لم تقف التعديات على أملاك الدولة في منطقة الصليبية عند حد حتى وصلت إلى الاستيلاء على كل مساحة حول محولات الكهراء لتضمنها إلى حرم البيوت، في تحد صارخ للقانون وتجاوز يعيق وزارة الكهرباء من القيام بمهام الصيانة والمتابعة لأعمال المحولات من جهة، وينذر بكارثة قد تقع في أي لحظة لمن حولوا محيط تلك المحولات إلى سكن.«الراي» زارت المنطقة، برفقة نائب رئيس فريق الضبطية القضائية في وزارة الكهرباء والماء أحمد الشمري، ووقفت على بعض هذه التعديات التي تنوعت بين بناء مخالف على خطوط ومناهيل المياه وكيبلات الكهرباء، وتوصيلات كهربائية مخالفة لمخططات الوزارة، وبناء غرف من الكيربي ملاصقة لمحطات التحويل الرئيسية، ما يهدد حياة القاطنين في تلك الغرف، قبل ان يعرقل عمليات الصيانة وإصلاح الأعطال المفاجئة. الخدمات الحكومية التي قدمت للمنطقة، قوبلت بالتعدي على أملاك الدولة، وخصوصا خدمات وزارة الكهرباء والماء حتى أصبحت السمة الأبرز لتلك المنطقة، ما حدا بالوزارة إلى أن تطلق صرخة تحذير للمتجاوزين بسرعة تعديل مخالفاتهم قبل ان تتدخل جرافات البلدية وتقوم بإزالتها.«اللا معقول واللا قانون» عنوان اللوحة الرئيسية غير المرئية للمنطقة التي يقرأها فقط من يزورها ويطلع على عشوائيتها، ويرى ان كل شيء تجاوز العقل والقانون، فأسوار الكيربي وغرف الصفيح المنتشرة في كل ركن وزاوية تغطي خدمات الوزارة وتطمس مسارات خطوط المياه وكيبلات الكهرباء ولا يقف الوضع عند هذا الحد، فتجد ان غرف «الشينكو» استولت على الساحة الأمامية لمؤسسة الرعاية السكنيـــة دون ان تحــــرك الأخيـــرة أي ساكن. نائب رئيس فريق الضبطية القضائية في وزارة الكهرباء والماء أحمد الشمري يقول «بين الفترة والأخرى تكتشف جولاتنا الميدانية المزيد من التعديات في تلك المنطقة والمناطق المشابهة لها، مثل منطقة تيماء في الجهراء، التي تعيق عمل فرق الصيانة الخاصة بأعمال الكهرباء والماء».وأوضح الشمري لـ«الراي» أن الوزارة تتعامل مع منطقتي الصليبية وتيماء كحالة انسانية لوجود الكثير من التعديات فيهما لنسبة لتصل إلى 100 في المئة، فجميع البيوت والمنازل في المنطقتين مخالفة تماما سواء من ناحية التعديات على خدمات الوزارة أو من ناحية إضافة خطوط كهرباء وتغذية المنازل دون موافقة الوزارة، وهذا الأمر سنواجه بحزم وسبق ان تدخل الفريق وقام بإزالة تعديات في منطقتي الصليبية وتيماء بمساعدة وتعاون بلدية الكويت وتواجد أفراد من وزارة الداخلية، لكن التعديات عادت من جديد.وأشار إلى وجود قرارات وقوانين لدى بلدية الكويت من شأنها أن تساعد في حل هذه المشكلة التي تؤرق الوزارة منها، القرار الوزاري 190 /2008 الذي يمنع أي تعدّ خارج حدود العقار ومعاقبة المخالف بإجراءات جزائية تصل إلى غرامتها إلى 500 دينار بعد هدم المنشأة بالكامل، إضافة إلى ذلك يوجد قانون في المؤسسة العامة للرعاية السكنية وهو القانون 47 /1993 ويقضي بعدم استخدام المنزل لغير الغرض المخصص له وفي حال مخالفة القانون يتم سحب البيت بعد أول انذار.