أبوظبي - طرحت أكاديمية الشعر التابعة للجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية بأبوظبي الجزء الأول من كتاب “الأغنية الإماراتية: نشأتها وتطوّرها ـ رحلة التأسيس” للباحث مؤيد الشيباني. وقسّم الشيباني كتابه، الذي يمسح 241 صفحة من القطع المتوسط، إلى ثلاثة فصول، تناول من خلالها السيرة الذاتية والفنية للمطرب الإماراتي حارب حسن الزعابي (1938 ـ 2008)، بدءًا من أدائه الشلات في محله التجاري بدبي إلى لقائه المثمر بالشاعر سالم الجمري، وصولا إلى انقطاعه عن الشلات وتركيزه على طلب الرزق من خلال محله، ثم الانتقال إلى العمل على سفينة تجارية في رحيله إلى البحرين، التي أقام فيها 28 سنة بدأها بالعمل في مهن مختلفة. في البحرين شاءت المصادفات أن تعلم الزعابي العزف على العود، ثم شاءت المصادفات أن يلتقي بالفنان البحريني محمد راشد الرفاعي الذي ساعده على تسجيل أولى أغانيه التي سرعان ما شاعت في منطقة الخليج، وهي من كلمات شعراء من أبرزهم سعيد بن عمير الشامسي الذي رافقه فنيًّا على مدى أكثر من 20 سنة، وقد نقل المؤلف قصائد للشاعر، وعددها 22 قصيدة، من الحقل الصوتي إلى الحقل الكتابي. ويشير المؤلف إلى أن أولى تسجيلات حارب حسن الزعابي كانت في مطلع الستينات من القرن الماضي. كتاب "الأغنية الإماراتية: نشأتها وتطوّرها. رحلة التأسيس" يذهب بقرائه في رحلة مشوقة داخل تاريخ فني عريق وزخر الفصل الأول بتوثيق معلومات مهمّة في مسار حارب حسن تتعلق به وبالشعراء الذين لحّن قصائدهم وغنّاها مثل: سالم الجمري، محمد راشد المطروشي، فتاة العرب، أحمد الكندي، بنت الماجدي بن ظاهر، سالم الكاس، خليفة بن حماد، محمد سهيل، حمد الروم، مسلّم بن حمد، ماجد بن علي النعيمي، وغيرهم من الشعراء النبطيين الذين أسهموا في التأسيس للأغنية الإماراتية. وتناول الفصل الثاني المسار الذاتي والفني للفنان الإماراتي محمد سهيل بن هويدن الكتبي (1931 ـ 1978)، الذي أسهم في وضع اللبنات الأولى لظهور الأغنية الإماراتية الحديثة وانتقل بها من مسارح الطرب في الخليج العربي إلى مسارح الطرب في سوريا ولبنان وغيرهما. ونبّه الشيباني إلى أن بعض المهتمين بالطرب يعتقدون أن محمد سهيل مطرب سعودي لطول مكوثه في الدمام، كما نبّه إلى أنه شاعر فصيح ونبطي، غنَّى قصائده كما لحّن الفنانون كلماته وغنّوها، ومن أبرزهم علي بروغة. وقد وثّق الكتاب 21 قصيدة لهذا الفنان المؤسس. توثيق بدايات محال التسجيلات في الإماراتتوثيق بدايات محال التسجيلات في الإمارات وأكد مؤيد الشيباني أن محمد سهيل ترك بصمتين في الطرب الإماراتي هما هوية اللهجة والإيقاع والنغمة، وأفق الأغنية المفتوح بهدف انتشارها عربيًّا. إضافة إلى أن تجربته اللحنية تشربت من تجربة الطرب المديني الحديث في لبنان ومصر والعراق خاصة بين منتصف الستينات والنصف الأول من السبعينات. مشيرا إلى أن المطربين الإماراتيين استفادوا من الألحان الشعرية البدوية أكثر من البحرية. وخصص المؤلف مساحة من كتابه للعلاقة الفنية التي جمعت بين محمد سهيل وسالم الجمري، وتمثّلت في تلحين وغناء سبع قصائد على الأقل، أثبت المؤلف سبعًا منها وهي “أريد الهوى لي يجود بوفاه”، “غزال سلبني وانا مقبلِ”، “مرحبا بللي رمس بالتلفون”، “بالتلفون باكلم حبيبي”، “في بوظبي شفت الظبي”، “زاد بي عوق وخيّم”، “قال الذي مصطاب”. كما خصص مساحة أخرى لقصائد الشعراء التي لحّنها وغنّاها محمد سهيل ومنها قصائد لسعيد بن عتيج الهاملي، سيف بن عبيد الشرياني، محمد بن صقر بن جمعة (بن صنقور)، خليفة بن مترف. ولم يغفل العلاقة الفنية التي ربطت بين سهيل وعلي بروغة منذ استقرار الأول في بلده الإمارات سنة 1967. ويختتم الشيباني الكتاب بالتوثيق لـ”بدايات محال التسجيلات في الإمارات”، و”أسماء في ذاكرة الأغنية الإماراتية”، ثم حلّل دور الأغنية في المجتمع باعتبارها “وثيقة تاريخية عبر العصور”. وتخللت الكتاب باقة من الصور لحارب حسن البازعي ومحمد سهيل ومسلّم حمد وخليفة بن مترف وسعيد بن سالم الرميثي، ولأسطوانة أغنية “يظن المعافي” للمطرب الإماراتي محمد عبدالسلام المولود بدبي في حوالي منتصف العقد الثاني من القرن الماضي، ويعتبره مؤرّخو الغناء أول مطرب إماراتي بدأ الغناء في الخمسينات وقدّم عددا قليلا من الأغاني ثم توقّف نهائيًّا.
مشاركة :