«يوم الدين» فيلم مصري يوصل هموم مرضى الجذام للعالمية

  • 9/28/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حول شخصية «بشاي» رجل يتعافى من مرض الجذام، لكنه لا يزال يعاني من آثاره الاجتماعية والنفسية، تدور أحداث فيلم «يوم الدين» الذي انطلق في دور العرض المصرية، الأربعاء الماضي، بعد أن شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان «كان» الأخير، ليتم اختياره لتمثيل مصر رسميا في سباق أوسكار أفضل فيلم أجنبي، بالإضافة إلى مشاركته في المسابقة الرسمية لمهرجان الجونة في دورته الثانية. «الشرق الأوسط»، التقت صناع فيلم «يوم الدين» المخرج أبو بكر شوقي، والمنتجة دينا إمام، وبطلي الفيلم راضي جمال، وأحمد عبد الحفيظ، لتتعرف على هذه التجربة. يقول أبو بكر شوقي، الذي يبلغ من العمر، 32 عاما، «يوم الدين» فيلم يتناول المنبوذين والأقليات والفئات التي قد لا يتقبلها المجتمع بسبب المظهر الخارجي، لذلك رسالة الفيلم بشكل عام هي أن الحكم على الناس يجب أن يكون بناء على شخصيتهم وليس شكلهم وديانتهم ولا خلفياتهم الثقافية والاجتماعية. وتابع قائلا: «فكرة الفيلم ولدت مع تصوير فيلم وثائقي قبل 10 سنوات بعنوان «المستعمرة» في منطقة أبو زعبل بشمال مصر، حينها استمعت إلى قصص لمرضى الجذام، واخترت أن يكون فيلمي الروائي الأول عن حياتهم». وأكد أبو بكر، أنه تعامل مع «راضي» باعتباره ممثلا، جاء لكي يجسد شخصية كانت مكتوبة بالفعل، واستعان به وليس بممثل محترف، لأن هناك تفاصيل صغيرة لن يستطيع أحد تمثيلها أكثر من شخص عاش التجربة، مثل طريقة إمساك السيجارة، وكيف يمسك بكوب الماء عندما يشرب، هذه التفاصيل الصغيرة التي لا يمكن التفكير فيها من الأساس، لن يعطيها للمخرج إلا شخص عاش التجربة. وأضاف، ربما يكون هناك جزء من حكايته الحقيقية متطابقة مع السيناريو، لأكثر من سبب أنه كان يعاني من مرض الجذام، ويعيش في المستعمرة، لكن في نفس الوقت هناك فروق كبيرة جدا بين «راضي» والشخصية التي يجسدها، لأن «راضي» في الواقع تربطه علاقة طيبة جدا بأسرته، كما أنه لا يعمل في جمع القمامة كما ظهر بالفيلم، وإنما يعمل فلاحا، وبالتالي الفيلم ليس سيرة ذاتية. وأوضح أبو بكر، أن قصة الفيلم هي مزيج من كل الحكايات التي ظهرت في فيلم «المستعمرة»، منها شخص ألقته أسرته ولم تسأل عنه أبدا، وآخر، زوجته توفيت وأصبح يعيش منفردا وليس لديه أبناء، وثالث كان يتمنى السفر للبحث عن عائلته، فالفكرة الرئيسية للفيلم هي مزيج من كل هذه الحكايات. من جهته قال راضي جمال، بطل الفيلم، «وافقت على المشاركة بهذا الفيلم حتى لا يكون هناك حاجز بين المتعافي من الجذام والمجتمع»، ولفت إلى أن بداية هذا العمل جاءت عندما قابله المخرج أبو بكر شوقي، وكشف له عن نيته صناعة فيلم عن مرضى الجذام، وقام بزيارته في بيته بمنطقة «أبو زعبل» مرتين، يشربان الشاي ويأكلان معا، قبل أن يبدأ المخرج في حكي القصة التي يريد تقديمها. يقول «راضي» بأن المخرج سأله في أول جلسة: «هل القصة تغضبك؟»، فأجابه «لا، أنا رجل غير متعلم، لكن طالما أن التمثيل شغل، وسأتقاضى مقابلا عنه، لن أرفضه، هذا أفضل من أن أمد يدي للناس». يضيف «راضي»، أنه بعد ذلك بدأ في التردد على مكتب «أبو بكر» للتدريب على الوقوف أمام الكاميرا، كما كان يذهبان إلى مكان واسع لتعلم كيفية ركوب الحمار، وقيادة العربية الكارو. ورغم أن علاقة «راضي» طيبة بأسرته، وحسب كلامه قضى معهم العيد الأخير في المنيا، إلا أنه أكد أن ما جاء بالفيلم حقيقة، فبعض الأهالي يأتون بأطفالهم ويلقون بهم في المستعمرة عند إصابتهم بالجذام، ولا يسألون عليهم مرة أخرى، وكأنهم لم ينجبوهم، وهناك من يعود لأبنائه بعد سنة. وعما إذا كان يحب أن يستمر في العمل بالتمثيل، قال «راضي» بأنه أحب المخرج أبو