باحثة بحرينية تؤكد: الذكاء الاصطناعي سيغير تشكيل عالم الأعمال والاقتصاد

  • 10/2/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

سيكون البديل الأكثر دقة وسرعة في تحليل البيانات واتخاذ القرارات 8% نسبة مساهمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي البحريني بحلول 2030 ستتغير معالم الأشكال التقليدية للقطاعات الاقتصادية والتجارية وقطاعات الأعمال بنمط متسارع لم يألفه الناس منذ بدء الخليقة، وهو ما سوف يتطلب تغييرا شاملا لكل ما هو مألوف في الوقت الراهن في هذه القطاعات، وسوف تنعكس التغييرات التي ستطرأ بشكل شامل في غضون عقد واحد من الزمان، على الاقتصاد وسوق العمل وسيكون لذلك تأثيرات واضحة سلبا وإيجابا على حياة المجتمعات. كل ذلك، بفضل ما أطلق عليه اسم (الذكاء الاصطناعي) الذي سيكون بمثابة موجة عالمية هائلة ستكتسح كل معالم الحياة، موفرا حلولا للمشكلات والتحديات التي تواجهها قطاعات مهمة كالاقتصاد والطاقة والصحة والتعليم، لكن.. وعلى الرغم من ذلك، فإن القلق ما زال يساور الكثيرين، عن نتائج تحولات كبيرة قادمة لما يعرف بـ(مكننة الوظائف وأتمتة الأعمال) أي استبدال الإنسان بالآلة، وهنا ينقسم المفكرون والمحللون إلى قسمين، قسم يؤكد أن المكننة لن تؤثر على معدلات التوظيف البشري، لأن الذكاء الاصطناعي سيوفر فرصا أكبر للتوظيف، فيما يشكك القسم الآخر في هذه المقولة، ويبدون قلقا كبيرا على مصير العاملين في المصانع التي تعتمد في خطوط إنتاجها على الجهد البشري بشكل كبير. ومن المتوقع في الولايات المتحدة لوحدها خسارة 1.4 مليون وظيفة بسبب التقنيات الجديدة بحلول 2026 بحسب ما جاء في منتدى الاقتصاد العالمي. أكدت ذلك الباحث بمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة الدكتورة فاطمة السبيعي، في تصريحات حصرية لـ(أخبار الخليج)، وقالت إن «العالم بأسره منشغل اليوم بالتوصل إلى اقصى مدى ممكن لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتوسيع مجال استخدامها، لأن هناك قناعة تامة بأن هذه التقنية سوف تفتح آفاقا جديدة في لقطاع الاقتصاد والأعمال، وهو ما سوف ينعكس مباشرة على نمط حياة الانسان على الأرض». ولذلك، فإننا بدأنا نلمس بشكل كبير، انتشارا واسعا للأجهزة الرقمية والانترنت، نمو مصادر بيانات التجارة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والحكومات والاعمال التجارية، مصحوبة بطلب عالمي محموم على الخدمات والمنتجات الرقمية، على مستوى الأفراد والمؤسسات، ولاسيما في مجالات الرعاية الصحية ووسائل وشبكات المواصلات والخدمات اللوجستية والصناعية». وأضافت «ولأن الذكاء الاصطناعي هو علم صناعة الآلات والانظمة القادرة على ممارسة الأعمال بذكاء يحاكي الذكاء البشري او يتفوق عليه في بعض الحالات المعقدة، ولأن هذه الأنظمة الذكية قادرة على التعلم والاستنتاج بطريقة ذاتية، عن طريق استشعار أو استقراء وبحث وتجميع وفهم وتحليل عدد ضخم من البيانات المتواجدة في بيئتها من (نصوص، وصور، وفيديوهات)، فإن من المؤكد أنها ستكون أدوات فائقة السرعة والدقة في استنتاج التنبؤات، واتخاذ القرارات المناسبة». وقالت الدكتورة السبيعي، إن «الأمثلة على التطبيقات والتغييرات التي سيحدثها الذكاء الاصطناعي لا حصر لها، ويمكن ذكر امثلة لتطبيقات أثبتت نجاحات كبيرة في عدد من المجالات والقطاعات منها: ـ قطاع التجزئة، حيث بدأت شركات تجزئة عالمية في قطاع الألبسة على سبيل المثال، تعتمد حاليا على المساعدة الافتراضية والتواصل النصي الذكي (Chatbots) مع زبائنها عن طريق الهاتف النقال او الموقع الالكتروني بهدف مساعدتهم في بحث وشراء المنتجات الملائمة لحاجاتهم الشخصية بشكل مباشر، وهو ما يعني تقديم مستوى خدمة زبائن أفضل ومستوى مبيعات أكبر، وهي خدمة عابرة للقارات. ـ في