الشارقة: عثمان حسن روح المكان، وعبق الزمان، ألق البدايات، الحنين، التذكّر، شغب المسرح، التوق لثقافة ساطعة، وفنون مزدهرة، كلها عناوين تليق بقاعة إفريقيا، هذا المكان الساحر، بكل ما تعني الكلمة من معنى، وسحره ينبع مما يمثله من بعد ثقافي عربي، التصق بقائمة من الفعاليات والندوات والمعارض، بدأت بتدشين القاعة في عام 1976 مع انطلاقة مؤتمر العلاقات العربية الإفريقية، الذي منه انبثق الاسم «قاعة إفريقيا» في دلالة على أهمية الحوار والأمل بعلاقات بعد حضاري وإنساني مأمول.وإن إعادة افتتاح هذه القاعة من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، لها دلالة ورمزية عالية تؤشر إلى مشروع الشارقة الثقافي الذي شهد النور من هذا المكان، وهو أيضاً إنعاش لذاكرة إنسانية لم تغب يوما، وبقيت محفورة في قلوب وعقول كل رواد هذا المكان، وهو الذي تفاعل معه عدد من المثقفين الإماراتيين الذين عبروا عن سعادتهم الكبيرة بهذا الافتتاح الذي حمل في طياته نبضاً دافئاً، يهجس بكل ما له صلة بالثقافة والإبداع، وتحقق الآمال والطموحات.الكاتب ماجد بوشليبي، كان شاهد عيان على كل ما له صلة بالمشهد الثقافي والفني الذي احتضنته قاعة إفريقيا منذ انطلاقتها، قال: «مثل انطلاق قاعة إفريقيا في عام 1976 لبنة أساسية في مشروع الشارقة الثقافي الذي خطه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وكانت القاعة بالفعل مركز إشعاع ثقافي، يعول عليه في رسم خريطة جديدة للمشهد الثقافي المحلي والعربي». وعدّد بوشليبي الكثير من الفعاليات الثقافية والفنية التي انطلقت من القاعة، فقد شهدت انطلاق أول دورة من دورات مهرجان أيام الشارقة المسرحية، وأول دورة من معرض الشارقة الدولي للكتاب، كما شهدت الانطلاقة الأولى للحركة الفنية التشكيلية في الإمارات، وكانت متنفساً حقيقياً لكل فئات المجتمع المحلي، باحتضانها للكثير من الندوات والبرامج الثقافية والفنية المتنوعة، التي تلامس هموم وقضايا الشباب، بما فيها الفئات العمرية الأقل، وهم صغار السن.وعلق بوشليبي على إعادة افتتاح قاعة إفريقيا، بقوله: «سوف تعمل هذه القاعة بكل تأكيد على إعادة رسم المشهد الثقافي والفني المحلي والعربي، ونحن نتأمل أن يكون في افتتاحها الجديد، بارقة أمل للحمة عربية، تجتمع على وحدة الهدف أملاً بغد مشرق، يعيد للأمة العربية والإسلامية بهاء تلك الأيام التي شهدت إرهاصات ثقافة عربية مزدهرة، مزدانة بالفكر، ومهمومة بتأكيد حضورها الثقافي، والحضاري، والإنساني بين شعوب العالم».التشكيلي والمسرحي الدكتور محمد يوسف الذي عاصر بدايات إنشاء القاعة، وكان شاهداً على كل التفاصيل المتعلقة بالبعد الثقافي والفني فيها، اختصر رأيه بالقول: «تبقى قاعة إفريقيا حاضنة كل البدايات، وكان للفن التشكيلي نصيب من هذه البدايات، مع الاجتماع الأول لاتحاد التشكيليين العرب، والمعرض المصاحب لهذا الاجتماع، الذي شكّل لبنة أساسية للحركة التشكيلية، بعدها توالت المعارض والفعاليات والورش الفنية التي شكلت إضاءة مهمة لتنوع وثراء المشهد التشكيلي العربي».وقال الفنان المسرحي مرعي الحليان: «قاعة إفريقيا تمثل كل تفاصيل المظهر الثقافي الحالي في الشارقة، ولها يعود الفضل في تشكل كل المهرجانات والفعاليات الضخمة التي نشاهدها اليوم، كمعرض الشارقة الدولي للكتاب، ومهرجان أيام الشارقة المسرحية، ومعرض الفنون التشكيلية السنوي الذي تنظمه جمعية الإمارات للفنون التشكيلية».ويضيف: «إن إعادة إحياء قاعة إفريقيا، هو إحياء لذاكرة في مكان شكّل في يوم من الأيام لبنة لمجموعة من الأفكار والمشاريع والأحلام، التي كانت تهجس بالثقافة، بكل ما تعنيه الكلمة من معان، والمكان هنا، هو رمز ثقافي حيوي، يستحق أن نتمسك به كفنانين وأن نتذكره كشاهد على البدايات، بدايات العروض والبروفات المسرحية، وبدايات الأفكار والمشاريع الثقافية، لاسيما وأن القاعة برمزيتها العالية، استضافت رموز الثقافة العربية في حينه، من شعراء ومفكرين في كل حقول اشتغالاتهم». مركز إشعاع الفنان المسرحي حميد سمبيج، فاعتبر العودة الجديدة لقاعة إفريقيا، بمثابة عودة إلى الأصالة، وإلى عبق المكان، وإلى الفطرة التي تشاغل الكائن، وتلح عليه بكل أسباب الحلم والحب والسلام، وقاعة إفريقيا كما يصفها سمبيج هي المكان الذي شهد الانطلاقة الأولى للشباب المسرحي الإماراتي قبل نحو أربعين عاماً، وكانت محطة رئيسية في استكمال مشوار الحلم، الذي دفع الكثيرين للدراسة الأكاديمية. وقاعة إفريقيا تعني الكثير بالنسبة لسمبيج، فهي حاضنة المكتبة الأولى، التي كانت تشغل أوقات الفراغ بالقراءة والتثقيف والاطلاع على الكتب المسرحية المتخصصة، وهي بحق مركز إشعاع ثقافي، ويقول: «سوف تشكل بانطلاقتها الجديدة حاضنة جاذبة لكل أشكال الطيف الثقافي والفني سواء المحلي، أو العربي». ألق البدايات مثلت إعادة افتتاح القاعة بالنسبة للفنان المسرحي إبراهيم سالم، شريطاً من الذكريات التي عادت به إلى البدايات، وقال: «لقد شكّل هذا المكان بالنسبة إلي ولغيري متنفساً حقيقياً، فمن خلال هذه القاعة استطعنا، ونحن بعد على مقاعد الدراسة، أن نمارس شغبنا الفني المبكر، وعلى مسرح هذه القاعة كنا نشاهد عروض من سبقونا في التأسيس المسرحي، وبعد فترة تيقنا أننا على مسافة وشيكة من تحقيق الحلم، وكل ذلك بفضل هذه القاعة التي ندين لها بالكثير، وكانت سبباً في دفعنا لمواصلة عشقنا للمسرح».وحول عودة القاعة اليوم قال: «هي بمثابة عودة الروح إلى الجسد، حيث رائحة المكان، وعبق الزمان، وألق البدايات، والتوق لثقافة مزدهرة».
مشاركة :