كثيرة هي الجهود التي تبذل من أجل ترسيخ وترويج الهوية الوطنية محلياً وعالمياً، وتعد أفلام المسابقات واحدة من تلك الأساليب التي يمكن الاستفادة منها في تحقيق هذا الهدف عبر محتوى الأعمال الإبداعية المستوحاة من واقع المجتمع الإماراتي، والتي تسلط الضوء على جوانب مضيئة من حياة أهل أبوظبي قديماً وحديثاً، وتركز على المعالم السياحية والمشاهد الحضارية التي تميز العاصمة، وأبرزت مسابقة «أبوظبي من خلال عيونكم» التي أقيمت مؤخراً أفلاماً تمثل مصدر فخر لكل من شارك فيها، لما تعكسه من روح أبوظبي وهويتها الوطنية التي تتسم بالتسامح والتنوع الثقافي والانفتاح على العالم. منظور إبداعي تقول ريم علي عبدالله، طالبة هندسة حاسب آلي، بإحدى جامعات أبوظبي، وصاحبة فيلم «أبوظبي في 24 ثانية»، إن فكرة الفيلم، جاءت من منظور إبداعي مختلف يعكس تنوع السياحة والثقافة والتطور المعماري في العاصمة أبوظبي، حيث يعرض الفيلم القصير مشاهد من الأجواء الجميلة والفعاليات المتنوعة التي قد يقضيها الزائر والمقيم في العاصمة خلال 24 ساعة، إضافة إلى جمال الهندسة المعمارية والمباني في أبوظبي. وعبرت ريم عن سعادتها بالمشاركة في فئة الأفلام القصيرة التي أطلقتها المسابقة للمرة الأولى في دورتها 2018. حيث تضمن الفيلم ثمانية مشاهد باستخدام تقنية الفاصل الزمني (Time Lapse)، كما استغرق تصوير هذا العمل سنتين والذي جاء بعد مشاركتها الأولى في المسابقة عام 2016، ولم يحالفها الحظ في الفوز، حتى بذلت مجهوداً أكبر للوصول إلى مستوى أكثر احترافية للفوز بإحدى جوائز المسابقة هذا العام. ومن الصعوبات التي واجهتها خلال إنجاز العمل، عدم السماح بالتصوير بالكاميرا الرقمية في بعض الأماكن أو المباني أو عدم السماح بالتصوير بالدرون «Drone» على الرغم من حصولها على رخصة معتمدة «Hobbyist RPAS Certificate»، وهذه النقطة في أحيان كثيرة تكون حاجزاً بين المصور والتقاط الصور والمشاهد الجمالية النادرة. وأوردت ريم أنه شعور جميل وغير متوقع الحصول على المركز الثاني في فئة الأفلام القصيرة فئة «24 ساعة في 24 ثانية» ضمن مسابقة «أبوظبي من خلال عيونكم» وتأهلها من بين أكثر من 4000 مشارك، وهذا إنجاز كبير يجعلها تشكر كل الذين شجعوها من أفراد أسرتها، وكذلك الجهات الداعمة لهذه المسابقة لإتاحتهم فرصة للمبدعين والمبدعات في مجال التصوير وصناعة الأفلام، لصقل مهاراتهم، خاصة أنها تعتبر التصوير فناً جميلاً وهواية تعتمد على الإبداع والابتكار، وكونها طالبة وفي مقتبل العمر تطمح للوصول للعالمية وتحقيق المزيد من الإنجازات في مجال التصوير الفوتوغرافي والسينمائي، وإظهار معالم أبوظبي من زوايا لافتة ونادرة. المعلم والطالب صالحة عمر الصيعري، حاصلة على ماجستير العلوم في التميز المؤسسي، تبين أن اختيارها لفكرة فيلم «بمعلم مدرسة غلبنا الأمم» التي حصلت به على المركز الخامس من بين أكثر من 300 فيلم، تقدمت لفئة «الأفلام القصيرة لمجتمع أبوظبي»، جاء من خلال عملها في التعليم وقربها من المعلمين ودورهم وتضحياتهم من أجل الطلاب، إيماناً منها بأن المعلم له دور كبير في المجتمع، حيث تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة في تنشئة جيل يمثل قادة المستقبل، والفيلم يصف علاقة المعلم بأبنائه الطلبة وأثر تلك العلاقة في زرع الثقة في نفوسهم. وقالت صالحة: «شاهدت الإعلان عن المسابقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل انطلاقها بأسبوعين، وقررت أن أشارك، وقمت بكتابة السيناريو، وبحثت عن المعلم الملهم المتميز، ووجدت الدكتور راشد علي، حيث إنه أول معلم في رياضة أصحاب الهمم، واخترته لتميز تخصصه، حيث أنشأ مركزاً متكاملاً يتضمن 7 مختبرات لتحسين أداء الطلبة وهو «مركز زايد لصناعة العقول»، وكان لديه طالب من أصحاب الهمم اسمه هزاع المحيربي من المصابين بالتوحد، ورأيت مدى اهتمامه وبالطالب وغيره من الطلاب، فطلبت من مدير المدرسة الإذن بتصوير المركز والطلاب المنتمين إليه، وقمت بمرحلة التصوير والمونتاج واختيار الموسيقا المناسبة للفيلم، وتم تسليمه