لا أميل فى الكتابة الى وضع مساحيق تجميل أو أضافة رتوش غير حقيقية على الشخصية التى أتناولها سواء بالوصف أو بالنقد الموضوعى الذى يعمل على تصويب خطأ ما أو تطوير الأداء .. ولكننى وبعد مرور ما يقارب الست سنوات منذ اختيار السماء لقداسة البابا تواضروس الثانى فى القرعة الهيكلية واعادته للهوية القبطية التى تبدلت وتغيرت بفضل تقلبات الزمن وبطريقة عصرية حديثة تدعو للتأمل و تثير الدهشة و الاعجاب بأداء لم يسبق له مثيل فى تاريخ الكنيسة ,كان يجب أن نتوقف للحظات أمام شخصية لا يعلم عنها الكثيرون حقائق عديدة واسهمت فى تحريك تروس العمل داخل الكنيسة بصورة لا ينكرها عاقل أو منصف .وفى هذا المقال أردت إزاحة الستار عن سر تلك الشخصية القوية التى أدت دورها بصورة غير تقليدية بالرغم من انتقادات وغضب الغاضبين منها وقد تعلمنا فى علم النفس التحليلي أن الحكم على الشخص لا يكون من خلال الآراء الفردية أو الشائعات غير الموثقة ولكن من خلال نتائج أفعالها على أرض الواقع التعامل المباشر معها وهى قاعدة ذهبية وعين العدل والانصاف .. لذلك فإن شهادتى فى هذه السطور القليلة ستكون مبنية على حكم شخصى وتجربة ذاتية تبلورت فيها ملامح الشخصية المثيرة للجدل التى أبهرتنى بعد دراستها بتأنٍ برغم فكرتى التى لم تكن فى محلها .. وصفوه بالرجل القوى و الدرع و رجل الأزمات ,بالرغم كونه قسا وليس راهبا الا أن مسئولياته لا حصر لها فهو السكرتير الأول للبابا تواضروس القس أنجيلوس أسحق أو الأستاذ سمير اسحق قبل الرسامة .. كنت أسمع من الزملاء الصحفيين و المتابعين للمشهد ما يشير الى قوة شخصيته ورباطة جأشه ولغته القاطعة التى لا تميل الى المجاملات مما كان يضفى عليه هيبة خاصة وفى بعض الأحيان حالة من الرهبة فى قلوب المتعاملين معه عن بعد ..تابعته فى عدة قضايا ساخنة وبالرغم من أبتعاده عن الأضواء و قلة أحاديثه الا انه نجح فى معالجة أزمات متنوعة كانت تهدد الكنيسة بل نجح فى كبح جماح الكثير من المتربصين و الموتورين من من كانوا يبتغون توريط الكنيسة فى أيديولوجيات ومصالح سياسية خاصة بهم بل انه بكل حكمة أغلق فى وجوههم أبواب المتاجرة بمشاكل الأقباط والعويل والبكاء عليها فى فضائيات المهجر الغير شرعية ولا رسمية .. هو يسير بنهج قداسة البابا تواضروس الوطنى فى معالجة كل القضايا ويستخدم أيضا خبرته ككاهن لسنوات فى البحيرة و كنائس عديدة .. الحقيقة أن أى منصب إدارى يحتاج الى شخصية قوية تستطيع أن تأخذ قرارات مصيرية و تقول نعم أو لا بحسب ما يتطلب الأمر ويقتضيه ضميرها.القس أنجيلوس إسحق قام بأدوار وطنية وجريئة فى ملفات شائكة للغاية وفى منتهى الحساسية مثل أزمة دير وادى الريان التى تمكن فيها من قمع تمرد الرهبان المارقين و مقتل الأنبا أبيفانيوس رئيس دير الأنبا مقار بوادى النطرون و كان له صولات وجولات فى أوروبا وأمريكا و العديد من دول الخارج عقب ثورة 30 يونيو مع قداسة البابا تواضروس عمل فيها على لم الشمل وتوطيد العلاقات مع مصر وتحسين الصورة ..لقد تقابلت معه لنحو ما يقارب الساعة فى المقر البابوى وتحدثت معه فى كل شىء وتعرفت عليه عن قرب وشعرت أن هذا الرجل محمل بحمل ثقيل ومسئولية لو طلبنا من غيره تحملها لقطع أول تذكرة هجرة على طائرة مصر للطيران للهروب منهالديه قدرة فائقة فى العظات , فهو واعظ بدرجة أستاذ , يستطيع ربط العظة الدينية بموضوعات أجتماعية تمس حاجة الجميع من المكلومين والحزانى و التعساء .. يسير بتلقائية دون حراسات أو بهرجة ,لا تتعجب عندما تراه فى مناسبة دينية يقف بجوارك ليستمع لهذا أو ذاك و يسعى لسد حوائجهم أو حل مشاكلهم .. بالطبع لا يوجد من هو معصوم من الخطأ ,فكلنا بشر لسنا أولياء ولا قديسين ولكن من الظلم أن نغفل حقا اراده الله و من عدم الأمانة أن نتجاهل ضياء ايجابيا وسط الظلام.
مشاركة :