أكد وزير الخارجية، عادل الجبير أن المملكة العربية السعودية على إرثٍ عظيم من المبادئ والثوابت التي ترتكز عليها سياستها الخارجية وعلى رأسها الاتجاه الدائم نحو الحلول السلمية للنزاعات، ومنع تفاقمها، واعتماد جهود الوساطة التي تشاركها سمو الهدف وسلامة المقصد. وقال الجبير في كلمة المملكة التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثالثة والسبعين، في ساعة مبكرة من صباح السبت: لعل في اتفاق السلام الذي أبرم في جدة مؤخرًا برعاية كريمة من سيدي خادم الحرمين الشريفين بين دولتي إثيوبيا وإرتريا، والذي أنهى أطول نزاعٍ شهدته القارة الإفريقية، وكذلك رعايتها للاجتماع التاريخي بين قادة دولتي إرتريا وجيبوتي بعد قطيعة استمرت (10) سنوات خيرُ دليلٍ على الدور السياسي المسؤول الذي تجسده بلادي لتعزيز الأمن والسلم الدوليين. وأكد الجبير أن القضية الفلسطينية كانت ولا تزال هي القضية المحورية والجوهرية لبلادي وللعالم الإسلامي، مُنطلقة في ذلك من إيمانها بالحق الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية استنادًا على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وجدد الجبير دعوة المملكة إلى تكثيف الجهود المخلصة؛ لإنهاء أطول صراع تشهده المنطقة.وأشار الجبير إلى أن ميليشيات الحوثي الإرهابية التابعة لإيران تواصل إطلاق الصواريخ الباليستية إيرانية الصنع والمنشأ تجاه المدن السعودية بلغ عددها 199 صاروخًا بالإضافة إلى أنشطتها المزعزعة لأمن وسلامة الملاحة البحرية بمنطقة باب المندب والبحر الأحمر. وتابع الجبير: “إن بلادي تجدد التزامها تجاه أهمية الحل السياسي للوضع في اليمن، على أساس المرجعيات الثلاث: (المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن 2216”.وأضاف: “مستمرون في تقديم وتسهيل كافة الأعمال الإنسانية لتخفيف المأساة التي يعيشها الشعب اليمني الشقيق، فضلًا عن حرصنا الكامل على دعم الاقتصاد اليمني؛ حيث كان آخرها وديعة بمقدار ملياري دولار أمر بها سيدي خادم الحرمين الشريفين بلغ إجمالي الدعم الإنساني الذي قدمته المملكة خلال الأربع سنوات الماضية لليمن أكثر من (13) مليار دولار”. وقال الجبير: إن الإرهاب والتطرف من أهم التحديات التي تواجه العالم بأسره؛ حيث لم تسلم منطقتنا من تفشي التنظيمات الإرهابية، ونجدد دعوتنا في هذا الإطار إلى تكثيف التعاون الدولي للقضاء على كافة أشكال الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، ومعاقبة من يدعمه ويغذي أنشطته بأي طريقة كانت.وأوضح الجبير أن جهود المملكة في هذا الشأن واضحة للجميع، فقد أنشأت المملكة مؤسسات تُعنى بمحاربة التطرف والإرهاب، وهي: المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (إعتدال) والتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي يشمل أكثر من (40) دولة إضافة لمركز الأمم المتحدة الدولي لمكافحة الإرهاب، الذي تبرعت بلادي له بمبلغ (110) مليون دولار. وأكد الجبير أن إيران تواصل أنشطتها الإرهابية وسلوكها العدواني، وتعرب المملكة عن دعمها للاستراتيجية الأمريكية الجديدة للتعامل مع إيران، بما في ذلك الجدية في التعامل مع برنامجها النووي، وبرنامج الصواريخ الباليستية، ودعمها للإرهاب.