قطاع البنوك، تم تصميم المساعد الافتراضي الذكي (Erica) واستخدامه في أحد البنوك الكبيرة بأمريكا من أجل تمكين العملاء من تنفيذ المعاملات اليومية على مدار الساعة وطوال الاسبوع وتقديم التوقع حول الاحتياجات والتوصيات المالية لكل عميل لتسهيل ادارة امواله وتحقيق اهدافه المالية. ويتم استخدام ادوات الذكاء الاصطناعي لقياس رضى العملاء حاليا في أحد البنوك الهندية، وذلك عن طريق مسح وتحليل تعبيرات وجوه العملاء في الصور الملتقطة بالكاميرات المثبتة في الفروع. ـ وسائل التواصل الاجتماعي مثل (فيسبوك) وغيره، فهي وسائل تعتمد بشكل رئيسي على الذكاء الاصطناعي في طريقة عملها بجعل التصفح مبنيا على الاحتياجات والميول الشخصية لكل مستخدم، وفي تفعيل الترجمة ومحاربة الأخبار الزائفة على منصاتها. ـ في صناعة السيارات، الكثير من المصانع اعلنت مشروع انتاجها للسيارات الذاتية القيادة المعتمدة على عمل الذكاء الاصطناعي، وقطعت اشواطا في هذه المشاريع، وتملك المصانع مختبرات للقيام بأبحاث واختبار الأداء، وصل بعضها حاليا الى التحقق من مستوى فاعلية الرؤية الآلية للسيارة في الظروف المناخية كسقوط الثلوج والامطار والضباب». أين موقع الخليج من الذكاء الاصطناعي سألناها: ماذا يشكل الذكاء الاصطناعي من اهمية بالنسبة الى الدول الخليجية. وما النسبة المتوقعة في الناتج القومي الاجمالي لها في المرحلة القادمة، وما أبرز الفرص والتحديات التي تواجههم في خوض هذه المجال، فقالت «تعتبر مشاريع الذكاء الاصطناعي أحد أهم المشاريع الطموحة والواعدة اقتصاديا في دول الخليج، فمتوقع بحسب دراسة شركة PWC الشرق الاوسط ان يصل معدل إسهام الذكاء الاصطناعي في الناتج القومي السعودي إلى 12.4%، اي ما يعادل 135.2 مليار، وبمعدل 14% في الامارات و8% في البحرين والكويت بحلول 2030، فيما ستكون حصة الشرق الأوسط من تطبيقات الذكاء الصناعي سوف 320 مليار دولار أمريكي في اقتصاد منطقة الشرق الأوسط بحلول عام 2030، أي ما يعادل 11% من إجمالي الناتج المحلي لدول الشرق الأوسط، وهنا يتضح جليا أن الحصة العظمى من منظومة دول الشرق الأوسط ستكون من نصيب دول الخليج». لقد بدأت بعض الدول الخليجية فعليا دخول هذا المجال كما رأينا بمخطط (مشروع نيوم) في السعودية الذي سيستقطب استثمارات عديدة منها في العلوم التقنية والرقمية بهدف انشاء مدن ذكية متميزة بحلول التنقل الذكية كالسيارات والطائرات ذاتية القيادة والاساليب الذكية في الزراعة وانتاج الغذاء والرعاية الطبية والحماية الأمنية والرفاهية الاجتماعية. وكذلك نرى اهتمام دولة الامارات العربية المتحدة بتبنيها استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي وبدء تمهيد البنى التحتية والخوض فعليا بمشاريعه، كاستخدام تقنية التواصل النصي الذكي Chatbots في العمل الحكومي، مثل (رَمَّاس) في موقع هيئة كهرباء ومياه دبي الذي يعمل كموظف افتراضي يقوم بالرد على الاستفسارات والمساعدة الافتراضية، واستخدام الروبوت في مجال الرعاية الطبية كروبوت الصيدلية الذكية في بعض المستشفيات. وقالت «يقدم الذكاء الاصطناعي فرصا كثيرة ومتنوعة يمكن لدول الخليج الاستفادة منها لتحسين مستوى ونوعية حياة مجتمعاتها بشكل عام، فإنه يمكن استخدامه لحل بعض من المشكلات والتحديات التي تواجه قطاع التعليم والاقتصاد والطاقة، وللارتقاء بالعمل الحكومي والخاص بتطوير اساليب وانظمة العمل ومكننة المهام الإدارية الروتينية او الخطرة، ولتوفير خدمات متطورة في الرعاية الطبية كتشخيص الامراض والجراحة والعقاقير الطبية، ولتقديم ابتكارات جديدة وخدمات عالية الكفاءة بكلفة ووقت اقل في القطاع التجاري كالمؤسسات المالية والبنوك ومحلات التجزئة وحجوزات التنقل والسفر وغيره، كما يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ايضا في ضبط