضم إلى صفوف بايرن. "يمكنكم جميعا أن تنضموا إلى 1860 لكنني سأنضم إلى بايرن". وبصفته قائدهم الذي يثقون في رأيه. تبعوه إلى بايرن وانضموا سويا للفريق. بايرن ميونيخ نهاية فترة الخمسينيات وبداية الستينيات لم تكن تلك أفضل أعوام بايرن، لم يكن ذلك العملاق الشهير حاليا، في بدايات بيكنباور حصل على أفضل فرصة ممكنة، للتطور والمشاركة. من حسن حظ بيكنباور أن ميونيخ 1860 تمت دعوته لينضم للدوري الألماني عام 1963، كان بيكنباور لا يزال في فريق شباب بايرن، واضطر بايرن ميونيخ وقتها أن يبيع أفضل مواهبه نظرا لأنهم حصلوا على عقود احترافية لا يمكن رفضها، لم يمتلك بايرن وقتها سوى تصعيد الشباب للعب مع الفريق. قضى بايرن موسمين خارج الدرجة الأولى، الشاب بيكنباور سجل 17 هدفا في أول موسم يلعبه بشكل كامل دون غياب، ومنذ ذلك الوقت بدأت قصته، كان يلعب في خط الوسط. وصفه أولي هونيس بـ"كان ذكيا ويعي كل شيء ويمتلك أدواته الخاصة لكي ينهي المباراة لصالح بايرن". بيكنباور في تلك الحقبة عاد قليلا للخلف أبعد من خط الوسط، وأقرب للدفاع، لكي يتحكم أكثر في طريقة اللعب وتغطية الفريق. "يمكنك أن تقول إنه كان اللاعب المثالي، لم يرغب قط في الخسارة". أولي هونيس. في تلك الفترة وبالتحديد بدء من 1963 بدأ زلاتكو كايكوفسكي مدرب بايرن أن يعجب بقدرات بيكنباور، وشيئا فشيء أصبح يعامله وكأنه قائد وكأنه والده. تألق بيكنباور لم يكن ليتجاهله منتخب ألمانيا، وبعد فترة قليلة من بلوغه عامه الـ20 عام 1965 انضم للمنتخب. هيلموت شون كان يفكر في ضم عنصر للفريق، لاعب يضيف إليه القطعة الناقصة ليواصل الفوز ويحقق النتائج المرجوة. "وجدت لاعبا في بايرن ميونيخ، إنه سيضيف للفريق كثيرا، سنفوز بالمباريات معه يمتلك عقلية الفوز". شون. توجه شون لسؤال أوي سيلير لاعبه، وقال له هل تثق في بيكنباور؟ رد سيلير كان :"ليس لدينا أفضل منه". الصحافة الألمانية لم تثق في اختيار بينكباور، وهاجمت المدرب واختياره للاعب بايرن ميونيخ، خاصة وأنه لم يكن معروفا في ذلك الوقت. 26 سبتمبر 1965 المباراة كانت في تصفيات كأس العالم 1966، كان ذلك هو الظهور الأول لبيكنباور مع المنتخب الألماني، قرر شون الدفع به في خط الدفاع، ووسط كل تلك الضغوط، لم يخش الشاب شيئا. ألمانيا كانت تنافس السويد على بطاقة التأهل في مجموعة ضمت كل من قبرص وأيسلندا التي انسحبت، مما أضاف صعوبة للمهمة، في المباراة الأولى ضد السويد تعادل المنتخبان. والمباراة يوم 26 سبتمبر كانت فاصلة نوعا ما ولم يرغب الألمان سوى في التأهل لكأس العالم وسط هجوم من الصحافة على جهاز المنتخب. تقدم توربيورن يونسون للسويد، وتعادل بعدها بدقيقة فيرنير كرامر لألمانيا، وفي الشوط الثاني سجل سيلير هدف الفوز ليتأهل الألمان إلى كأس العالم 1966 في إنجلترا. ظهور بيكنباور الأول في كأس العالم كان ضد سويسرا، وقد كان أروع ظهور ممكن ليقدم نفسه إلى العالم وليس ألمانيا فقط. خماسية نظيفة انتصر بها الألمان ضد سويسرا سجل فيها بيكنباور هدفين. سير بوبي تشارلتون تحدث عن تلك المباراة قائلا :"أتذكر أنها كانت أول مباراة لألمانيا في دور المجموعات، وذلك الفتى الشاب كان رائعا على اليسار، كان يمرر ويستقبل الكرة ويسجل، يا له من تقديم لنفسه". بيكنباور: "أتذكر هذه المباراة كنا نلعب بحرية كبيرة، المدرب لم يطلب الكثير منا". تعادل مع الأرجنتين بنتيجة 0-0 ثم انتصار ضد إسبانيا بنتيجة 2-1، كانا كفيلان بوصول ألمانيا للجولة