دير العذراء والملاك ميخائيل يصدر كتاب سيرة القديس الأنبا موسى الأسود

  • 9/28/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يصدر دير العذراء والملاك ميخائيل بالبهنسا كتاب: سيرة القديس الأنبا موسى الأسود، والذي قال فيه الكاتب الراهب مكاري البهنساوي، "لعلَّ أنَ ما يُميز سيرة القديس العظيم الأنبا موسى الأسود أنها سيرة توبة من الطراز الأول بعيدة كل البعد عن الأمور المعجزية الخارقة للطبيعة والتي في كثير من الأحيان تلهي القارئ وراء رونقها وغرابتها ليحيد عن الهدف والقصد الحقيقي مما يقرأه. وهو التَّمَثُّل بسيرة القديس الذي يقرأ عنه في سلوكه المسيحي الإنجيلي الذي يعكس خبرات روحية إنجيلية معاشة من شأنها أن تفيض من قوتها على القارئ فيتتلمذ عليها. ليس على سيرة الشخص نفسه إنما على الجوهر الروحي والإنجيلي كما الذي استمده من حياته والذي انعكس على سيرته المقدسة.  ولذلك فحينما نُطلق على سيرة أحد القديسين أنها مقدسة فذلك لأنَّها تقدست بطاعته لوصايا الله واستجابته لعمل الروح القدس في حياته وبالمثل فحينما نطلق على أحد القديسين لقب القديس فذلك لأن حياته قد تقدست بروح الله القدوس وباستماعه وطاعته لوصايا الله وبعلاقته بالمسيح القدوس. من هنا كان اتجاهنا في دراسة سير القديسين السابقة هو التركيز على الجانب الروحي والإنجيلي الذي من شأنه أن يفيد القارئ ولو ببعض التعب والتركيز بعيدًا عن السعي وراء الأمور المعجزية التي تُبعد القارئ عن جوهر المسيحية والقصد الحقيقي من السيرة التي يقرأ عنها. بل وفي أغلب الأحيان تؤدي إلى التشكك في الله نفسه والذي من ناحية يهب قديسية القدرة على إتيان الأمور المعجزية لخدمة آخرين بها ومن ناحية أخرى يمنعها عن آخرين لا يزالوا في كد وتعب. وبهذا الفكر فإنَّ هذا الشخص يطفق متناسيًا للهدف الحقيقي من التعب والتجربة التي يسمح بها الله ويصير متغافلًا عن القصد الإلهي من سماح الله للبشر بالتجارب. وهي الأمور التي أوضحها الكتاب المقدس بألسنة أنبياء الله ورسله القديسين ومن خلال تعاليمهم التي استقوها من الروح القدس المعزي والمُرشد. من هنا عنينا بأن نُخرج هذه السيرة المقدسة التي للأنبا موسى الأسود قديس التوبة الأشهر للتركيز على الجانب الروحي من حياته وهو السعي للتغيير والاستجابة لنخسات الروح القدس الذي يسعى بكل الطرق قبل تغيير الشخص لاجتذابه إلى هذا التغيُّر تمامًا مثلما عمل مع شاول الطرسوسي ومريم المصرية والقديس أغسطينوس. لم تُغير سيرتهم أعمالًا باهرة معجزية إنما استجابوا لروح الله الوديع الهادئ الذي عمل في قلبهم فاقتنصهم لمحبة المسيح النارية. وحينما استجابوا لمناخس الروح لم يعروا انتباهًا لحياتهم السابقة إنما بسرعة اغتنموا الفرصة المقدمة لهم من المسيح بدون تردد وبدون شك في إمكانية وقدرة استجابتهم لحياتهم الجديدة البارة.  