افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مسجداً ضخماً أمس، خلال زيارة كولونيا، أكبر مدن مقاطعة شمال الراين فستفاليا جنوب ألمانيا، واكبتها تظاهرات مؤيّدة ومعارضة وتدابير أمنية مشدّدة. سبق ذلك اجتماع للرئيس التركي مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، على مائدة إفطار عمل، استغرق ساعتين ونصف ساعة. وكانت كولونيا حظّرت في ساعة متأخرة مساء الخميس التظاهرات أمام المسجد، لـ «أسباب أمنية». ونشرت السلطات آلافاً من الشرطيين لمواكبة الزيارة، في ما وصفه قائد الشرطة المحلية بأنه أضخم انتشار للشرطة في تاريخ المدينة. وعلى رغم الحظر، احتشد مئات صباح أمس في كولونيا وراء لافتة ضخمة كُتب عليها «أردوغان غير مرحّب به». وقال الألماني توماس (22 سنة) إنه جاء للدفاع عن حرية الصحافة، وتابع: «أتفهّم أن يذهب إلى برلين. لكن مجيئه إلى كولونيا استفزازي. نحن هنا لإظهار أن كولونيا لا تريده»، علماً أنه وآخرين كانوا يحملون لافتة ضخمة كُتب عليها «أردوغان ديكتاتور وقاتل جماعي». وقال قانصو، وهو متظاهر آخر جاء من سويسرا للمشاركة في التجمّع: «أريد أن أعبّر عن صوت الناس الذين لا يمكنهم النزول إلى الشارع في تركيا. أردوغان يعتبر كل مَن يختلف معه في الرأي إرهابياً. أنا هنا لأعبّر عن تضامني» مع المعارضين. في المقابل، تجمّع آلاف من أنصار أردوغان حول المسجد، فيما طوّقت الشرطة مساحة كبيرة حوله، لأسباب أمنية، مانعة دخول مئات من الأنصار الذين جاؤوا لإلقاء نظرة على الرئيس التركي. ولوّح كثيرون منهم بأعلام تركيا، أو حملوا صوراً لأردوغان. وصاحت الحشود في سعادة مرات «من الأعظم؟ تركيا». وقال يوسف (42 سنة) إن «أردوغان محبوب جداً لأنه فعل الكثير من أجل شعبه»، فيما قالت سيدة (44 سنة): «لا أهتم للانتقادات. هو يفعل كل ما هو خير لتركيا، ونحن وراءه في شكل كامل». ورفض حاكم كولونيا ورئيس وزراء الولاية حضور مراسم افتتاح المسجد، علماً أن معارضين، خصوصاً من اليمين المتطرف، قدّموا طعوناً ضد تشييده، إذ أعربوا عن مخاوف من تحوّل المدينة مركزاً للإسلاميين. لكن الطعون فشلت. وبدأ العمل لتشييد المسجد عام 2009، فيما بدأ استقبال مصلّين عام 2017، قبل أن يفتتحه أردوغان رسمياً أمس. ويُعتبر المسجد الذي استُخدم إسمنت وزجاج في تشييده، بمآذنه المرتفعة 55 متراً وقبّته الشاسعة ومساحته البالغة 4500 متر مربع، من الأضخم في أوروبا، وقال مهندسه بول بومو إنه مصمّم ليكون رمزاً للانفتاح. وكان الرئيس التركي شارك في مأدبة عشاء الجمعة، أقامها على شرفه نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير وقاطعها ساسة، في طليعتهم مركل. وانتقد أردوغان ألمانيا، معتبراً أنها تحمي صحافياً دين بارتكاب «عمل إرهابي» في تركيا، في إشارة إلى جان دوندار المقيم في المنفى في ألمانيا منذ العام 2016. وأكّد الرئيس التركي أنه طلب ترحيل دوندار، إذ يتّهمه بأنه «عميل» كشف «أسرار دولة». وردّ دوندار قائلاً: «لستُ عميلاً، أنا صحافي». واتهم أردوغان بالكذب.
مشاركة :