تساؤلات حائرة داخل الأوساط السياسية والاقتصادية في الأردن، حول أسباب تعثر فتح «معبر نصيب» الحدودي مع سوريا؟! بينما يرى سياسيون واقتصاديون أردنيون، أن خطوة فتح المعبر الحدودي ـ ويصفه البعض بالمعبر الأهم في الشرق الأوسط ـ ستصب في مصلحة البلدين الشقيقين وجوارهما، وووصفوا الموقف الأردني بشأن فتح معبر نصيب بـ (عين على «نصيب»، وأخرى على الاعتبار الأمني)..وأن العربة الاقتصادية بين الأردن وسورية تنتظر الحصان السياسي. وقال السياسي الأردني البارز، سمير الحباشنة ـ البرلماني ووزير الداخلية الأردني الأسبق ـ للغد، إن فتح «معبر نصيب، مطلب ملحْ، وضروري أن يتم فتحه فورا، وأن لايخضع لأية حسابات، وهو جسر التواصل مع أشقاء روحنا في سوريا ولبنان، وما يحدث تباطؤ غير مبرر، وأسبابه واهيه.. حين يتقدم الاخوه في دمشق نحونا بخطوة، يجب أن نقابلها بخطوتين». وبينما أوضح مصدر في وزارة النقل السورية، أن ما تم الإعلان عنه حول افتتاح المعبر كان خطوة سورية للإعلان عن جهوزية المعبر من الجانب السوري، واستكمال التحضيرات بشكل كامل لإعادة فتح المعبر، وجاء في إطار الضغط لاستعجال فتح المعبر بعد أخذ ورد طال بين الجانبين، الأردني والسوري.. بينما طلب الجانب الأردني عبر قنوات الاتصال بين الجانبين عدم التفرد في الإعلان عن فتح المعبر والتنسيق بين البلدين ليكون ذلك في موعد واحد. أسباب التعثريتردد في العاصمة الأردنية «عمّان»، أن نقطة الجدل التي أخّرت فتح المعبر، هي قرار دمشق المعاملة بالمثل من خلال المرسوم الذي أعلنت فيه عن رفع رسوم الترانزيت والشحن، لكل الشاحنات السورية والعربية والأجنبية التي ستعبر الحدود، لخمسة أضعاف لتصبح 10% بعد أن كانت 2%. وأن هذا القرار أثار حفيظة الجانب الأردني الذي حاول المناورة عليه، لكن في النهاية تم تخطي هذا الإشكال، لما يمثله فتح المعبر من أهمية لكلا الجانبين.. ومن جهة أخرى، يرى مراقبون أن أسباب تعثر فتح المعبر تتخطى مجرد الخلاف على الرسوم، لتشمل جوانب سياسية أيضا، وأن تريث الطرفين يعود إلى رغبة كل منهما في الحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية والاقتصادية مقابل فتح المعبر. الجانب السياسي للمصالح الاقتصاديةوتشير الدوائر السياسية في عمّان،إلى الجانب السياسي لفتح المعبر، وأهميتة بالنسبة لروسيا وسوريا سياسيا، كونه سيمثل نصرا معنويا كبيرا لهما، ودليلا آخر على أن كل شيء يعود بسرعة لطبيعته وأن الحرب توشك على نهايتها..كما أن فتح المعبر يدخل أيضا في حسابات موسكو ودمشق المتعلقة بإعادة الإعمار، وتنشيط حركة التبادل مع دول الجوار لإدخال مواد البناء ومستلزمات إعادة الإعمار، فضلا عن المكاسب الكبيرة للحكومة السورية من الناحية الاقتصادية، وتحديدا استعادة حركة الترانزيت التي تقدَّر خسارة سوريا نتيجة فقدانها خلال السنوات الماضية بنحو خمسة مليارات دولار، في حين خسر الأردن 800 مليون دولار ولبنان 900 مليون دولار. وفي هذا السياق، نقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسيين مطلعين قولهم إن «المملكة الأردنية طلبت أن تقوم الشرطة العسكرية الروسية بدور أكبر في حماية النازحين الذين يريدون العودة لمناطق استعادها الجيش السوري في الآونة الأخيرة، مما تسبب في إزعاج السلطات السورية من