القديس الأنبا موسى لفت انتباهه سير الطبيعة الدقيق وتتابع الفصول في توافق بديع الترتيب والنظام رأى معه أنَّهُ لابد وأن يكون وراء هذا النظام من هو قويٌ لدرجة أن يقوم بترتيب كافة هذه الأشياء. وهكذا فإن القديسة مريم المصرية لم يجتذبها لحضن المسيح معجزة أو أحد الأعمال الخارقة للمألوف لأحد القديسين أو الرهبان. إنما لمستها نخسات الروح في واحدةٍ من المرات وهي كثيرة للجميع. فلم تفتر إلَّا وأن اقتنصتها فير مكترثة لتشكيك الشيطان فيها. وأخيرًا فإنَ القديس أغسطينوس لم يجتذبه إلى حِضن المسيح غير سماعه عن سيرة القديس الأنبا أنطونيوس بعيدًا عن الأمور الخارقة للمألوف والتي درج الكثيرون في عصرنا الحديث على ربطها وقصرها بعلاقتهم مع الله. يتضح إذًا مما سبق أنَّ السلوك المسيحي الإنجيلي المحبب لقلب الله هو الذي يُعد المعجزة الحقيقية في عالم ملئ بالشر والدنس. فلئن رأيت من يغفر للمسيء إليه أو يقبل من أهانه بحب المسيح المتجسد فيه فلقد رأيت بالفعل معجزة حقيقية. ولئن سمعن عمن يبذل ذاته ويضحى براحته لأجل إراحة الآخرين فلقد عاينت بالحق أمرًا عجيبًا على مسامع أهل هذا العالم. ولئن رأيت من يتعفف حتى ولو بالنظر عن مغريات العالم ولا يهتم بها وبكسبها بل بسهولة يتركها ويتخلَّى عنها فلقد شاهدت بالحق المعجزة الحقيقية التي جاء المسيح إلى الأرض ليغرسها في نفوس مؤمنيه. والحقيقة أنَّهُ في بعض المرات يجد البعض أنَّ سهولة البحث واللهث وراء الأمور المُعجزية، سواء بطريق مباشر أو عن طريق أحدهم أيًّا كانت رتبته، تعوض عدم قدرتهم على تأسيس علاقة قوية بالسيد المسيح من خلال وصاياه المقدسة بالإنجيل. ولهذا فإذا لم يُعاينوا ما يجتهدوا لرؤيته ويتلهفوا له وهو أحد الأمور المعجزية بطلت علاقتهم بالمسيح ودخلوا في مخاصمة معه. ومنهم من لا يقدر داخليًّا على مثل هذا الفعل فيُعزي تدهور حالته لعدم أو لاستحالة تمتعه بما يتمتع به الآخرون أو لرفض الله له تمامًا نظرًا لخطاياه. متناسيًا بذلك أن فتور علاقته بالمسيح لأنَّهُ لم يجتهد لفهم وصايا الإنجيل المقدس ولم يستمع لتعاليم المسيح المعزية والمشجعة فيه هو ما أدخل إلى قلبه الفتور وقصر علاقته بالأمور الروحية على معاينة أشياء خارقة للمألوف. إذ لا يجدها في حياته تفتر حرارته الروحية كما سبق وذكرنا. من هنا اهتممنا أن نخرج إلى النور سيرة القديس العظيم في التوبة الأنبا موسى الأسود على عدة نواحي:  أولًا: سردنا السيرة بتصرف عن العديد من المصادر العربية والمسيحية مع محاولة الاحتفاظ للقصة بترتيبها المنطقي التسلسلي وهو الأمر الذي سيجده القارئ مهمًا كما سنوضح في حينه.  ثانيًا: استقينا السيرة التي للأنبا موسى الأسود من المخطوط المحفوظ بالمكتبة الأهلية بفرنسا رقم 4748 وهكذا عن مخطوط محفوظ بدير البرموس من نساخة القمص متياس البرموسي. وقد قمنا على عادتنا بتنقيح بعض الجمل والعبارات صعبة الفهم نظرًا لقدمها مع الأخذ في الاعتبار أننا عملنا على تعديل بعض النواحي البلاغية للعبارات كما قمنا بتعديل بعض الأخطاء النحوية مع الاحتفاظ للسيرة قدر الإمكان بشكلها القديم الأصيل في التعبيرات والكلمات.  هكذا فلقد عملنا أيضًا على اضافة بعض الشروحات اللغوية والروحية والجغرافية بالهامش لإخراج السيرة في شك

مشاركة :