باريس - وكالات - داهمت السلطات الفرنسية، أمس، مركزاً شيعياً وجمدت أصول إدارة تابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية، وشخصين متهمين بالوقوف وراء خطة أحبطت في نهاية يونيو الماضي، للاعتداء على حركة إيرانية معارضة في المنفى، الأمر الذي يزيد من تعقيد العلاقات بين البلدين.وأعلنت السلطات المالية تجميد أصول إدارة الأمن في وزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية وإيرانيَين لمدة ستة أشهر بموجب مرسوم نشر في الجريدة الرسمية، في إجراء متصل بخطة الاعتداء المفترضة على تجمع للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (مجاهدين خلق) الذي يتخذ من باريس مقراً له. وكانت بلجيكا أعلنت في 2 يوليو الماضي، احباط هذه الخطة، وأوقف حينها ثلاثة أشخاص بينهم ديبلوماسي إيراني وضُبطت سيارة فيها متفجرات.وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إن «الاعتداء الذي أحبط في فيلبنت يؤكد الحاجة إلى نهج متشدد في علاقاتنا مع إيران». وأعلن وزراء الخارجية والداخلية والمالية الفرنسيون في بيان مشترك: «تم إحباط محاولة اعتداء في فيلبنت في 30 يونيو الماضي. هذا العمل البالغ الخطورة على أرضنا لا يمكن أن يبقى بلا رد».وأضاف البيان الرسمي: «بعيداً عن التأثير على نتائج الإجراءات الجنائية المتخذة ضد المحرضين والمنفذين والمتورطين في مشروع الاعتداء هذا، اتخذت فرنسا تدابير وقائية هادفة ومتوازنة على شكل تبني تدابير وطنية بتجميد أصول الإيرانيين السيد أسد الله أسدي والسيد سعيد هاشمي مقدم (نائب وزير الاستخبارات المكلف العمليات) وكذلك إدارة الأمن الداخلي في وزارة الاستخبارات الإيرانية». وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي، طالباً عدم ذكر اسمه، «ان تحقيقا طويلا دقيقا ومفصلا لأجهزتنا أتاح التوصل بوضوح ومن دون أي لبس، الى تحميل وزارة الاستخبارات الايرانية مسؤولية التخطيط لمشروع الاعتداء»، وان مقدم أمر بشن الهجوم. وأوضح أن فرنسا أبلغت ايران بنتائج التحقيقات «الا انها لم تتلقَ أي جواب مقنع»، مضيفا أن وزارة الاستخبارات لم تتوقف يوما عن استهداف المعارضين في الخارج، مذكرا بمقتل اربعة منهم في أوروبا منذ العام 2015.وتابع أيضا: «كنا نتوقع (من طهران) جوابا واضحا، ولا يمكننا التسامح مع أي تهديد ارهابي على ارضنا الوطنية». وكان مخطط التفجير يستهدف مؤتمراً للمجلس الوطني للمقاومة عقد على مشارف العاصمة الفرنسية وحضره رودي جولياني محامي الرئيس دونالد ترامب وعدة وزراء أوروبيين وعرب سابقين. وردا على طلب للتعقيب، اكتفى الناطق باسم السفارة الإيرانية في باريس، بالقول: «أهلا. شكرا لكم». وأسدي المولود في 22 ديسمبر 1971 في إيران، هو الديبلوماسي الذي كان معتمداً في فيينا وأوقف في ألمانيا للاشتباه بتورطه في قضية التخطيط المفترض لاعتداء فيلبنت. وسمح القضاء الألماني الاثنين، بتسليمه الى القضاء البلجيكي. وأثرت هذه القضية سلباً على العلاقات الثنائية، وذكرت تقارير صحافية فرنسية أن قرار باريس عدم تعيين سفير في طهران منذ أشهر على صلة مباشرة بها.وقال مصدر في الرئاسة الفرنسية في سبتمبر: «نحن بصدد العمل معاً لتوضيح كل ما جرى بشأن فيلبنت»، قبل أن يلتقي الرئيس إيمانويل ماكرون نظيره الايراني حسن روحاني في نيويورك على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة حيث تطرقا إلى هذا الملف. وكشفت «رويترز»، أن مذكرة داخلية للخارجية الفرنسية ناشدت الديبلوماسيين في أغسطس الماضي، بعدم السفر إلى إيران. وذكرت أن الأسباب هي مخطط التفجير في فيلبنت وتشدد الموقف الإيراني تجاه الغرب. وفي شمال فرنسا، نفذت الشرطة عملية «وقائية لمكافحة الإرهاب» استهدفت مقر «مركز الزهراء» ومنازل مسؤولين عنه في غراند سانت. وبررت سلطات المنطقة العملية «بالتأييد الواضح» الذي يعبر عنه قادة من المركز تجاه «منظمات إرهابية»، لكنها لم تقم صلة مع فيلبنت.وجمدت أموال «مركز الزهراء» والجمعيات التي تتواجد في مقره لستة أشهر، وفق نص نشر في الجريدة الرسمية كذلك.وقال مصدر مقرب من التحقيق، إن «مركز الزهراء» هو أحد المراكز الشيعية الرئيسية في أوروبا ويضم جمعيات عدة، بينها «حزب مناهضة الصهيونية» و«الاتحاد الشيعي الفرنسي» وتلفزيون «فرنسا ماريان تيلي».وتشتبه السلطات الفرنسية بأن هذه الجمعيات تبرر «التطرف» وتمجد حركات صنفتها فرنسا «إرهابية» مثل حركة «حماس» و«حزب الله».وإثر المداهمات، وضع ثلاثة أشخاص على علاقة بالمركز قيد التوقيف الاحترازي ولا سيما بسبب حيازتهم أسلحة غير مرخصة.وقالت امرأة تسكن في الحي لـ «فرانس برس»، طالبة عدم ذكر اسمها، إن المركز وجمعياته «عبارة عن مجتمع شديد الانغلاق، لا نعرف الكثير عما يجري في الداخل، هناك في كثير من الأحيان حرس على المدخل». وفي طهران، قال الناطق باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي في بيان صحافي: «ننفي مجددا وبشدة هذه الاتهامات وندين اعتقال الديبلوماسي الايراني ونطالب بإطلاق سراحه فوراً». واعتبر البيان، قضية فيلبنت «مؤامرة تتطابق مع اهداف النظام الاميركي والنظام الصهيوني لتخريب العلاقات الاخذة في التحسن بين إيران وأوروبا».
مشاركة :