تزايدت المؤشرات على أن ثورة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية في السعودية بدأت تحدث تحوّلات كبيرة في عادات المواطنين، تمتد من أساليب التسوق والإنفاق على المجالات الترفيهية الجديدة مثل دور السينما وصولا إلى اقتناء السيارات بعد السماح للمرأة بالقيادة منذ يونيو الماضي. الرياض - طرأت تحوّلات على المراكز التجارية والأسواق في السعودية، حيث تتسابق المتاجر على التكيّف مع تغيّر عادات التسوق بفعل الإصلاحات الرامية لتنويع موارد الاقتصاد السعودي بدلا من الاعتماد على النفط. وبدأت محلات الملابس الفاخرة التي تحمل أسماء لامعة في عالم تصميم الأزياء ومحلات الشوكولاتة والزهور الراقية تغلق أبوابها، لتحل محلها متاجر تعرض الأزياء بأسعار في المتناول ومطاعم الوجبات السريعة ومتاجر تبيع معروضاتها بأسعار مخفضة بل ودور السينما. وتأثرت ميزانيات الأسر بتخفيضات في الدعم الحكومي لأسعار الكهرباء والبنزين وبزيادة ضريبة القيمة المضافة، وبدأت أسر كثيرة تقلص مصروفاتها بالتحوّل من السلع الفاخرة إلى السلع الأرخص. كما أدت إصلاحات لإدخال النساء سوق العمل وتشجيع صناعة الترفيه إلى ظهور خيارات جديدة للإنفاق. وكان لرحيل آلاف العاملين الأجانب أثر سلبي على الأسواق المحلية وأدى إلى تغيّرات أخرى. جيسون توفي: السعوديون باتوا يؤثرون السلع مخفضة الأسعار بعد تعدد خيارات الإنفاقجيسون توفي: السعوديون باتوا يؤثرون السلع مخفضة الأسعار بعد تعدد خيارات الإنفاق وتهدف الإصلاحات التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى التخلص من اعتماد الاقتصاد على النفط وإيجاد 1.2 مليون وظيفة للسعوديين بحلول 2022 على أن يكون عدد كبير منها في قطاع تجارة التجزئة. ويرى جيسون توفي المحلل لدى كابيتال إيكونوميكس أن “السعوديين أصبحوا يؤثرون السلع مخفضة الأسعار بعد إعادة فتح دور السينما وزيادة الأنشطة الترفيهية والسماح للنساء بقيادة السيارات، التي أدّت إلى تحوّل في كيفية إنفاق المال”. ووجدت شركات التجزئة السعودية العملاقة مثل شركة فواز عبدالعزيز الحكير ومجموعة صافولا أن عليها التكيف مع الأوضاع الجديدة. ويقول مسؤول بإحدى شركات التجزئة الكبرى إن “شـركات التجزئة تعيد مراجعـة ملفاتها سواء المنتجات أو المتاجر لتعكس أنماط الاستهلاك المتغيرة”. وأغلقت شركة الحكير أكثر من 200 متجر على مدار 12 شهرا حتى نهاية يونيو الماضي، لكنها أضافت ما يصل إلى 80 متجرا في الفترة نفسها. وأكد مصدر مطلع على خطط الشركة إنها تعتزم أيضا إغلاق 55 متجرا آخر هذا العام وإضافة 60 متجرا آخر. وقال المصدر إن هذا التحول يهدف في جانب منه إلى طرح منتجات في متناول اليد في مراكز التسوق. وتملك الشركة ترخيص سلسلة متاجر زارا للأزياء الراقية بأسعار معقولة وتعتزم زيادة عدد متاجرها بما يصل إلى 45 متجرا بحلول عام 2020. كما افتتحت في العام الماضي أول فرع في السعودية من سلسلة متاجر لفتيس للملابس الرخيصة. وحصلت إحدى شركات الحكير مؤخرا على قرض قيمته 1.9 مليار دولار لاستخدامه في بناء مراكز تجارية جديدة. طرح منتجات في متناول اليد في مراكز التسوقطرح منتجات في متناول اليد في مراكز التسوق ولم تعلن الشركة تفاصيل المتاجر التي ستفتح أبوابها في تلك المراكز لكن مصرفيين يتوقعون أن تضم منافذ أكثر للترفيه مثل دور السينما والمطاعم إضافة إلى المتاجر. وكانت الرياض قد رفعت هذا العام حظرا ساريا منذ ما يقرب من 40 عاما على دور السينما بهدف إنشاء قطاع للترفيه. ومع تسارع الإصلاحات، حافظ الإنفاق الاستهلاكي، الذي