اكد الدكتور محمد المحرصاوى، رئيس جامعة الأزهر، أن العقل يأبى أن يتصور بناءً أو تنمية مستدامة، بعيدًا عن مسار العلم، الذى لابد أن نعمل جميعًا على إعلاء قيمته، كما أرادها الله سبحانه وتعالى، وبلغها سيد الخلق، صلى الله عليه وسلم، وأنه يميل إلى الاعتقاد بأن البحث العلمى ركيزة أساسية فى تجاوز أى تحديات وإنهاء أى أزمات طالما أدت الجامعات والمؤسسات البحثية، دورها الحيوي بأبحاث جادة تضع حلولًا جذرية لأى مشاكل وتُسهم فى الارتقاء بمستوى الأداء بشتى ميادين العمل والإنتاج فى شراكة مثمرة تؤدى لرفع مستوى معيشة المواطنين، وتيسير سبل العيش الكريم. أشار، خلال كلمته فى المؤتمر الدولى للاتحاد العربى للتنمية المستدامة والبيئية تحت رعاية الجامعة العربية، إلى أن الكليات العملية بجامعة الأزهر، بالقاهرة والأقاليم، باعتبارها أحد بيوت الخبرة الوطنية، تفتح آفاق التعاون مع كل الهيئات والمؤسسات الحكومية والجهات المعنية والمحافظات لتقديم المشورة والرأي العلمى، والمشاركة الفعَّالة فى خدمة المجتمع بأبحاث جادة وبرامج عمل قابلة للتنفيذ. أوضح أن الانطلاقة الأولى للتنمية المستدامة، لابد أن ترتكز على محور الإنسان، والارتقاء بقدراته، ومهاراته بل إنه يقول: بناء الإنسان، ذلك المشروع الحضارى الذى أطلقه رئيس الجمهورية، والذى يُؤسس لآفاق رحبة فى المجالات التنموية بما يحقق الرخاء والازدهار لوطننا الغالى، مصر المحروسة. أضاف، موجهًا حديثه للمشاركين فى المؤتمر،: لعلكم، تلمسون الخطوات المثمرة التى يخطوها الأزهر، بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، حيث يعكف شيوخه وعلماؤه على الإسهام الفعَّال فى بناء الإنسان من خلال عدة مسارات متناغمة حيث ينتشرون، فى قوافل دعوية، بالمدن والقرى والنجوع لترسيخ الفهم الحقيقى للدين الحنيف بمنهجه المعتدل وإرساء قيم التسامح والسلام والمواطنة والتعايش المشترك، وتفنيد التأويلات الشاذة والمنحرفة التى يستند إليها أرباب الأفكار السقيمة فى استقطاب عناصر الجماعات الإرهابية، وينطلق أساتذة الطب فى أرجاء البلاد خاصة المناطق النائية لفحص المرضى وعلاجهم وإجراء الجراحات الدقيقة مجانًا، فى مستشفياتنا التعليمية والجامعية، وتجوب قوافل بيت الزكاة والصدقات المصرى، القرى الأكثر فقرًا لتقديم يد العون للمستحقين بمساعدات عينية ومالية عاجلة. أضاف أنه انطلاقًا من عالمية الأزهر، فقد انطلق برسالته السامية إلى مختلف بقاع الأرض، يؤدى دوره الدعوي والتعليمي والاجتماعي والإنساني؛ لينشر قيم الإسلام السمحة ويؤسس حوارًا حضاريًا بنَّاءً بين الشرق والغرب ويُرسخ السلام العالمى بالتعاون مع كبرى المؤسسات الدينية، وليُسهم فى توفير الرعاية الصحية والاجتماعية للفقراء بالخارج. أعلن استعداد جامعة الأزهر، للتعاون الإيجابى فى أى مبادرات وطنية أو مشروعات قومية تستهدف بناء الإنسان المصرى، وقد شاركنا بفاعلية فى المبادرة الرئاسية للقضاء على قوائم انتظار الحالات الحرجة.. مؤكدًا مشاركة جامعة الأزهر فى القضاء على فيروس «سى» بإسهامات مثمرة فى إجراء أكبر مسح طبى على مستوى العالم، الذى تنطلق مرحلته الأولى فى ٩ محافظات، من خلال كليات الطب والمستشفيات التعليمية والجامعية. أشار إلى أن التنمية، جزء لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية، وفريضة فرضها الإسلام على الأفراد والجماعات، وأن مفهوم التنمية المستدامة في المنهج الإسلامي يشمل تنمية الإنسان في ذاته روحًا وفكرًا، إضافة إلى تنمية البيئة الخارجية المحيطة به في مختلف نواحي الحياة، مما يجعلها تقوم على بعدين أساسيين: أولهما: بناء الإنسان، وثانيهما: إعمار الأرض، والحفاظ على ثرواتها، كل ذلك وفق المنهج الرباني الحكيم وضوابط شرعه بما يضمن طيب الحياة في الدارين، وقد شكَّل الإنسان محور التعريفات المقدمة بشأن التنمية المستدامة، حيث تتضمن تنمية بشرية قائمة على تحسين مستوى الرعاية الصحية والتعليم والوضع الاجتماعي.. موضحًا أن «التنمية المستدامة»، هي التي تلبي احتياجات الحاضر دون النيل من قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. أكد أنه رغم حداثة مصطلح «التنمية المستدامة» فإن مفهومه ليس بجديد على الإسلام والمسلمين مما يؤكد صلاحية هذا الدين لكل زمان ومكان فقد حفل القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بالعديد من النصوص التي تمثل الركائز الأساسية للتنمية المستدامة، وتضع الضوابط التي تحكم علاقة الإنسان بالبيئة – بل وبالأرض والكون كله - من أجل ضمان اسـتمراريتها صالحة للحياة إلى أن يأتي أمر الله.
مشاركة :