لم تكد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لألمانيا تشرف على نهايتها حتى احتدم الجدل من جديد حول الوضعية القانونية والدور السياسي الذي يلعبه الاتحاد التركي-الإسلامي للشؤون الدينية (ديتيب). اختتم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارته لألمانيا أمس (السبت 29 سبتمبر/ أيلول 2018) بزيارة إلى كولونيا، حيث أبعدت الإجراءات الأمنية المؤيدين والمتظاهرين عن مراسم افتتاح أكبر مسجد في البلاد. وتمركزت فرق قناصة من الشرطة على أسطح المنازل وجرى تطويق المنطقة بعد أن ألغت سلطات المدينة خططا للسماح لما يصل إلى 25 ألف شخص بالتجمع خارج المسجد، الذي بنته منظمة إسلامية (ديتيب) تربطها علاقات وثيقة بالدولة التركية. وبهذا الصدد حذر وزير داخلية ولاية شمال الراين وويستفاليا هربيرت غويل (الحزب الديموقراطي المسيحي) من التسرع في وضع "ديتيب" تحت مراقبة هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية). وقال بشأن خطوة كهذه في تصريح لصحيفة "بيلد آم سونتاغ": "ليس من الواضح عما إذا كانت المراقبة ستحدث لا من حيث الشكل ولا من حيث الموضوع". واستطرد أن ذلك سيتطلب تخطي العديد من العقبات القانونية، وفق ما جاء في تصرحياته للصحيفة الألمانية واسعة الانتشار في عددها الصادر اليوم الأحد. قناصة يعتلون بناية مسجد كولونيا خلال زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان ويذكر أن وزارة الداخلية الألمانية لم تعد تقدم دعما لمشاريع خاضعة لإشراف "ديتيب"، فقد راجعت الحكومة الاتحادية آلية الدعم المعمول بها و لم توافق منذ عام 2017 على طلبات جديدة لدعم مشاريع تابعة للاتحاد وحده. ويخضع ديتيب، الذي يتخذ من مدينة كولونيا مقرا له، لإشراف رئاسة الشؤون الدينية التركية(ديانت) في أنقرة. وسُلطت الأنظار مؤخرا على ديتيب، بعد أن انتشرت مقاطع فيديو تصور أطفالا في مساجد تابعة للاتحاد يمثلون مشاهد لمحاربين يحملون رايات تركية. كما تردد أن أئمة بعض المساجد التركية في ألمانيا استجابوا لطلب القنصلية التركية العامة إبلاغها ما يتوفر لديهم من معلومات عن أتباع الداعية فتح الله غولن، الذي يعيش في الولايات المتحدة وتتهمه تركيا بالوقوف وراء محاولة الانقلاب العسكري الفاشل قبل عامين. وتلقى ديتيب أموالا في السنوات الماضية من صناديق مالية مختلفة تابعة للدولة الألمانية، على رأسها صندوق خاص بالدعم في إطار الخدمة التطوعية لدى الجيش الألماني، وبرنامج "أن تعيش الديمقراطية!" الذي تشرف عليه وزارة شؤون الأسرة الألمانية. ومن بين أهداف هذه المشاريع مكافحة التطرف في أوساط الناشئة المسلمة. في سياق متصل، قال أردوغان للضيوف في افتتاح المسجد المركزي في كولونيا "في فترة حرجة، قمنا بزيارة مثمرة وناجحة لألمانيا... أكدت على أننا نحتاج إلى تنحية خلافاتنا جانبا والتركيز على مصالحنا المشتركة". لكنه دعا ألمانيا أيضا إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الانفصاليين الأكراد، واشتكى من أن نجم كرة القدم مسعود أوزيل استبعد من المنتخب الألماني بعد خروج ألمانيا من كأس العالم لكرة القدم بسبب جذوره التركية. وقال أردوغان "هذه العنصرية يجب أن تنتهي". مئات من مؤيدي الرئيس التركي احتشدوا قرب مسجد كولونيا خلال زيارته وخلال مأدبة أقامها الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير مساء الجمعة، خرج الزعيم التركي عن كلمته المعدة سلفا واتهم ألمانيا بإيواء إرهابيين، وفقا لما ذكره الحاضرون. وكان العنوان الرئيسي لصحيفة "بيلد" اليومية الأكثر انتشارا في ألمانيا أمس السبت "خطاب كراهية ضد ألمانيا". وقال حلفاء كبار لميركل إن الزيارة كانت سابقة لأوانها واستبعدوا تقديم أي مساعدات اقتصادية جديدة لتركيا التي عانت من تراجع عملتها في أعقاب فرض واشنطن عقوبات تجارية عليها. وقال نوربرت روتغن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان لصحيفة محلية "توقيت هذه الزيارة كان خاطئا. كان مبكرا للغاية... العلاقة التركية الألمانية ليست أفضل ولا أيسر بعد هذه الزيارة". وفي كولونيا، وهي مركز رئيسي للأتراك الذين يبلغ عددهم ثلاثة ملايين في ألمانيا، تجمع بضع مئات من أنصار أردوغان وراء الحواجز الأمنية وهم يلوحون بالأعلام. وتجمع حوالي ألف متظاهر، بينهم مهاجرون ونشطاء يساريون ألمان، على الضفة المقابلة لنهر الراين بعد عدم السماح لهم بالسير في وسط المدينة. ح.ز/م.س (د.ب.أ، رويترز)
مشاركة :