يمثل نحو 40 بالمئة من الناتج المحلّي الإجمالي، على حيويته وسجل متوسط نمو سنوي بنسبة 4 بالمئة خلال السنوات الخمس الأخيرة. وشهد إنفاق المستهلكين ضعفا في بداية العام الجاري مع ارتفاع أسعار خدمات المرافق، لكن ارتفاع أسعار النفط أتاح مجالا في الميزانية لصرف مكافآت ومنح للأسر ذات الدخل المنخفض ومن ثم انتعش الإنفاق. ويتوقّع أغلب المحللين أن يستمر النموّ في السنوات القليلة المقبلة لعوامل منها دخول النساء سوق العمل بعد رفع الحظر على قيادتهن للسيارات في يونيو. لكن وتيرة النموّ من المتوقع أن تكون أضعف منها في العقد الأخير. جورجيس شوردرت: ثمة تغيير يحدث في السعودية ولا يمكن أن يحدث التغيير بلا ألمجورجيس شوردرت: ثمة تغيير يحدث في السعودية ولا يمكن أن يحدث التغيير بلا ألم وتمثل هذه التغيرات تحديات لشركات التجزئة. فقد سجلت 6 شركات من أكبر 10 شركات لتجارة التجزئة في السعودية انخفاضا في الأرباح الصافية في الربع الثاني من العام الحالي بينها شركة الحكير. وسجلت 5 منها انخفاضا في المبيعات. وأغلقت مجموعة صافولا للمواد الغذائية وتجارة التجزئة في الربع الثاني 9 متاجر 7 منها سوبرماركت، في إطار خطة لتقليل مساحات البيع بالتجزئة بنسبة 3.8 بالمئة. غير أنها اشترت في مايو حصة أغلبية في شركة لتصنيع المواد الغذائية المجمدة. وقال محللون إن ذلك قد يعكس توقعات بزيادة الطلب على الأغذية المجمدة إذا ما تزايد إقبال النساء على العمل بدلا من القيام بدورهن التقليدي في البيوت. وتأثرت مبيعات شركة المراعي من شرائح الخبز برحيل نحو 700 ألف وافد. وقلص ذلك مبيعاتها في الربع الثاني بنسبة 8 بالمئة مقارنة مع الفترة المقابلة من العام الماضي. ونسبت وكالة رويترز إلى جورجيس شوردرت الرئيس التنفيذي لشركة المراعي قوله إن “ثمة تغيير يحدث في السعودية ولا يمكن أن يحدث التغيير بلا ألم… لا أتوقع تحسن بيئة الأعمال في الأجلين القريب والمتوسط”. ونالت التغيّرات من المتاجر التقليدية حيث تباطأت حركة الشراء في سوق البطحاء بالرياض الذي يقبل عليه الوافدون من آسيا. وقال مواطن من بنغلاديش يدعى بلال ويدير متجرا صغيرا للنظارات الشمسية والساعات إن “الحركة كانت في غاية الرواج عندما جئت إلى هنا أول مرة. لكن الآن تمر أيام دون أن يشتري زبون واحد شيئا”. انتشار مطاعم الوجبات السريعةانتشار مطاعم الوجبات السريعة وأضاف أنه سيعود قريبا إلى بنغلاديش وأن عددا كبيرا من زبائنه من الوافدين ينوون أيضا مغادرة السعودية. ويتعيّن اعتبارا من الشهر الحالي أن يمثل السعوديون نسبة تصل إلى 70 بالمئة من العاملين في 12 مجالا من مجالات البيع بالتجزئة، منها الأثاث وقطع غيار السيارات والحلوى والساعات والنظارات. والهدف من ذلك هو دفع المزيد من السعوديين للعمل في قطاع تجنبوا لفترة طويلة دخوله بسبب ضعف الأجور، لكنه قد يعني أيضا لشركات التجزئة زيادة المصروفات على تدريب العاملين والتعيينات. وذكرت شركتا لازوردي للمجوهرات والحكير أن تكاليف التشغيل قد ترتفع بسبب “سعودة” وظائف القطاع. كما تعتزم الحكومة التخفيف من القيود على التجارة الإلكترونية، وهو مجال تأخرت فيه السعودية عن دول خليجية أخرى. وربما يؤدي ذلك إلى تغيرات أخرى في القطاع. ورجت شركة إيستاتس.كوم المتخصّصة في أبحاث التجارة الإلكترونية أن يؤدي “ارتفاع نسبة الشباب بين سكان السعودية وارتفاع معدلات انتشار الإنترنت والبنية التحتية المتطورة إلى دفع نمو مبيعات التجارة الإلكترونية خلال السنوات المقبلة”. تفاؤل بالمستقبلتفاؤل بالمستقبل
مشاركة :