ساهم المنتج الأمريكي مايك فليس، صاحب أعمال تليفزيونية مثل "ذا باشلور" و"من يريد الزواج من مالتي-مليونير؟"، في تجربة "تليفزيون الواقع" في بداياتها مع مطلع الألفية الثانية، ووقتها، أدرك سريعا أنه لكي يقدم عرضا تليفزيونيا للجهور يجب أن يشعروا بأنهم يستثمرون، وقال: "عندما تقوم بتطوير أحد هذه العروض عليك أن تجد رهاناتك، الحب الحقيقي أو مليون دولار".وفي هذه الأيام، يقوم فليس بما يفعله ملايين الأمريكيين، فهو يجلس ملتصقا بالأريكة يتابع الأخبار، يشاهد مجموعة من الخبراء يناقشون آخر تطورات العرض الممتد، المعقد، وغير المتوقع، الذي يبث على مدار 24 ساعة في اليوم و7 أيام في الأسبوع، ألا وهو عرض "رئاسة دونالد ترامب".ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا بعنوان "لماذا سيفوز ترامب بفترة رئاسية ثانية"، والذي أشارت خلاله إلى أن "تليفزيون الواقع" هو الدليل الرئيسي لترامب في الفترة الرئاسية الحالية، الأكثر شعبية، والتي من المنتظر أن تستمر لـ6 مواسم قادمة.ونقلت الصحيفة عن فليس قوله: "هذا هو مستقبل العالم وسلامة الجنس البشري وصحة الكوكب"، وتوقف قليلا ثم أردف: "كان عليَ التفكير في شيء كهذا". وأضاف التقرير أن فليس وغيره من منتجي التليفزيون شاهدوا كميات متساوية من المرح والفزع في تليفزيون ترامب، حيث استخدم ترامب حيل تليفزيون الواقع، التي تعلمها من خلال برنامج "The Apprentice-المبتدئ" الذي قدمه عام 2004، وطبقها على نظام الحكم يوميا. وأشار إلى أوجه الشبه بين ترامب البيت الأبيض وترامب في سنوات تقديمه للبرنامج كثيرة، فخلف نكتة "أنت مطرود-You’re fired" الشهيرة، دراسة خطيرة للعادات الجمعية للمشاهدين، والرئيس الذي عوض عن افتقاره لخبرة الحكم، بخبرة واسعة وفهم خارق لعروض التليفزيون التي لا تُفوت.وأوضح أن فليس اعتاد أن يضع نكتة في نهاية كل حلقة من حلقات "ذا باشلور"، حيث ينبغي أن تكون الخاتمة مضيئة، مشيرا إلى وقوف ترامب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء، حيث جعل ترامب الدبلوماسيين والقادة يضحكون في سرور بسبب تلك النكتة "في أقل من عامين، أنجزت إدارتي أكثر مما أنجزته أي إدارة أخرى في تاريخ بلادنا"، مخالفا الصيغة المحببة لديه لقول تلك الجملة: "حققنا ربما ما لم يشهد هذا البلد مثله من قبل". يختتم دونالد ترامب كل حلقة بنهاية مشوقة، فبعد أسبوع من إثارة أزمة دستورية مباشرة عقب انتهاء العطلة التجارية، لم ينته تشويق ترامب، فبعد تأجيل الاجتماع المنتظر مع نائب وزير العدل رود فاينشتاين، حول نتائج تحقيقات التدخل الروسي في الانتخابات، تم تأجيله مرة أخرى إلى الأسبوع المقبل، قال ترامب في آخر تصريحاته "سنرى ما سيحدث" 11 مرة.وابتكر دونالد ترامب نوعا ممن الدراما المرتجلة غير الملتزمة بسيناريو، والتي تحتوي على غرف معيشة في كل مكان، معتمدا على تأصيل مفهوم "the antihero- البطل المضاد" (مصطلح فني يقصد به الشخصية الرئيسية في العمل الدرامي التي تفتقر إلى المواصفات التقليدية للبطل كالمثالية والشجاعة والقوة) أو الهتاف بموته، وأشارت الصحيفة إلى أن تليفزيون ترامب "سيجعلك تتسمر أمامه تحت التنويم المغناطيسي".والآن مع استعداد أكثر من نصف سكان الولايات المتحدة لإلقاء "الريموت كنترول" بعيدا، عندما تحرى انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس، والتي تقدم أول فرصة حقيقية لإعادة كتابة السيناريو، يبقى السؤال: "لماذا لا يمكننا التوقف عن المشاهدة؟! فخلال الفترة التي تعد العصر الذهبي للتليفزيون، لم يكتف ترامب بالسيطرة على البرامج الحوارية "الباردة" فقط، بل خرج بنوع من العروض جعل أعتى البرامج الترفيهية تبدو شاحبة بالمقارنة معه"، حيث قال وارين ليتلفيلد الذي أشرف على البرامج الترفيهية لشبكة "NBC" خلال الحقبة التي أخرجت مسلسل "Friends" الشهير "نحن مجتمع مبتكر بشدة، ولكن هذه هي ذروة التليفزيون، برنامج المبتدئ حظي بتصنيف هائل، لقد قتل البرامج النصية المكتوبة ذات الجودة في عام 2004".يقول بعض المديرين التنفيذيين للتليفزيون إن الطريقة الوحيدى لإلغاء عرض ترامب هي أن تسقط التصنيفات ليتلاشى وسط الزحام، حيث لم يشهد برنامجه انخفاضا حادا فب نسب المشاهدة أو الحديث عن إلغائه حتى الموسم السادس تقريبا.وأشار التقرير إلى أنه وبهذا المنطق، سيفوز ترامب في انتخابات عام 2020، إلا إذا حدث ما يأمله المشاهدون الليبراليون، بأن تنهي الفضيحة والإقالة رئاسته قبل الأوان، وبدون شك ستكون أكثر نهاية دراماتيكية في تاريخ الرئاسة الأمريكية.فحتى الآن لا توجد إشارات على ملل أو تعب المشاهد، فمنذ عام 2014 ازدادت نسبة المشاهدات وقت الذروة إلى أكثر من الضعف لتصل إلى 1.05 مليون مشاهد لـ"سي إن إن"، وتقريبا ثلاث مرات بنحو 1.6 مليون مشاهد لـ"إم إس إن بي سي"، ويبلغ عدد مشاهدي "فوكس" في المتوسط لنحو 2.4 مليون مشاهد بعد أن كان 1.7 مليون قبل 4 سنوات، وتصدر برنامج "The Rachel Maddow Show"، قائمة المشاهدات بما يصل إلى 3.5 مليون مشاهد في حلقات الأخبار الرئيسية.
مشاركة :