تقترب انتخابات المجلس النيابي في البحرين، ويرافقها علو صخب النقاشات ذات العلاقة بها، ومن بين الأهم فيها: • الاختلاف في تحديد موقف من العملية الانتخابية في صفوف الجمعيات السياسية المعارضة، بين دعوات خافته، وأحيانا مبطنة تحث على المقاطعة، وأخرى خجولة، لكنها عالية تدعو للمشاركة. كل واحد من هذين الفريقين يحاول تجييش من يصل لهم صوته من المواطنين، كي يحثهم على الوقوف وراء دعواته. • موقف سلبي ناقم على أداء أعضاء مجلس انتخابات 2014، يصل إلى درجة المطالبة بالاستغناء عن الحجرة المنتخبة، والاكتفاء بنظيرتها المعينة (الشورى)، تحت مبررات تحمل الكثير من التناقض، من بينها الاقتصاد في النفقات لمواجهة الأزمة الاقتصادية. • دعوات نشاز تحث على اتخاذ موقف سلبي من مشاركة المرأة البحرينية في الانتخابات تحت مبررات واهية، تغلفها أحياناً دعوات أشد خبثا تنادي بتحويل الحضور النسائي إلى مجرد عملية تجميلية تضع المرأة في المكانة التي لا تليق بها كمواطنة أعطاها ميثاق العمل الوطني، ومن بعده الدستور، كامل الحقوق التي نالها الرجل، خاصة فيما يتعلق بممارسة حقوق الترشيح والانتخاب. من بين هذه الثلاثة مواقف يحتل الثالث الموقع الأسوأ بينها، دون القبول بأي منها، نظرا للأسباب التالية: • كونه ينبعث من منطلقات متخلفة لا تليق بالمجتمع البحريني الذي حقق قفزات نوعية متقدمة على الصعيد الاجتماعي، بات التراجع عنها جريمة سياسية غير مقبولة، خاصة في مرحلة تلج البحرين فيها مجتمع المعلومات، بما يحمله هذا الدخول من مساواة بين النوع الاجتماعي (الجندر). • لأنه، أفصح عن ذلك أم لم يفصح، يحمل في ثناياه دعوات مبطنة، تفوح منها رواح استحضار متخلف، يسعى لإعادة عقارب الساعة نحو الخلف، بعد أن يجرد المرأة البحرينية من أبسط حقوقها «الإنسانية» التي انتزعتها بخوضها غمار حروب اجتماعية متواصلة تعود لعقود خلت. ومن ثم فنجاح هذه الدعوة، يفتح الأبواب أمام دعوات أخرى ستكون عواقبها وخيمة على آفاق المشروع الإصلاحي ومسيرته التطويرية. • لتحوله إلى أداة قادرة على حرف مسيرة القوى المتقدمة في المجتمع عن العمل من أجل تحقيق أهدافها الكبرى، بعد أن يلوي رقبتها كي تلتفت نحو قضايا هامشية أخرى، يفترض أن الجدل بشأنها قد وصلت إلى نهاية طريقها. فبدلا من الحديث عن الأزمة الاقتصادية، أو مشاريع تطوير التعليم، والارتقاء بأداء الخدمات الصحية، على سبيل المثال لا الحصر، تغرق قوى المجتمع الباحثة عن سبل التغيير في نقاشات عقيمة، حول مسلمات تاريخية من غير المفترض أن تكون على طاولة الحوار. في غمار ذلك يبرز البرنامج المشترك بين «المجلس الأعلى للمرأة» سوية مع «معهد البحرين للتنمية السياسية»، الهادف أساسا إلى: 1. تأهيل المرأة البحرينية الراغبة في خوض غمار المعركة الانتخابية على المستويات كافة: مراجعة برنامجها الانتخابي، تقويم حملاتها الانتخابية، تطوير استخداماتها لوسائل التواصل مع محيطها الانتخابي، بما في ذلك وسائط التواصل الاجتماعي. 