قال رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت لـ«الشرق الأوسط» إن وفدا يضم محافظ الأنبار وممثلين عن مجلس المحافظة وعددا من المسؤولين المحليين وشيوخ عشائر سيتوجه إلى واشنطن من أجل فتح آفاق للتعاون في المجالات الأمنية والخدمية وطلب الدعم من الحكومة الأميركية لعشائر الأنبار بالسلاح والعتاد والتدريب لتحرير الأنبار من سيطرة تنظيم داعش. ودعا كرحوت المواطنين والإعلاميين وكل من لديه وثائق أو صور أو مقاطع فيديوهات وثقت الجرائم التي ارتكبها مسلحو «داعش» في الأنبار لتزويدها للوفد لغرض عرضها أمام المجتمع الدولي. والصور التي طالب بها رئيس مجلس المحافظة هي صور تبين تدمير منازل وإحراق دوائر حكومية وتهديم جسور وتخريب محطات كهرباء أو ماء، فضلا عن جرائم ارتكبت بحق المدنيين العزل والمجازر التي ارتكبها مسلحو «داعش» ضد أبناء العشائر في الأنبار. من جهة أخرى قال عضو مجلس محافظة الأنبار عدنان ضاحي إن المحافظة ستشهد بداية انفراج لأزمة المشتقات النفطية، وإن كميات منها وصلت بالفعل قبل أيام إلى بعض المناطق في المحافظة بعد التنسيق مع القوات العسكرية التي أمنت بدورها الخط الناقل للنفط من اللطيفية 35 كلم جنوب بغداد إلى مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار عبر عامرية الفلوجة ومدينة الحبانية. وتشهد مدن الأنبار ومنذ أشهر أزمة في المشتقات النفطية بسبب تعطل خطوطها الناقلة في ظل المواجهات المسلحة الدائرة بين القوات الأمنية ومسلحي تنظيم داعش. وقد استقبلت الأنبار العام الجديد على دوي الانفجارات ولهيب النار، وأحياء خالية من أهلها بالكامل وأخرى مدمرة وسكان غادر نصفهم إلى الشتات.. مدن ليلها حالك الظلام ونهارها يشبه ليلها.. والباقي من سكانها المحاصرين من كل جانب تجدهم وكأنهم يعيشون في زمن القرون الوسطى فلا وجود للكهرباء منذ أشهرٍ مضت وانعدام تام في شبكات مياه الشرب والنقص الهائل في الخدمات.. ورعاية صحية مصابة بالشلل نتيجة خلو معظم المدن من المراكز الطبية والصحية من كوادرها الذين غادروها خوفا من الموت.. الأدوات البدائية للطبخ والتدفئة وصنع الخبز تشاهدها رائجة هنا.. تنور الطين ومناقل الخشب والفانوس والشموع وبقية الأدوات التي انتفت الحاجة لها منذ قرون أصبحت تجارتها رائجة هنا في مدن الأنبار. يقول حسين 22 عاما (طالب جامعي) لم أعش في حياتي كلها حياة سيئة كالتي عشتها في السنة الماضية كانت 2014 سنة البؤس وفراق الأحبة وترك الدراسة والعيش مع الخوف والذل والجوع.. مشاهد الدمار نراها في كل يوم.. وفي كل يوم نودع جارا.. إما للشتات وإما للمقابر.. نعاني من شحة الغذاء والدواء والوقود.. لماذا حدث كل هذا.؟ لا نعرف.. ومن هم «داعش»؟ لا نعرف.. وماذا يريدون منا؟ لا نعرف أيضا.. والسؤال الأغرب أين قواتنا العسكرية والأمنية من كل هذا..؟؟ الجواب مجهول مثل مصيرنا.. هكذا نستقبل سنتنا الجديدة بهذه الحال وبهذه التساؤلات. أبو عبد القادر (33 عاما) يقول «كانت سنة سيئة وحزينة فقدت شقيقي عبد الله بعد سقوط قذيفة هاون في باحة منزلنا سقطت بالقرب من شقيقي قتل في الحال وقتلت معه أحلامه.. كان يحلم بأشياء كثيرة كان يهوى التصوير كاميرته كانت بقربه لحظة سقوط القذيفة.. رحل هو وبقيت ذكرياته وطموحاته وحبه للطبيعة والحياة والسلام معلقة في جدران غرفته وبين أوراقه. أنا أتحين الفرص للخروج من هذه المدينة المرعبة، نحن نعيش في وسط صراع دام مسلح بين القوات الحكومية ومسلحي تنظيم داعش.. في حرب ما لنا فيها ذنب أو لنا فيها ناقة أو جمل». وأضاف «دفعنا الثمن حياتنا ومستقبلنا وفقدنا الأحبة والجيران والأصدقاء ولا نعرف السبب.. وبالنسبة لي سأستقبل السنة الجديدة بالرحيل وإنقاذ ما تبقى من عائلتي من هذا الدمار الذي لا أرى له نهاية قريبة». أبو حامد (57 عاما)، متقاعد، يقول: «كانت سنة سوداء بمعنى الكلمة بعد أن سيطر مسلحو تنظيم داعش على المدينة.. اقتاد المسلحون ابني أمجد منذ 4 أشهر وكان يتبضع من إحدى الأسواق القريبة من بيتنا قال لي بعض شهود عيان إن أحد المسلحين قال يا أمجد فالتفت إليه ابني بعدها اقتادوه إلى سيارتهم التي كانوا يستقلونها ومن يومها لم أسمع أي خبر عنه ولا أعرف أين أذهب للسؤال عنه. كل ذنبه أنه كان يعمل شرطيا في دائرة المرور. وأنا الآن لا أستطيع الخروج من المدينة حالي حال بقية النازحين، لأني قررت أن أبقى هنا ولن أبتعد عن ابني، أشعر أني قريب منه فالخروج من هنا يعني موتي وموته، الدموع والحزن هي زادنا أنا وأمه وبقية إخوته.. كانت سنة حزينة..أدعو الله أن يلطف بحال ابني وأن يعود لنا سالما، أتمنى من المسلحين لو يأخذونني بدلا عن ابني فالموت أرحم لي من فراقه وهو بهذه الحال». باسم الأنباري المستشار الإعلامي لمحافظ الأنبار قال لـ«الشرق الأوسط» «لقد أطلقنا على عام 2014 عام النكسة بعد أن تكالب المتطرفون والغرباء والمخربون على مدينة الشجاعة والكرم محافظة الأنبار العزيزة ومع الأسف تمكن هؤلاء الأوباش من السيطرة على معظم مناطقها وشردوا أهلها، وعم الحزن والدمار في أغلب مناطقها، ولكننا عقدنا العزم على أن ننهي هذه المعاناة فبدأنا في حملة التصدي للمسلحين وتطهير الأرض من دنسهم ونأمل خيرا في أبناء العشائر من المتطوعين للقتال لطرد مسلحي داعش جنبا إلى جنب مع قواتنا الأمنية، وسيكون عام 2015 عام النصر وطرد المسلحين وعودة النازحين وإعمار الأنبار».
مشاركة :