تصاعدت شكاوى عدد من أولياء أمور الطلاب من ارتفاع رسوم الدروس الخصوصية، التي يبدأ موسمها قبيل انطلاق الاختبارات، فتنتشر الإعلانات والملصقات التي تتضمن أسماء وأرقام هواتف أشخاص يعرضون خدماتهم لتقديم الدروس الخصوصية، بأجر محدد لكل مادة. بينما حذر عدد من التربويين من تفشي هذه الظاهرة التي تفرز كثيرا من السلبيات في العملية التعليمية، مطالبين بوضع حد لها، خصوصا مع حدوث تطور نوعي فيها فيما بات يعرف بمجموعات «القطة». وبين أبو مشعل أنه أحضر أحد المدرسين ليراجع مع ابنته مادتي الرياضيات والإنجليزي، على أن يتلقى مقابل ذلك ألف ريال عن كل مادة في الفصل الدراسي الواحد، ولكنه اضطر لأن يدفع له 4000 ريال مقابل ذلك، مرجعا استعانتهم بالدروس الخصوصية إلى صعوبة المناهج وضعف توصيل المعلومة للطالب وعدم تقديم دروس تقوية كما هو في السابق «وبذلك أحرص على أن يتلقى أولادي دروسا خصوصية ليجتازوا المرحلة الدراسية بامتياز». ويشترك إبراهيم مع زملائه في المدرسة لتلقي دروس خصوصية مع أحد المدرسين بـ«القطة»، أي يتقاسمون قيمة أجر المعلم فيما بينهم، مبينا أن أحدهم يبرم تلك الاتفاقية مع المعلم في الخفاء بعيدا عن إدارة المدرسة. وقال إبراهيم: «أتفق مع مجموعة من زملائي في نفس المدرسة بدفع كل منها مبلغ معين حتى نجمع قيمة 500 ريال، فيقوم أحدنا بالاتفاق مع المدرس ليراجع معه إحدى المواد التي نجد صعوبة في فهمها مثل الكيمياء»، لافتا إلى أن يساعد المدرس الطالب ويؤشر معه الأجزاء المهمة في المادة ويعطيه عددا من الأسئلة مع أجوبتها ليذاكرها، وبالتالي يكون من بينها أسئلة الاختبار، ملمحا إلى أنه ينسخ عددا من الأسئلة ويوزعها على زملائه المشاركين في «القطة». بدوره، أفاد الباحث التربوي عبدالخالق القرني أن للدروس الخصوصية آثارها التربوية السلبية على العملية التعليمية وعلى الطالب، ولها عدة أسباب، منها صعوبة المقررات التعليمية وعدم مسايرتها مع الواقع، وضعف إعداد المعلم وتدريبه مهنيا وعدم درايته بفن التواصل وحسن المهارة في توصيل المعلومة للطالب، كذلك الطمع في الربحية وتجرد المعلم من كونه صاحب رسالة، وبات التعليم لديه وسيلة للتكسب وعدم قيامه بدوره المنوط به من التعليم في المدرسة، فيضطر الطلاب إلى طلب الدروس الخصوصية. واعتبر القرني الدروس الخصوصية آفة تنخر في المنظومة التعليمية وتقضي على مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب وتربي الطالب على الاتكالية والغش والابتزاز، كما فيها استنزاف جيوب أولياء الأمور، حيث تصل الساعة أحيانا إلى ثلاثمائة ريال، مشيرا إلى أن فيها انتهاك شرف ومهنية التعليم والغش في الاختبارات وتسريب الأسئلة وضمان النجاح للطالب. وهذا مربط الفرس والغاية من الدروس الخصوصية. أما من ناحية أبعادها الاجتماعية، فيقول القرني «منها سقوط هيبة المعلم وعدم احترامه وممارسة الابتزاز والمطالبة بالنجاح وأخذ الأسئلة وزوال القيم والمبادئ للمعلم كالأمانة والنزاهة وغير ذلك». ورأى تربوي آخر (فضل عدم ذكر اسمه) أن الدروس الخصوصية أو (مجموعات القطة) شيء ملفت للانتباه، وذلك لأسباب منها انفتاح سبل الاتصال والفضائيات التي ألهت الطالب عن الكتاب المدرسي وضعف أداء بعض المعلمين داخل الفصل وعدم اهتمامهم بالطالب وظهور بعض المدرسين المتعاقدين، والذين يرغبون التكسب المادي دون مراعاة مصلحة الطالب وضعف الإدارة في بعض المدارس وقلة رواتب معلمي المدارس الخاصة في الفترة المسائية. وعن مردود هذه الدروس على الطالب، يقول قلة اهتمام الطالب في الحصة لاعتماده على الدروس الخصوصية والحصول على إيحاء بالأسئلة من قبل معلم الخصوصي، خصوصا إن كان يدرسه في المدرسة. ويضيف أن وزارة التربية والتعليم عمدت لتلافي هذه الظاهرة بعمل الخدمات التربوية في المدارس الحكومية والأهلية، وهي عبارة عن مجاميع تقوية تحت إشراف إدارة المدرسة وإدارة التعليم برسوم رمزية لمن لم يستطع فهم الدروس لأي عذر كان.
مشاركة :