التالية. ربع نهائي كأس العالم شهد مواجهة قوية بين أوروجواي وألمانيا، والفتى الألماني أصبح نجم البطولة سجل في انتصار فريقه بنتيجة 4-0. في نصف النهائي ضد الاتحاد السوفيتي، تقدم هيملت هالر في الشوط الأول، وبعد ذلك سجل نجم البطولة هدفا ثانيا ضد ليف ياشن الحارس الأسطوري الذي كان يشاهد الكرة في شباكه فقط. حانت لحظة الحقيقة، مواجهة إنجلترا في نهائي كأس العالم ضد إنجلترا في ويمبلي، المباراة الأكبر في مسيرة اللاعب الشاب. تقدم هالر لألمانيا، قبل أن يعادل جيوف هرست النتيجة، وأضاف مارتن بيترز هدفا ثانيا للإنجليز، وعادل فولفجانج ويبر النتيجة مجددا للألمان. قبل أن يتمكن الإنجليز من الفوز بنتيجة 4-2 وينتهي كأس العالم بالنسبة لبيكنباور. بوبي تشارلتون :"منحت أصعب مهمة ممكنة، هي أن أظل مع بيكنباور طيلة المباراة". بيكنباور :"تشارلتون كان مبدع ويتحرك طيلة المباراة، واستمريت معه طيلة الوقت". لهذا السبب لم يقدم أي منهما أي شيء في المباراة، أو كما قال جيوف هرست :"كلاهما أوقف الآخر عن العمل". تغير الحال بالنسبة لبيكنباور بعد تلك البطولة، أصبح يصور الكثير من الإعلانات وخلال تلك الحقبة، اكتسب لقبا جديدا. كتب أولي كولر صحفي ألماني :"كان هناك صحفيا في ميونيخ يحب دوما منح اللاعبين ألقابا، كان هناك ملوك وأمراء وكل شيء، لكن كان هناك قيصر واحد، كان بيكنباور الأفضل ولم يكن هناك من يمكنه أن يجاريه، لذا كان هذا الاسم خصيصا له فقط". 1968-1969 خلال ذلك الموسم ارتدى بيكنباور شارة القيادة، ونجح في الفوز بلقب الدوري بجانب لقب أفضل لاعب في ألمانيا، وقدم مركزا جديدا لعالم كرة القدم. الليبرو. كان أول لاعب يقدم هذا المركز ويلعب فيه، يتحكم في اللعب ويصنع الفرص ويسجل الأهداف منه. عام 1970، كان الثنائي بول بريتنر وأولي هونيس على وشك الانضمام إلى فريق ميونيخ 1860، كلاهما كان قد وقع فعليا على اتفاق مبدئي مع النادي. فجأة ومن دون مقدمات كلاهما انضم إلى بايرن ميونيخ، وسط حالة من الاستغراب. بعد ذلك كان السر هو أدو لاتيك، مدرب بايرن ميونيخ، ذلك المدرب الأسطوري الذي انضم فقط إلى بايرن ميونيخ لأن فرانز بيكنباور نصح إدارة النادي بمنحه المهمة خلفا لـ كايكوفسكي. الصفعة في عام 1958 كلفت نادي ميونيخ 1860 3 لاعبين تمكنوا من الفوز بكأس العالم وكانوا من أفضل اللاعبين على الإطلاق. ربما كانت فترة الستينيات هي الأفضل لنادي 1860، لكن المستقبل بالكامل كان لصالح بايرن. المحطة التالية لبيكنباور، كانت المكسيك للمشاركة في كأس العالم 1970 مع منتخب ألمانيا، والمجموعة ضمت بيرو وبلغاريا والمغرب. وانتصر الألمان في المباريات الثلاثة، مع تألق الأسطوري جيرد مولر. حانت لحظة الثأر بالنسبة لألمانيا حتى لو أن اللاعبين لم يفكروا في ذلك، كان عليهم مواجهة إنجلترا في ربع نهائي البطولة. "الجميع كان يتحدث عن الثأر، لكننا كلاعبين في منتخب ألمانيا لم نفكر في ذلك الأمر قط". أوي سيلير. أخطاء دفاعية ساذجة كلفت ألمانيا هدفين، ليظن اللاعبون أن الإنجليز سيكررون الأمر ويتخطون ألمانيا مرة أخرى. في الشوط الثاني اختلف الأمر كثيرا، انطلاقة شهيرة معروفة عن القيصر وتسديدة قوية سكنت الشباك قلصت الفارق ليكون أول أهداف الألمان، لم يحتفل كان غاضبا ويرغب في الفوز. ثم سجل سيلير ومولر لينتهي اللقاء بفوز الألمان بنتيجة 3-2. "لم أشعر بالسوء لخسارة مباراة في كرة القدم مثل هذه المباراة". بوبي تشارلتون. نصف نهائي البطولة