"العفو الدولية" عن العمال الأجانب في قطر: عالقون دون رواتب وممارسات العمل القسري مستمرة

  • 9/27/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أقل من شهرٍ على إجراء قطر ما زعم مسؤولوها أنه إصلاحاتٌ على نظام العمل من شأنها تقليل من حجم الانتهاكات التي تلحق بالعمالة الوافدة في هذا البلد، كشف تحقيقٌ جديدٌ أجرته منظمة العفو الدولية «أمنستي إنترناشيونال» عن زيف هذه «الإصلاحات»، وأشار إلى تواصل عمليات الاستغلال التي يتعرض لها العمال الأجانب في الدويلة المعزولة. وقالت المنظمة إن الإصلاحات الموعودة من جانب الحكومة القطرية لنظام «الكفالة» لم تتحقق، مُشيرةً إلى أن العمال المهاجرين الذين يشيدون مرافق البنية التحتية الخاصة باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم المزمعة في 2022 وغير ذلك من المشروعات الكبيرة في قطر «لا يزالون يعانون من الاستغلال والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان». وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أن المشكلة الرئيسة المرتبطة بنظام الكفالة، والتي تفتح الباب أمام استغلال العمالة المهاجرة العاملة في قطر، «لا تزال قائمةً» وهي تلك المتعلقة بضرورة ارتباط العامل بجهة عملٍ واحدةٍ، وهو ما يحرمه بشكلٍ كامل تقريباً من الحق في تغيير عمله. وشددت على أن الإصلاحات القطرية المزعومة، والتي يُفترض أنها تتم من خلال منظمة العمل الدولية التي فتحت مكتباً لها في الدوحة قبل شهور، «تمضي ببطءٍ شديدٍ للغاية». وقللت «أمنستي إنترناشيونال» من أهمية إلغاء النظام القطري اشتراط حصول الجانب الأكبر من العمالة الوافدة على تصريحٍ لمغادرة البلاد، مؤكدةً أن ذلك لا يعدو سوى إنهاءٍ لـ «عنصرٍ رئيسي واحدٍ من عناصر منظومة «الكفالة» سيئة السمعة في قطر، والتي أدت إلى وجود إساءاتٍ واستغلالٍ على نطاقٍ واسعٍ للعمال المهاجرين، بما يشمل العمل القسري». وأبرز تقرير المنظمة استمرار وجود الكثير من القيود المفروضة على العمالة الأجنبية في قطر، من قبيل إلزام أفرادها بالحصول على شهادة عدم ممانعة من جهة عملهم إذا ما أرادوا الانتقال من عملٍ لآخر. وأشار التقرير إلى أن الكثير من أرباب العمل «يرفضون إصدار هذه الشهادات، ليُجبر العمال على البقاء (في أعمالهم التي يريدون تغييرها) حتى يحين موعد انتهاء سريان عقودهم، التي قد تستمر خمس سنوات». وألقى التقرير الضوء كذلك على العقوبات القاسية التي تتضمنها القوانين القطرية المُجحفة بحق العمال المهاجرين، قائلاً إن ترك هؤلاء لوظائفهم من دون إذنٍ من جهة العمل يُوصف بأنه «فرارٌ» ويستوجب توجيه «اتهامٍ جنائيٍ» لمرتكبه، وهو ما قد يقود إلى «اعتقاله وترحيله، بالمخالفة مع قوانين العمل الدولية والمعايير المعمول بها في هذا الصدد». ومن بين الأمثلة الصارخة على انتهاك حقوق العمال الأجانب في قطر، ما قامت به شركةٌ للهندسة تحمل اسم «ميركوري مينا»، أشارت منظمة «العفو» الدولية «إلى أنها تركت»نحو 80 عاملاً من نيبال والهند والفلبين وقد تقطعت بهم السبل من دون أن يتقاضوا أجورهم