لجوء الأردن إلى التنسيق مع روسيا بدلا من التنسيق معها في موضوع فتح المعبر». ومن أسباب تعثر فتح المعبر، بحسب المحلل السياسي الأردني، عريب الرنتاويي، أنه «يبدو أن فتح المعبر يجب أن يتم في سياق (رزمة) من إجراءات التطبيع السياسية والتفاهمات الأمنية مع الأردن، في حين أن الأردن قد تكون لديه محاذير وتحسبات سياسية، ترتبط بانفتاحه على دمشق»، لا سيما وسط توقعات بمزيد من الانحدار في مستوى التعاون الأمريكي الروسي في سوريا وعليها. ونفت مصادر أردنية، مقربة من القصر الملكي، أن يكون الجانب الأردني وضع شروطا على فتح المعبر، منها منع الشاحنات السورية من دخول الأراضي الأردنية، على أن يتم إيصال البضائع إلى الحدود الأردنية ومن ثم نقلها إلى شاحنات أردنية لنقلها، إضافة إلى سعي عمّان للربط بين موافقتها على فتح المعبر من جهة، وعودة عدد لا بأس به من اللاجئين من أراضيها إلى مناطقهم في الجنوب السوري، من جهة ثانية. الجانب الأمني لـ «الرئة الشمالية للأردن» ومن عمّان يقول العميد الركن المتقاعد محمد العلاونة، إن فتح الحدود بين الجانبين يحتاج الى مزيد من الوقت لتهيئة الظروف المناسبة أمنيا أمام حركة المسافرين والنقل الذين سيسلكون الطريق نحو دمشق وغيرها من المحافظات السورية، وينبغي الأخذ بعين الاعتبار سلامة وأمن الناقلين كأحد اهم أولويات الحكومة في هذا الاطار.ز ويؤكد «علاونة» أن الأردن ينظر إلى الجانب الأمني بالدرجة الأولى فيما يتعلق بفتح الحدود والمعابر بين البلدين، في ظل ما شهدته المناطق السورية المحاذية للحدود الأردنية من أحداث، وسيطرة فصائل مسلحة هناك ذات ولاءات مختلفة، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان معرفة الوضع الأمني في تلك المناطق ومدى تأثيره مستقبلا على سلامة حركة النقل والمسافرين.. وهو ما يؤكد عليه اللواء المتقاعد وليد فارس كريشان، بأن المملكة حريصة على فتح الحدود مع سورية بعد التوافق على ترتيبات معينة حول الآليات التي يجب اعتمادها من الجانبين بعد فتح الحدود، وهناك مساعي جادة في الأردن للوصول إلى هذه الترتيبات، التي تخضع لاعتبارات أمنية يمكن التوصل إليها قريبا من خلال اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة بين البلدين. الأردنيون يؤكدون على أهمية فتح الحدود مع سورية، خاصة معبر نصيب الذي يصفه ممثلو العديد من القطاعات الأردنية بـ «الرئة الشمالية للأردن»، حيث يعد خط الترانزيت الوحيد الذي يربط الأردن بعدة دول عبر الأراضي السورية، خاصة دول الخليج العربي، ما يعني أن تجارة الترانزيت، التي ستعبر من المعبر ستفيد الأردن، بصورة رئيسية، ولذلك، تريد دمشق ثمنا لقاء فتح المعبر. ويعد معبر نصيب كما يُسمّى في سوريا، ومعبر جابر في الأردن، المعبر الرئيس بين 19 معبرا بريا سوريا، ووصل عدد الشاحنات التي كانت تجتاز المعبر قبل بدء الأزمة السورية عام 2011 إلى 7 آلاف شاحنة يوميا، وهو يضم 3 مسارات منفصلة، واحد للمسافرين القادمين وآخر للمغادرين بمركباتهم الخاصة أو وسائط النقل العمومية، وثالث مخصص للشاحنات القادمة والمغادرة، كما تحاذيه منطقة حرة سورية أردنية مشتركة..وأعاد الجيش السوري في مطلع شهر يوليو/ تموز الماضي سيطرته بشكل كامل على معبر نصيب، الذي افتتح في العام 1997.
مشاركة :