أطلقت شركة بورشه الألمانية، عملاق صناعة السيارات الفاخرة، شرارة وداع سيارات الديزل نهائيا ضمن خطة متكاملة للانتقال إلى إنتاج المركبات الصديقة للبيئة، في خطوة يقول المختصون إنها محاولة لاستعادة سمعة القطاع الذي تضرر بسبب فضيحة فولكسفاغن المتعلقة بالتلاعب باختبارات العوادم. برلين - اتخذت بورشه قرارا مصيريا يتعلق بالتوقف عن إنتاج سيارات الديزل في المستقبل لتكون بذلك أول شركة ألمانية تتخلى عن هذا النوع من المركبات وتتجه للانغماس أكثر في صناعة مركبات تجمع بين كونها ذكية وصديقة للبيئة. وكشف الرئيس التنفيذي للشركة، أوليفر بلوم، في مقابلة مع صحيفة “بيلد أم زونتاج” أنه تم استبعاد المركبات ذات محركات الديزل من عائلة عملاقة السيارات الألمانية بورشه “إلى الأبد”. وتتسابق الشركات لصناعة سيارات تتماشى والاتجاه السائد حاليا، حيث بات الشغل الشاغل لها هو كيفية ابتكار مركبات خضراء لتقليل الانبعاثات وتقليص الاعتماد على محركات الاحتراق الداخلي. ويقصد بالسيارات الصديقة للبيئة، السيارات الهجينة والسيارات الكهربائية الهجينة والسيارات الكهربائية، التي تعمل بالوقود الأحفوري الأقل أو من دونه وتكون جميع أجزائها مصنوعة من المكونات الحديثة. ورغم أن بورشه، التابعة لمجموعة فولكسفاغن، والتي تعتبر أكبر منتج لمكونات السيارات في العالم، لا تنتج مركبات الديزل بالفعل، إلا أن بلوم قال إنه يريد أن يوضح عدم وجود خطط لإنتاجها. وتأثرت سمعة بورشه بعد أن باتت قضية انبعاثات العوادم من القضايا الأكثر إثارة للجدل في ألمانيا عقب فضيحة التلاعب في معايير تحديد قيم انبعاثات العوادم في سيارات الديزل التي تنتجها شركة فولكسفاغن في عام 2015، وذلك بغرض جعل قيم الانبعاثات تظهر أقل من القيم الفعلية. ومنذ ذلك الحين، واجهت العلامات التجارية الألمانية الأخرى لاتهامات مماثلة، كما تعرضت إلى ضغوط لاتخاذ خطوات لخفض تلوث الهواء ودعاوى قضائية أقامتها جماعات مدافعة عن البيئة. أوليفر بلوم: بداية من عام 2019 ستنتج شركة بورشه السيارات الإلكترونيةأوليفر بلوم: بداية من عام 2019 ستنتج شركة بورشه السيارات الإلكترونية وقال بلوم “لن تنتج بورشه مركبات ديزل، من الآن فصاعدا وستركز الشركة بدلا من ذلك على أفضل ما تنتجه وخاصة التي تعمل بالغاز الطبيعي والهجينة وبداية من 2019، ستكون هناك فقط السيارات الإلكترونية”. ومن الأسباب الأخرى للتعهد بعدم إنتاج سيارات الديزل، وفق الرئيس التنفيذي لبورشه، أن الشركة ترغب في العودة إلى جذورها الرياضية. وقال “من المهم لنا أن تتمكن المحركات من العمل بنمط رياضي ومستقبلا ستكون بورشه ذات طابع من أي وقت مضى. سنركز على الأداء والكفاءة”. وكانت بورشه، قد انضمت إلى مصنعي السيارات الكهربائية عالية الأداء، للمرة الأولى في 2015 بعد أن عرضت خلال معرض فرانكفورت النموذج الاختباري للسيارة الكهربائية ميشن إي ذات الأبواب الأربعة التي لا ينتظر طرحها قريبا. وتستعين ميشن إي بالعديد من البطاريات التي تمنحها قوة كهربائية كبيرة تصل إلى 800 فولت مع نظام الشحن التوربيني من تطوير بورشه، والذي يعيد شحن البطارية بنسبة 80 بالمئة في ربع ساعة فقط. وتقول الشركة إنها واثقة من قدرتها على مضاعفة طاقة البطاريات المستخدمة في السيارات الكهربائية بحلول 2020 إلى جانب خفض تكلفتها بمقدار النصف تقريبا. ومع كل تلك الخطط الطموحة، تبدي بورشه التزاما بتقديم الخدمة لمركبات الديزل، التي تحمل علامتها التجارية والموجودة بالفعل على الطرقات. وتصاعد الجدل في ألمانيا بشأن مستقبل سيارات الديزل رغم إعلان اتفاق بين المصنعين في أغسطس العام الماضي، على تحديث برامج تلك السيارات لتحسين تنظيف عوادمها وتحفيز أصحاب السيارات القديمة على شراء سيارات أكثر مراعاة للبيئة من خلال منحهم تسهيلات وتخفيضات مالية. وواجهت الحكومات الأوروبية ضغوطا لاتخاذ خطوات لخفض تلوث الهواء بعد خسارة دعاوى قضائية أقامتها جماعات مدافعة عن البيئة إثر فضيحة فولكسفاغن. وهي تتسابق لتقديم اقتراحات للتخلص من معظم السيارات الأكثر تلويثا للبيئة. وترى تلك الجماعات أن حظر سير سيارات الديزل المخالفة للمعايير في المدن الكبرى تحديدا بإمكانه المساهمة في خفض الانبعاثات الملوثة. ويتوقع أن تسرع هذه الخطوات تراجع استخدام هذا النوع من المركبات في الأسواق الأوروبية خلال سنوات قليلة رغم التحديات، حيث تُتهم هذه السيارات بالمسؤولية عن تلوث الهواء. وأكد وزير البيئة البريطاني مايكل غوف في يوليو العام الماضي، أن بلاده ستحظر بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالديزل والبنزين بحلول عام 2040 في إطار خطة لمنعها تماما بعد ذلك بعشرة أعوام. يأتي هذا بعد إعلان مماثل صدر عن الحكومة الفرنسية، في وقت أعلنت فيه بعض المدن الألمانية مثل شتوتغارت وميونيخ أنها تدرس حظر بعض السيارات التي تعمل بالديزل. وتم الكشف عن الخطة الفرنسية في إطار تعزيز الالتزام باتفاق باريس للمناخ، الذي وقعت عليه معظم دول العالم ويهدف لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ووقف انبعاثات الكربون في فرنسا بحلول عام 2050. وعرض وزير البيئة الفرنسي السابق، نيكولا أولو، خطته للحد من الانبعاثات الملوثة للبيئة، وتضمنت خططا لوقف بيع سيارات البنزين والديزل. لكنه أكد حينها أن تطبيقها سيكون “أمرا صعبا” رغم أن المصنعين الفرنسيين أبدوا استعدادا لهذا التحول.
مشاركة :