عند بداية الحكاية، كان المخرج السينمائي ستيفن سودربرغ يستعد للراحة سنة كاملة بعدما اشتغل سنوات طويلة دون توقف موزعاً وقته بين أعمال سينمائية وأخرى للتلفزيون. كان وفق أقواله قد أقسم على ألا يغريه أي مشروع يعرض عليه. ولكن فجأة أوصل إليه أحدهم سيناريو لمسلسل تلفزيوني. قرأه غير مبال وعلى سبيل الفضول... لكنه ما إن تجاوز عتبة الصفحات الأولى حتى ودّع عام الراحة قابلاً خوض المشروع وكانت النتيجة عشر حلقات لمسلسل جديد يبدو الآن شاغلاً الناس ومالئ الدنيا. ولعل سرّ هذا النجاح يكمن في جدّة الموضوع من ناحية وتمكنه من إعادة المتفرجين إلى ذكريات تلك المسلسلات «الطبية» التي عرفت كيف تحقق نجاحات مدهشة حسبنا للتأشير عليها أن نذكر أن جورج كلوني نفسه بدأ انطلاقته وشهرته من واحد منها. مسلسل سودربرغ الجديد هو بالطبع THE KNICK الذي يعرض منذ حين على العديد من الشاشات الصغيرة العالمية بوصفه يشكل عودة موفقة للمسلسلات الطبية. غير أنه يبدو أكثر من هذا: فهو في الوقت نفسه مسلسل عن نيويورك بدايات القرن العشرين، عن حياتها الطبية «التي لم يسبق أن قُدّمت أبداً لا على الشاشة الصغيرة ولا على الكبيرة» وفق ما يقول سودربرغ، ولكن أيضاً عن حياتها الاجتماعية والجامعية وعن كواليس السياسة والعنصرية. وكأن متفرج الحلقات يعيش كلّ ما كان يحلم بأن يعيشه في نيويورك ومن حولها، من دون أن تفوته الصراعات العلمية والطبية الصغيرة والكبيرة التي يخوضها، على مدى الحلقات، الطبيب جون ثاكري (كليف أوين الذي بالكاد يمكن أحداً التعرف عليه للوهلة الأولى) وقد آلى على نفسه أن يقوم برسالته العلمية الإنسانية وسط الفقر والمخدرات مستنداً إلى الاختراعات الجديدة، حالماً طبعاً فيما وراء الشاشة بأن يكون جورج كلوني الجديد... في وقت يبدو فيه سودربرغ سائراً بقوة الكاميرا وصلابة الأحداث على خطى... ستانلي كوبريك، وفق النقاد.