مناورات عسكرية غير مسبوقة بين تونس والسعودية

  • 10/3/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - تشهد المنطقة المغاربية تحركات عسكرية لافتة، ارتفعت وتيرتها منذ اجتماع قادة أجهزة الاستخبارات العسكرية لدول شمال وغرب أفريقيا، الذي عُقد بتونس في التاسع عشر من سبتمبر الماضي، بتنظيم من وزارة الدفاع التونسية وبالتعاون مع القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، المعروفة اختصارا بـ”أفريكوم”. واتخذت تلك التحركات أشكالا مُختلفة، شملت أبرز المجالات العسكرية، وخاصة منها القوات البرية والجوية، وسط قلق متزايد أملته جملة من الدلائل التي تُشير إلى أن منطقة شمال أفريقيا، أضحت أمام مُتغيرات قد تكون عاصفة على المستوى الإستراتيجي، في علاقة بموازين القوى السائدة حاليا. وفي سياق هذه التحركات العسكرية اللافتة، بدأت في تونس مناورات عسكرية جوية مشتركة بين سلاحي الجو التونسي والسعودي، وذلك في سابقة هي الأولى في تاريخ البلدين. وحسب ما أكده لـ”العرب” العميد ركن خالد السهيان، الملحق العسكري بسفارة السعودية لدى تونس، وصلت الاثنين إلى تونس قوات جوية ملكية سعودية، للمشاركة في تلك المناورات العسكرية المُشتركة مع جيش الطيران التونسي التي ستجرى تحت اسم “القيروان 1”. وقال إن هذه المناورات تأتي في إطار توثيق علاقات الأخوة، وهي تعكس قناعة مشتركة لدى قادة البلدين على مزيد تعزيز أواصر التعاون في مختلف المجالات بما ذلك المجال العسكري لما فيه مصلحة البلدين. ولفت إلى أن هذه المناورات تندرج أيضا ضمن الجهود الكبيرة لتدريب جميع وحدات القوات المسلحة السعودية، وهي تهدف إلى “تبادل الخبرات مع سلاح طيران الجيش التونسي”. العميد ركن خالد السهيان: المناورات السعودية-التونسية، لبنة لمناورات مشتركة قادمة بين البلدينالعميد ركن خالد السهيان: المناورات السعودية-التونسية، لبنة لمناورات مشتركة قادمة بين البلدين ووصف العميد ركن خالد السهيان هذه المناورات العسكرية الجوية المُشتركة بـ”غير المسبوقة” باعتبارها الأولى التي تُنفذ مع تونس، وستكون “لبنة لمناورات مشتركة قادمة”. وشدد العقيد طيار ركن، محمد الشهراني، قائد هذه المناورات من الجانب السعودي، على أن هذه المناورات “تُعد امتدادا لخطط وبرامج القوات المسلحة السعودية التدريبية للرفع من مستوى الجاهزية القتالية للقوات الجوية السعودية”. وتابع أن هذه المناورات العسكرية “تأتي ضمن الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الدفاع السعودية ضمن الخطط السنوية لتدريب القوات المسلحة، وتهدف إلى دعم أواصر التعاون والعلاقات بين القوات الجوية الملكية السعودية وسلاح طيران الجيش التونسي”. وبحسب مصادر “العرب”، فإن الوحدات العسكرية الجوية السعودية التي وصلت إلى تونس للمشاركة في هذه المناورات التي ستتواصل على مدى أسبوعين، تتألف من أكثر من 120 ضابطا وضابط صف وجندي من سلاح الجو السعودي، وسرب من الطائرات الحربية المقاتلة. وأشارت إلى أن الهدف الرئيسي من هذه المناورات هو إحكام وتعزيز التنسيق والتخطيط بين سلاح الجو في البلدين على الصعيد العملياتي، والاستراتيجي، وكذلك أيضا التعبوي، ما يعني أنها مُقدمة لتعاون أوسع بين البلدين في المجال العسكري. ويرى مراقبون أن أهمية هذه المناورات تكمن في مدتها وحجمها، وكذلك أيضا في توقيتها الذي يأتي بعد أقل من أسبوع من إعلان الجيش الجزائري عن البدء في مناورات عسكرية برية واسعة غير بعيد عن الحدود الليبية. وبدأ الجيش الجزائري الإثنين مُناورات عسكرية تكتيكية بالذخيرة الحية تُحاكي صد هجمات إرهابية غير تقليدية، بالمنطقة العسكرية الرابعة بجنوب شرق البلاد، غير بعيد عن الحدود الليبية. ويُشرف على هذه المناورات التي تُنفذ تحت اسم “عاصفة 2018” في شمال شرق منطقة عين أميناس، نائب وزير الدفاع الجزائري، رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، الذي اعتبر أن بلاده تقع في منطقة استراتيجية ذات طابع جيوسياسي غير مستقر، “ما يستدعي من الجيش أن يكون دائما في مستوى عظمة المهام التي يتشرف بأدائها”. وأثارت هذه التحركات العسكرية في المنطقة سلسلة لا تنتهي من التساؤلات، حيث اعتبرها الخبير الأمني التونسي، العقيد متقاعد، علي الزرمديني، أنها تؤكد مرة أخرى أن منطقة شمال أفريقيا، تحولت إلى منطقة إستراتيجية هامة بأبعادها العسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية. وقال لـ”العرب” إن ترابط الجماعات الإرهابية الناشطة في الشرق الأوسط مع تلك الناشطة في شرق آسيا، وفي ليبيا وسيناء، ومنطقة الساحل الأفريقي، يجعل هذه المنطقة محورية، وهو ما يُفسر إلى حد ما هذه التحركات العسكرية. وتوقع أن تكون منطقة شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء الأفريقية عموما، في وضع وصفه بـ”الدقيق” من حيث الاستقرار، وبالتالي فإن هذه التحركات العسكرية بأشكالها المُختلفة “مطلوبة من أجل ضمان جاهزية الوحدات العسكرية للتدخل كلما استدعت الحاجة ذلك”. واعتبر “أن القضاء على الإرهاب لن يتم دون تنسيق وتعاون في مجالي الاستخبارات وأمن الحدود على الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف”. وتُجمع التقارير الأمنية والعسكرية العربية منها والغربية، على أن منطقة الساحل والصحراء الأفريقية مُقدمة على تطورات ومُتغيرات خطيرة، وانعطافات حادة في المقاربات الأمنية والعسكرية، قد ترسم مشهدا جديدا بات يُملي المزيد من التنسيق.

مشاركة :