ضد إيطاليا، واحدة من أفضل المباريات في تاريخ كأس العالم، انتهى بفوز الطليان بنتيجة 4-3. "لم أتمكن من اللعب بطريقة جيدة نظرا لأن كتفي قد خلع بعد تدخل قوي في بداية المباراة، وحاولت لكنني لم أتمكن قط من تقديم 100% من مستواي، كانت مباراة من جانب واحد، حتى سجلنا التعادل قبل نهايتها، كانت النتيجة 1-1، في الوقت الإضافي انتهت المباراة 4-3 لصالح إيطاليا". بيكنباور. بعد نهاية البطولة، أعلن شون عن أن بيكنباور قد أصبح قائد منتخب ألمانيا الجديد. ومن هذه النقطة بدأت النجاحات الدولية، منتخب ألمانيا نجح في الفوز بيورو 1972 بعد تخطي الاتحاد السوفيتي بنتيجة 3-0. "في ذلك الوقت كنا رائعين للغاية، كان من الممكن أن نفوز بنتيجة 8-0". أولي هونيس. نجح بايرن ميونيخ بعد ذلك في الفوز بلقب الدوري 3 مرات متتالية منذ 1971 وحتى 1974، ودوري أبطال أوروبا 3 مرات متتالية منذ 1973 وحتى 1976. كانت تلك أفضل أوقات بايرن ميونيخ، والفريق كان ناجحا للغاية، وفي المقابل نقلت تلك النجاحات إلى المنتخب بالطبع. قال كارل هاينزه رومينيجه عنه :"لم أسمع في حياتي شخصا ينتقده، كان مثالا يحتذى به، وينقل خبراته بطريقة ممتازة، سواء داخل أو خارج الملعب". 1974 تهديدات إرهابية قوضت حرية المنتخب الألماني في الاستعداد للبطولة ما سبب خلافات قوية بين الاتحاد الألماني بجانب خلافات اقتصادية بسبب الحالة التي عاشتها البلاد. قرر عدد من اللاعبين ألا يشاركوا في البطولة التي كانت ستقام في ألمانيا الغربية بسبب المشاركة، اجتمع اللاعبون مع بعضهم البعض وقرروا بعد ذلك أنها ستكون كارثة ألا يشارك منتخب ألمانيا في البطولة المقامة على أرضه. مجموعة ضمت أستراليا وتشيلي وألمانيا الشرقية، حققت ألمانيا الغربية بقيادة بيكنباور انتصارين، لكنهم خسروا من ألمانيا الشرقية. أولي هونيس :"كانت كارثة، تلك الخسارة شكلت مصيبة لنا، لأن الأمر كان سياسيا للغاية والحرب لازالت قائمة". واجب القائد ظهر هنا، واضطر فعليا بيكنباور لأول مرة للدفاع عن كافة اللاعبين والوقوف معهم ودعمهم، وتم إلقاء اللوم على عدد من اللاعبين منهم أولي هونيس. "اضطررت للتحكم في زمام الأمور بدلا من المدرب هيلموت شون، كان الوضع ينذر بكارثة". بيكنباور في مرحلة المجموعات الثانية ضد يوغوسلافيا نجحت ألمانيا الغربية في الفوز بنتيجة 2-0، ثم 4-2 ضد السويد وأخيرا ضد بولندا كان يجب الفوز للوصول للنهائي، وقد كان بنتيجة 1-0. "النهائي كنا في تساو تام مع هولندا، كانوا المفضلين للفوز بها، في حين أن مستوانا تطور على مدار البطولة". بيكنباور كان يتطلع للغاية للوقوف أمام الكرة الهولندية والمتعة والشكل الذي يلعب به الفريق، وفي المقابل كان يرغب في مواجهة خاصة ضد يوهان كرويف. لم يلمس بيكنباور الكرة في بداية المباراة لينجح الهولنديون في الحصول على ركلة جزاء في الدقيقة الثانية سجلها يوهان نيشكنز. عاد منتخب ألمانيا وحصل على ركلة جزاء، رفض الألمان الاستسلام، وسجل بول بريتنر هدف التعادل من نقطة الجزاء. قبل نهاية الشوط الأول نجح الأسطوري جيرد مولر في تسجيل الهدف الثاني، وقتها علم بيكنباور ورفاقه أن اللقب لهم وقد كان. حصد الألمان بقيادة القيصر لقبا غاليا حلموا به منذ 1954، ذلك اللقب الذي شاهد بيكنباور وهو طفل ألمانيا تفوز به وتمنى فقط أن يحقق ذلك الحلم وفعلها وهو قائد للمنتخب. فيما بعد صرح بيكنباور :" "يوهان كرويف كان لاعبا أفضل مني، لكنني فزت بكأس العالم".

مشاركة :