وتابع «كذلك هناك لدى وزارة الكهرباء والماء القرار 121 /2017 والذي يمنع أي مستهلك من القيام بأي تمديدات غير معتمدة بالمخطط الأساسي للبيت ويحق للوزارة بناء على هذا القرار قطع خدمة التيار دون انذار المستهلك في حالة وجود أي تمديدات مخالفة ومغايرة للمخطط المعتمد من قبل الوزارة»، مشيرا إلى انه «لو أسقطنا هذه القرارات والقوانين على واقع الصليبية وتيماء فسنجد ان بيوت المنطقتين مخالفة 100 في المئة، سواء من جانب التعديات أو من الإضافات التي لم توافق عليها وزارة الكهرباء والماء، وخاصة أن هذه الإضافات غير معتمدة من البلدية والكهرباء».ويضيف الشمري «ان هذه التجاوزات تعرقل عمليات الصيانة وبسببها يتضرر سكان المنطقة كافة لعدم تمكين وزارات الدولة من القيام بواجبها، ومن هذا المنطلق ندعو بلدية الكويت ووزارة الداخلية لمساعدتنا في حل معضلة التجاوزات، لا سيما وان الوضع بات لا يحتمل، فما ذنب وزارة الكهرباء والماء ان يستغرق إصلاح كيبيل أو خط مياه مكسور ساعات وساعات في حين تتمكن فرق الطوارئ من معالجة مثل هذه الأعطال والكسور في غضون ساعتين أو ساعة ونصف الساعة». من مرئيات الجولة «الكهرباء» تنزع شوكها بيدهاتدرس وزارة الكهرباء والماء فكرة جديدة وهي استعمال معدات وآليات الوزارة لإزالة التعديات لمعالجة أي خلل طارئ في شبكتي الكهرباء والماء بغية الإسراع في معالجة الخلل دون انتظار معدات وآليات بلدية الكويت التي تحتاج إلى مراسلات عادة تستغرق وقتا كبيرا.ويقول الشمري «ان هذه الفكرة وافق عليها بشكل مبدئي وكيل وزارة الكهرباء والماء محمد بوشهري، والوكيل المساعد للخدمات الفنية والمشاغل الرئيسية محمد الشرهان، ونتوقع ان يتم البدء في تطبيق هذه الفكرة بعد أخذ موافقات جميع قطاعات الوزارة».أنوار «الأوقاف» في عز النهارخلال جولة «الراي» في منطقة الصليبية لاحظت أن كشافات مبنى تابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مضاءة في عز النهار، رغم دعوات وزارة الكهرباء والماء المتكررة التي تحث فيها جهات الدولة المختلفة بترشيد الاستهلاك.ما ينفعونك...على بعد أمتار قليلة من دورية مرور، قام قائد مركبة رباعية مكتوب على خلفيتها «ما ينفعونك» هو وبعض الشباب المستهتر بوصلة من التقحيص بالسيارات وإغلاق للشوارع أمام المارة، وكأن هذا الشباب الطائش يعلن تحديه لوزارة الداخلية.الضبطية «أفعال... لا أقوال»نجح فريق الضبطية القضائية خلال السنوات الخمس الفائتة تحت اشراف وكيل الوزارة في الحد من مخالفات هدر المياه بنسبة 75 إلى 80 في المئة على مستوى محافظات الكويت، بعد ان كانت نسب الهدر مرتفعة والحد من سرقات الكهرباء والماء بنسبة 90 في المئة مقارنة بالسابق والتي كان آخرها ضرب 3 تشكيلات عصابية تخصصت في سرقات الكهرباء والماء بعد متابعة ورصد لمواقع هذه التشكيلات العصابية وتقديمها لجهات الاختصاص، حيث نجح الفريق في توفير عشرات ملايين الدنانيير لمصلحة الدولة.ترشيد وتوعيةقال الشمري «الفريق سيقوم خلال الفترة المقبلة بتكثيف حملاته والقيام بجولات ترشيدية وتوعوية لجميع المواطنين والمقيمين على مستوى المحافظات، حيث لن تقتصر مهمة الفريق على المخالفات وقطع خدمات الوزارة عن المخالفين بل سيخصص جانب كبير من هذه الحملات لتوعية المستهلكين وحثهم بترشيد الاستهلاك وهناك خطط مستقبلية للفريق لتغطية جميع المحافظات لتوعية المستهلكين لايصال رسالة الوزارة التوعوية بضرورة تجنب مخالفات القانون 48 /2005 أو القرار الوزاري 121 /2017 أو القرار الوزاري رقم 255 /2010».
مشاركة :