2. توعية المرشحة بحقوقها الانتخابية، وتوعيتها بواجباتها ومسؤولياتها كما ينص عليها دستور البحرين أولاً، والقوانين والأنظمة الانتخابية التي تنسق العلاقة بين المترشحة وجمهورها، وكذلك بينها وبين من ينافسها في الدائرة المترشحة عنها، ثانيا وليس أخيرا. 3. تنوير المترشحة باستراتيجيات العملية الترشيحية من جوانبها المختلفة، بما يشمل أيضا سبل التعاون مع المحيط الانتخابي، وعمليات مراكمة الخبرة المطلوبة لتحقيق النجاح، والفوز بالمقعد النيابي، بالإضافة إلى طرق نسج التحالفات المطلوبة، وتحاشي الدخول في معارك ثانوية غير ضرورية، وغير مجدية. في ضوء القراءة المتأنية لمحتويات الدوائر الثلاث المرسومة أعلاه، والتي تبدأ برسم خارطة الطريق نحو البرلمان، وتعقبها تحليل مواقف القوى المشاركة في الحوار بشأن محتوياتها، والثالثة التي تقف عند الظروف المحيطة بمشاركة المرأة، يكتشف المراقب أن «البرنامج المشترك» المشار له أعلاه يفتح أمام المرأة البحرينية المترشحة لانتخابات المجلسين: البلدي والنيابي طريقا جديدة بوسعها متى ما سارت عليها أن تحقق ما تصبو إليه من حيث الوصول إلى المقعد البرلماني، أو ممارسة دورها التشريعي، بعد ذلك الوصول، على النحو الأمثل. ولتحقيق هذا الهدف من خلال هذه الطريق الجديدة التي فتحها ذلك البرنامج المشترك ينبغي على المرأة البحرينية المنتسبة لذلك البرنامج أن تنخرط فيه تأسيسا على المنطلقات التالية: • لا يشكل البرنامج، او الجهتان اللتان تقفان وراءه بديلا للمترشحة، بقدر ما يمثلان رافعة تساعدها على الوصول إلى ما تصبو إليه. بمعنى أن البرنامج هو بمثابة «العامل المساعد» في عملية التفاعل الكيماوي، يتولى تسريع العملية المطلوبة دون أن يتأثر بها. وعليه فمن المفترض على المنتسبة لهذا البرنامج ان تبذل قصارى جهدها لتحقيق الفائدة القصوى في الفترة المتاحة، مهما بدت هذه الفترة قصيرة في نظر المترشحة. • لا تخفي المترشحة المعلومات الضرورية التي تتطلبها الشفافية التي تحقق الهدف المنشود. إذ تتناسب النتائج طرديا مع درجة الشفافية المعمول بها في الجلسات «التأهيلية» التي يعقدها ذلك البرنامج. والشفافية تقف عند حدود القضايا العامة، دون ان تتجاوزها إلى المسائل الخاصة وتلك الفردية. • أن عملية التأهيل لا تقف عند حدود نجاح المرشحة ووصولها إلى المقعد النيابي أو البلدي، بل تتجاوزها وتتحول إلى سلوك «نيابي» مستمر طيلة الفترة التي تكتسب فيها المترشحة صفة «النيابة». ومن هنا فعلى المترشحة أن تحول هدف عملية التأهيل من مجرد الوصول إلى البرلمان، أو المجلس البلدي، إلى هدف أعمق وأوسع مساحة كي يشمل السنوات الأربع التي تعقب فترة النجاح، وتنغمس في ممارسة الدورين النيابي والبلدي، بكل ما يحملانه من مسؤوليات ليست بالبسيطة، ولا المؤقتة. طريق الترشح طويلة ومعقدة، لكنها تبقى أقل وعورة من تلك التي تعقب النجاح، لكنهما سوية، وكما يهدف برنامج التأهيل، طريق جديدة فتحها البرنامج المشترك أمام المرأة البحرينية التي بوسعها أن تحقق الكثير، لما فيه مصلحة العمل النيابي أولاً، والمشهد السياسي البحريني ثانيا وليس أخيراً، متى ما تحققت النظرة المشتركة الواعدة بين أهداف البرنامج وطموح المرأة البحرينية.
مشاركة :