«ببنطاله وتيشيرته» القديمين ويديه الضعيفتين، يجلس على آلة خشبية متهالكة يدير عجلتها من الأسفل لتنقله حيثما يشاء، فتحدث صوت حفيف، يتزامن مع حركة يديه التى تشكل سنون ونسخ المفاتيح، والتى سرعان ما تراها تنتهي، لتخرج بعد دقائق نسخة أخرى بعدما كانت مجرد كتلة حديدية فقط، ورث تلك المهنة أبًا عن جد، يعمل داخل تلك الخيمة المهلهلة التى تستر أجزاء من موقع عمله.على «كوبرى المبيضة»، بالفيوم، ووسط عشرات السيارات ومئات المارة، استوقفنا مشهد «عربي»، صاحب الـ١٣ عامًا، بجسده النحيل، ونشاطه الملحوظ وهو يجلس على كرسى وأمامه مفتاح خشبى كبير علامة للمارة لصناعة وإصلاح مفاتيح الأبواب.«عربي»، تلميذ بالصف الأول الإعدادى من حى الصوفى التابع لمركز ثان الفيوم، والده يعمل صانعا للمفاتيح ولديه شقيقتان أصغر منه، من أسرة بسيطة تبحث عن القليل من المال لتعيش مثلها مثل آلاف الأسر بالمحافظة.«اتعلمتها عشان أساعد والدي».. بهذه الجملة بدأ «عربي»، حديثه لـ«البوابة»: «بقعد فى الشارع جنب حيطة تحمينى من الشمس بصلح مفاتيح الزباين وبعملهم نسخ، بتحصل لى فى اليوم على خمسين جنيه، لما أروح بأدى الفلوس لأبويا، علشان اساعده على مصاريفنا، وكمان يحوش لى مصاريف، لأن نفسى أدخل الثانوى وبعدين كلية الحقوق.ويختتم «عربي» حديثه: «أفعل كل ذلك من أجل مساعدة والدى فى معيشتنا وأيضًا لشراء كل ما أحتاجه أثناء دراستى خلال العام الدراسى دون أن أكلف والدى البسيط معاناة تحمل نفقاتى الدراسية، ولمساعدته فى عبء نفقة الأسرة».ورسالتى لأى حد فى سنى وللناس إللى قاعدة على القهاوى «أقولهم انزلوا اشتغلوا ودوروا على حرفة واتعلموها بدل ما إنت قاعدين على القهاوى بتصرف فلوسك على الفاضى أتعلم صنعة أفضل من الشارع»، هكذا نصح عربى العديد من الجالسين على المقاهى وأطفال الشوارع.
مشاركة :