بكر والمنتجة دينا إمام، فهما تعبا معه جدا، حتى أجاد فن التمثيل، وبالتالي إذا جاءت له فرصة أخرى سيستمر، وإذا لم تأت، فالحمد لله على دور «بشاي» في «يوم الدين»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المخرج أبو بكر شوقي زاره ذات مرة في منزله بمنطقة أبو زعبل وكان برفقته الممثل أحمد الفيشاوي، والمنتجة دينا إمام وجلسا معه أكثر من 3 ساعات. وعن السبب وراء عدم سفره إلى مهرجان «كان» مع أسرة الفيلم، وحقيقة أنه منع من السفر، قال راضي جمال؛ بأنه ذهب إلى المطار بصحبة أحمد عبد الحافظ الطفل الذي جسد «أوباما»، لكن التأشيرة لم تكن صحيحة، مؤكدا على أن أحدا لم يمنعه من السفر. يوضح راضي أن كثيرا من الشباب المعافين من الجذام، عندما يذهبون للعمل في أي مكان لا يتم الموافقة عليهم، رغم أن الجذام ليس مضرا، والمتعافي منه أفضل من الذي يعاني من أمراض مزمنة أخرى مثل السرطان والإيدز والكبد، لأنه بعد الحصول على 6 شهور من العلاج، يتعافى تماما، وتكون مشكلته فقط أن آثار المرض تستمر على جسده. من جانبه قال الطفل أحمد عبد الحفيظ، صاحب دور «أوباما» أن دخوله مجال التمثيل، كان عبر لقاء جمعه صدفة بالفنان أحمد الفيشاوي، والذي يتردد كثيرا على بيت أحد جيرانه، للعب «البلاي ستيشن»، وعندما قابله ذات مرة وقال له بأنه يرغب في العمل بالتمثيل، سأله الفيشاوي عما إذا كان يجيد الوقوف أمام الكاميرا، ولأنه تربطه علاقة صداقة مع المخرج أبو بكر شوقي، عندما جاءت فرصة «يوم الدين»، لم يتردد الفيشاوي في ترشيحه، مشيرا إلى أن أسرته لم تمانع من خوضه تجربة التمثيل، لأنها تعرف أنه يريد أن يكون ممثلا. وكشف عبد الحفيظ أنه عندما التقى راضي لأول مرة في التصوير، شعر بالخوف، ولكن بعد أن أوضح له المخرج بأنه تعافى من المرض، وأنه غير معدي، تقبله جدا، وأصبحا صديقين، مؤكدا على أن «راضي» شخصية جميلة ويحبها الجميع. بدورها أكدت المنتجة دينا إمام، أنها تعتبر فيلم «يوم الدين» هو أول طفل لها مع زوجها المخرج أبو بكر شوقي، فبعيدا عن أنهما جادان في العمل بشكل عام، كان تعاملهما مع التجربة منذ البداية على هذا الأساس. توضح «إمام»، أنها تعرفت على «أبو بكر» قبل 4 سنوات من أجل «يوم الدين»، وخلال العمل تطورت علاقتهما، ليتزوجا منذ عامين، فالعمل على هذا الفيلم لم يتوقف في المنزل والمكتب منذ أن كان فكرة حتى خرج إلى النور، لأنه بالنسبة لهما «الحياة سينما والسينما حياة»، مشيرة إلى أن الفيلم كان مشروع تخرج أبو بكر في جامعة نيويورك، التي منحته أول دفعة من التمويل، تبعها الدخول في رحلة البحث عن تمويل الفيلم لمدة عام ونصف تقريبا، تم خلالها مخاطبة معظم الجهات المانحة في العالم، والتي عندما كانت تعرف قصة الفيلم لا تتحمس، وترفض. تؤكد دينا إمام، أنهما كانا يعرفان من البداية أن تخيل شكل الفيلم كان صعبا، ويعرفان أيضا أنه «مخاطرة»، لكن في نفس الوقت كانا يعرفان أن الفيلم عندما يكتمل سيخرج بصورة جيدة، وهو ما دفعهما على مواصلة رحلة البحث عن التمويل، حتى وجدا من يؤمن بالفكرة في الدورة الأولى لمهرجان الجونة، وصندوق «سند»، ومهرجان ترايبكا، كما أن جامعة نيويورك لم تتوقف عن دعم الفيلم، حتى جاء محمد حفظي في النهاية ودخل شريكا في التجربة بعد انتهاء عمليات المونتاج. تكشف «دينا» أن العمل على الفيلم توقف بعد انتهاء التصوير، لعدم وجود أموال، وسافرا معا للعمل في مسلسل أميركي ليجمعا بعض المال يكملان به مراحل إنتاج الفيلم، كان «أبو بكر» يعمل في غرفة الكتابة، وكانت تقوم بعمليات البحث له. وختمت دينا إمام حديثها، لـ«الشرق الأوسط»، بأنها فخورة بتمثيل مصر في مسابقة «كان»، وفخورة أكثر بتمثيلها في سباق الأوسكار على أفضل فيلم أجنبي، وتريد أن ترى شبابا آخرين مهتمين بصناعة السينما ناجحين.

مشاركة :