قبل إغلاق التسجيل بيوم واحد فقط». وذكرت صالحة أن الفيلم مدته دقيقة واحدة فقط، وهذا مثّل لها تحدياً إضافياً كون الدكتور لديه 7 مختبرات تعلم، وكان لا بد لها من الاختصار في سرد المعلومات، مع التركيز على إنجاز الدكتور وعلاقته بالطالب هزاع المحيربي، وكيف كان شعوره بعد تحسن مستوى هزاع خلال أشهر قليلة، وهذا أهم إنجاز لدى أي معلم، أن يشاهد طلابه يكبرون أمامه ويصبحون أقوياء ويفرح بإنجازاتهم ويرى مظاهر السعادة في عيون أولياء أمورهم. وتابعت الصيعري: سبق وشاركت في مسابقة «مبدعين من أجل الخير» بتنظيم من «twofour54» والمجلس الوطني للإعلام، وفزت فيها بالمركز الأول عن فيلم توعوي يحمل رسالة لجميع أفراد المجتمع للتطوع في الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص التي ستقام في أبوظبي مارس 2019. الغوص في المجتمع الغوص في المجتمع الإماراتي خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة، جعل بينو سارادزيتش يعايش الكثير من الأحداث والتطورات وكذا المواقف الإنسانية المتباينة، وتكوين علاقات واسعة مع كثيرين من أبناء المجتمع، سواء كانوا مواطنين أو وافدين، ما ساعده على إنجاز هذا العمل الذي يعتبره إضافة شخصية له، وقد عبر عن سعادته لهذا التقدير الذي يؤكد سماحة المجتمع الإماراتي والذي ينعم فيه الجميع بالعيش في مساواة وحب واحترام متبادل يندر أن يتكرر مثله في كثير من بلدان العالم. وأورد سارادزيتش، أن «أبوظبي من خلال عيونكم» حدث عالمي بامتياز، وهو ما يراه الجميع بوضوح عبر الأعداد الكبيرة من المشاركين من مختلف دول العالم، التي تنافست في إبراز حبها للعاصمة الإماراتية بصور مختلفة. وأشار إلى أن هذا الاهتمام يعد حافزاً كبيراً للجميع للارتقاء بالمهارات، والعمل على تنميتها، حيث تم دعم هذه الأعمال الفنية عبر كثير من المسابقات عالمية المستوى مثل «أبوظبي من خلال عيونكم»، والتي كان لها دور كبير في إبراز جوانب متنوعة شكلت جزءاً من ملامح الهوية الوطنية التي تميز أبناء الشعب الإماراتي، ومدى اعتزازهم بزيهم الوطني الذي يعود إلى فترات زمنية بعيدة، رغم انتشار مظاهر الحداثة والتطور في أرجاء الدولة. الخياط «أمان الله» فيما قالت ريحانة الهاشمي، الحاصلة على بكالوريوس إدارة أعمال عالمية، ونالت المرتبة الأول في فئة «الأفلام القصيرة» لمجتمع أبوظبي، عن فيلم بعنوان «أمان الله»، إنها اختارت فكرة مقابلة شخص يعيش في أبوظبي كون محور المسابقة «مجتمع أبوظبي»، فأرادت استكشاف المدينة بعيون أخرى عبر مقابلة شخص عاش فيها لفترة طويلة، لتسلط الضوء على جوانب مضيئة تميز الشعب الإماراتي، منها التسامح والتعايش مع الغير بغض النظر عن الدين أو اللون أو الجنس، وقد تم اختيار الشخصية بالصدفة حين قامت بتجهيز معدات التصوير وذهبت لشارع حمدان، فقابلت «أمان الله» الخياط صاحب محلات «كنت» للخياطة، وكان هو الثيمة الرئيسة للعمل. ورغم ضيق الوقت لدى الهاشمي بسبب أعباء الوظيفة، إلا أنها حرصت على تخصيص الوقت اللازم لإنجاز هذا الفيلم الروائي عن «أمان الله»، والذي يحمل رسالة جميلة وصادقة، ما ضاعف من شعورها بالسعادة حين علمت بحصولها على المركز الأول، الأمر الذي شجعها على تطوير مهاراتها في صناعة الأفلام. وبالحديث عن جديدها، قالت: «شاركت مع «ايميج نيشن» في برنامج «استوديو الفلم العربي» لسنة 2018، وحرصت على تفاعلي الدائم في الملتقى الذي يضم صانعات أفلام إماراتيات يتمتعن بالمهارة والموهبة، وهذا مثّل نقطة تواصل معهن للقيام بأعمال مشتركة مستقبلاً». «رقصة الفالس» قال بينو سارادزيتش، الحائز المركز الأول في فئة «24 ساعة في 24 ثانية» عن فيلم بعنوان «وتستمر رقصة الفالس»، إن أبوظبي نقطة جذب سياحي وحضاري مهم على مستوى المنطقة، وهو ما عاصره بنفسه كونه مقيماً في الدولة منذ 27 عاماً، ويعمل في مجال الهندسة والتصميمات، حيث شاهد الطفرة الكبيرة التي حدثت في المجتمع الإماراتي بصفة عامة، وأبوظبي بصفة خاصة، وفي الوقت ذاته لاحظ الاحتفاظ بملامح الهوية الوطنية، والاعتزاز بها في كل الأوقات والمناسبات.
مشاركة :