طيلة شهور». وتُتهم الشركة بأنها استفادت من وجود نظام «الكفالة» من أجل استغلال عشرات العمال المهاجرين وتأخير صرف رواتبهم. وفي مقابلاتٍ أُجرتها المنظمة الحقوقية الدولية في نيبال، قال 34 من عمال الشركة إنها تدين لهم بأكثر من ألفي دولارٍ في المتوسط لكلٍ منهم. وأشار أحدهم إلى أن «ميركوري مينا» ساومته في أكتوبر من العام الماضي على منحه تصريحاً بالعمل في شركةٍ أخرى مقابل موافقته على التنازل عن مستحقاته المالية لديها. وتنفذ الشركة مشروعاتٍ للبنية التحتية في مدينة لوسيل التي يشيدها النظام القطري خصيصاً من أجل استضافة مونديال 2022، الذي حصل على حق تنظيمه بأساليب غير مشروعة. ومن المقرر أن يشهد الملعب الرياضي الموجود في هذه المدينة، مباراتيْ الافتتاح والختام للبطولة الكروية التي تتزايد فرص تجريد قطر من شرف استضافتها ونقلها إلى دولةٍ أخرى. وقال عمال الشركة - التي أسهمت في تشييد أحد الملاعب الرئيسة التي تضمنها ملف قطر لاستضافة المونديال - إن المشكلات الخاصة بتأخر تقاضيهم لرواتبهم بدأت منذ إجراء عملية إعادة هيكلةٍ لـ «ميركوري مينا» عام 2015، ولكنها تفاقمت في السنوات التالية. ومن بين الحالات التي تضمنها تقرير «أمنستي»؛ حالة عاملٍ فلبينيٍ يُدعى أرنستو شارك في مشروعٍ بقيمة 45 مليار دولار في لوسيل، أدى تأخر الشركة في دفع راتبه له إلى أن يغادر قطر وقد زادت ديونه مما كانت عليه عند وصوله إليها. كما أشارت المنظمة إلى أن بعض العمال النيباليين، الذين التقتهم أُجْبِروا على «إخراج أطفالهم من المدارس من أجل سداد الديون التي تحملوها لدفع تكاليف هجرتهم إلى قطر». وأكدت المنظمة الدولية أن مسؤولي الشركة لم يستجيبوا لرسائل طُلِبَ فيها منهم الرد على الاتهامات الموجهة إلى شركتهم، والتي تتضمن رفضها دفع آلاف الدولارات للعمال الأجانب فيها، ممن تركتهم يعانون من الإفلاس شهوراً طويلةً في قطر، خاصةً اعتباراً من شهر فبراير 2016. وتكشف هذه الأدلة الدامغة زيف ما أعلنه «نظام الحمدين» مطلع الشهر الجاري بشأن إصدار أمير قطر تميم بن حمد مرسوماً لتعديل بعض القوانين المُجحفة بحق العمالة الوافدة، وذلك في إطار محاولة الحكومة القطرية التظاهر بأنها تتعاون مع منظمة العمل الدولية لوضع حدٍ للانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء العمال، والتي تثير غضباً واسعاً في مختلف أنحاء العالم. وفي هذا السياق، قال ستيف كوكبورن المسؤول البارز في منظمة «العفو» إنه بالتوازي مع إعلان حكومة الدوحة في العام الماضي اعتزامها إجراء إصلاحات لنظام العمل كان العشرات من موظفي «ميركوري مينا» عالقين في مساكن عمالية سيئة من دون أجور، متسائلين متى ستأتي وجبة طعامهم التالية، وعما إذا سيصبح بإمكانهم العودة إلى بلادهم لعائلاتهم. وشدد كوكبورن على أن ما فعلته هذه الشركة «ليس حالة معزولة»، مؤكداً أن منظمته ستواصل«الضغط على السلطات القطرية حتى يتم الوفاء بالوعود الخاصة بإصلاح نظام «الكفالة»، وتوفير الحماية لحقوق العمال الأجانب بشكل كامل في كلٍ من القانون والواقع الفعلي».

مشاركة :