وقال الجبير: إن المملكة العربية السعودية تؤمن أن تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، يتطلبُ ردع إيران عن سياساتها التوسعية والتخريبية. وتابع: “لقد قامت إيران بتشكيل الميليشيات الإرهابية المسلحة، وتزويدها بالصواريخ الباليستية، واغتيال الدبلوماسيين، والاعتداء على البعثات الدبلوماسية، فضلًا عن إثارة الفتن الطائفية، وتدخلها في شؤون دول المنطقة”. واستطرد: “إن سلوك إيران العدواني يشكل انتهاكًا صارخًا لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية، وقرارات مجلس الأمن، الأمر الذي جعل إيران تحت طائلة العقوبات الدولية.وشدد الجبير على أنه في ظل جهودنا الحازمة والمستمرة لمكافحة الإرهاب، قامت المملكة ومعها دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية، بمقاطعة دولة قطر، فلا يمكن لدولة تدعم الإرهاب وتحتضن المتطرفين، وتنشر خطاب الكراهية عبر إعلامها ولم تلتزم بتعهداتها التي وقعت عليها في اتفاق الرياض 2013 واتفاق الرياض التكميلي 2014 أن تستمر في نهجها. وأكد الجبير أن قطر تمادت في ممارساتها، وهو ما جعل من مقاطعتها خيار لا مفر منه. وعلى صعيد الأزمة السورية؛ قال الجبير: “في العام الثامن للأزمة السورية، ننظر إلى واقع إنساني لابد لنا أن نقف أمامه بمسؤولية، فبلادي حرصت منذ اليوم الأول لهذه الأزمة على الإنسان السوري، وتحقيق تطلعاته ليعيش آمنًا في أرضه”.وأكد الجبير على ضرورة الالتزام بقرار مجلس الأمن (2254)، والوصول إلى الحل السياسي وفق مبادئ إعلان (جنيف 1) ولقد عملت المملكة على توحيد صفوف المعارضة السورية، ليتسنى لها التفاوض مع النظام بما يضمن أمن واستقرار سوريا ووحدتها، ومنع التدخل الأجنبي أو أي محاولات للتقسيم. وشدد الجبير على أن المملكة العربية السعودية تقف أيضًا داعمة للشرعية في ليبيا، ولأهمية التمسك باتفاق الصخيرات، لحل الأزمة الليبية، وتدعو إلى الحفاظ على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها. كما نؤكد على دعمنا لجهود الأمم المتحدة ومبعوثها السيد غسان سلامة. وأشار الجبير إلى أن المملكة تعتبر من أكبر الدول المانحة على صعيد المساعدات الإنسانية والتنموية؛ حيث بلغت نسبة المساعدات المقدمة من المملكة 3.7% من الناتج المحلي السعودي متجاوزة بذلك النسبة المقترحة من الأمم المتحدة والبالغة 0.7% من الناتج المحلي.وأشار الجبير إلى أن النظام الدولي قائم منذ قرون على مبدأ احترام السيادة الوطنية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وأن الالتزام بالأعراف والقوانين الدولية أمر بالغ الأهمية ولا يقبل جدال أو نقاش، فالسيادة خط أحمر لا مساس به، وترفض بلادي أي تدخل في شؤونها الداخلية أو فرض أي إملاءات عليها من أي دولة كانت. وأكد الجبير أن حكومة المملكة وبمتابعة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز (يحفظهما الله) جعلت الإنسان محور التنمية، وأن رؤية المملكة (2030) فتحت المملكة أبواب المستقبل لمواطنيها، وعملت على تمكين الشباب والاستفادة من إبداعاتهم، وتوظيف تقنيات العصر لخدمة التنمية، وجعل بلادنا بيئة استثمارية رائدة.وأشار الجبير إلى أن للمرأة في بالمملكة حضورًا مؤثرًا في كافة المجالات، وتمكينها هدف حكومي لتحظى بفرصتها الكاملة للمساهمة في التنمية، وأن رسالة المملكة العربية السعودية تقوم على الشراكة الصادقة مع العالم ليكون الحاضر مزدهرًا والمستقبل مشرقًا، ولتعيش الأجيال القادمة بأمن واستقرار وسلام، ونتمنى لمنظمتنا هذه مزيدًا من النجاح في تحقيق أهدافها السامية.
مشاركة :