الأمن ومكافحة الجريمة ومواجهة التحديات الارهابية والحد من اخطارها». ويمكن ايضا الاستفادة من التجارب الموجودة للذكاء الاصطناعي في القطاع النفطي بما يخص عملية التسويق باعتبار دول الخليج دول منافسة فيه، لقد تم الاستثمار بالذكاء الاصطناعي من قبل كبرى الشركات في القطاع النفطي مثل شركة ExxonMobil حين اعلنت في عام 2016 مشروع تصميم روبوتات لاكتشاف وانتاج الهيدروكربون والتنقيب في المحيطات، بالتعاون مع ثمانين جامعة داخل وخارج امريكا على مدى خمس سنوات وبميزانية 25 مليون دولار امريكي لدعم الابحاث المطلوبة. وقامت شركة Shell ايضا باستخدام منصة تواصل ذكي تمكن الزبائن من استخدام اللغة البشرية للبحث السريع عن المنتج المثالي والمطابق لمواصفات محددة بدقة ضمن قواعد بيانات كبيرة. التحديات في دول الخليج أما عن أبرز التحديات التي تواجه دول الخليج فقالت الدكتورة السبيعي إن «نقص المهارات والكفاءات البشرية وبالأخص مبرمجي الذكاء الاصطناعي، سوف يشكل تحديا بارزا يواجه انتشار الذكاء الاصطناعي بالمعدلات العالمية المتوقعة، فضلا عن عدم جاهزية البنية التحتية اللازمة لعمل الذكاء الاصطناعي من حواسيب ومنظومة تخزين ضمن بيئة سحابية مناسبة لسرعة ونطاق آلية معالجة البيانات وعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وكذلك عدم جاهزية البيانات بالشكل المطلوب والكامل والمحدث لبدء تطبيق مشاريع عمل الذكاء الاصطناعي». وأضافت «من التحديات كذلك، خسارة او الغاء بعض الوظائف، فبحسب النقاش في منتدى دافوس 2018 ان الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مجال الوظائف قد يؤدى الى خسارة الكثير من الوظائف». التأثير على الاقتصاد العالمي سألناها: ماذا رصدتم من تأثيرات لاعتماد الذكاء الاصطناعي على أداء الاقتصاد العالمي، خلال السنوات العشر الماضية وماذا تتوقعون أن يكون تأثيره خلال مرحلة الشيوع المتوقعة، فقالت «وفق دراسة حسب دراسة أجرتها شركة Nicholas Chen وآخرون هذا العام، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي سيمكن الاقتصاد العالمي لتحقيق معدلات نمو تتراوح بين 1.49 و2.95 تريليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة، اما على مستوى مدى ابعد، فإن من المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي باستثمارات تقدر بـ13 تريليون دولار بحلول عام 2030، أي بمعدل زيادة سنوية قدرها 1.2%، وفق دراسة أجرتها شركة McKinsey الاستشارية. وتكمن الفوائد الاقتصادية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التحسين والابتكار بالسلع والخدمات، ورفع الكفاءة وزيادة الانتاجية، وتقليل عدد ساعات العمل والنفقات، وأتمتة الاعمال في مجال الوظائف. ويعتبر تقليص وإلغاء المهن الممكن أتمتتها، وازدياد الطلب على المهارات العملية الأكثر مهارة من التغييرات الواضحة التي سيحدثها الذكاء الاصطناعي في مجال الاقتصاد وسوق العمل، فمن المتوقع انه سيتمكن الذكاء الاصطناعي من أتمتة نسبة تتجاوز 50% من الأعمال الحالية على مدى الأربعين سنة القادمة، معظمها في ادارة الخدمات المالية والتجارية بحسب دراسة Manyika (2017) وآخرون لشركة McKinsey الاستشارية. من الملاحظ حاليا انه تم اعفاء البشر من بعض الوظائف والاعمال لتتم اداراتها بالعمل الآلي فقط، كوظيفة المبيعات في حجوزات السفر والتنقل، ووظائف خط الانتاج بالمصانع، وبدالة الهاتف وارشفة الملفات والخ، فلا داعي لموظف بشري لإتمام هذه المهمات في حين ان العمل الآلي يمكنه القيام بها بكفاءة اعلى وانتاجية أكثر في وقت اقل، ناهيك عن تفادي نفقات التوظيف كالأجور والتدريب. وفي الوقت نفسه سيسهم قطاع الذكاء الاصطناعي في ايجاد مزيد من الوظائف الجديدة في القطاعات المختلفة الى جانب وظائف برمجة الذكاء الاصطناعي.

مشاركة :