الخيال والكوميديا يجتمعان في المسلسل السعودي "بدون فلتر"

  • 10/4/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قدم المسلسل السعودي “بدون فلتر” عبر حلقاته التي امتدت إلى تسع وعشرين حلقة منفصلة عددا من الحكايات والقصص المتنوعة التي تسلط الضوء على العديد من القضايا الاجتماعية داخل المجتمع السعودي، كتحريم الفن، وانتشار ظاهرة التسوّل، والمشاريع الاقتصادية الجديدة، والعلاقة بين الرجل والمرأة، والسرقات الأدبية، إضافة إلى الإعلاميين الباحثين عن الإثارة وغيرها من القضايا الأخرى. مثّل المسلسل السعودي “بدون فلتر” عودة قوية للفنان عبدالله السدحان الذي تغيّب عن شاشة الدراما السعودية خلال العام الماضي، وهو يعد استمرارا كذلك لأعماله التي تناقش العديد من القضايا المحلية في قالب خفيف الظل. والفنان عبدالله السدحان هو ممثل وكاتب ومنتج سعودي له عدد من الأعمال التلفزيونية الهامة مثل “مستر كاش” و”طاش ما طاش” الذي استمر على مدار 18 عاما متواصلة، وشهد تعاونا فنيا بينه وبين الفنان ناصر القصبي. ويشارك في مسلسل “بدون فلتر” عدد كبير من ضيوف الشرف، لا يظهر أغلبهم إلاّ في حلقة واحدة أو حلقتين على الأكثر، من بينهم سعد الفرح ومحمد جابر، وليلى السلمان، ونرمين محسن، وفوز الشطي، وكتبت الحلقات عن طريق ورشة عمل شارك فيها عبدالله السدحان وعبدالله المقرن وعنبر الدوسري وأسامة القس وحسين الراشد، بينما تولى الإخراج عدد من المخرجين بينهم ماجد الربيعان وسمير عارف وهند الفهاد، على اعتبار كون المسلسل يقدم في كل حلقة حكاية منفصلة. وفي إحدى الحلقات تعرض المسلسل إلى ذلك الجدل الذي أثير في السعودية خلال الفترة الأخيرة حول قيادة المرأة للسيارة، والحلقة حملت عنوان “أخت رجال” وأدت فيها دور البطولة النجمة السعودية إلهام علي دور ريم، وهي وحيدة أبويها وتتطلع إلى اليوم الذي تستطيع فيه قيادة سيارتها الخاصة. وأمام تعنّت أبيها ورفضه ترضخ الفتاة للأمر الواقع، غير أن هذا الموقف المتشدد لوالدها يتغيّر إلى النقيض تماما بعد أن تكرمها الدولة لدورها البطولي في إنقاذ أحد الأشخاص الذين تعرضوا لحادث على الطريق. وحلقة “أخت رجال” هي من الحلقات القليلة التي لم يظهر فيها الفنان عبدالله السدحان، والذي يمثل العامل المشترك للمسلسل ككل، حيث يطالعنا السدحان في عدد من الأدوار المتنوعة، كدور “حمد” موظف شركة الكهرباء الذي يتم انتدابه خارج الرياض، ولا يجد مكانا يأوي إليه سوى المستشفى، فيتعرض للعديد من المواقف الكوميدية. عودة قوية للفنان عبدالله السدحانعودة قوية للفنان عبدالله السدحان والمسلسل في المجمل ذو طبيعة مرحة وخفيفة الظل، لكنه لا يخلو كذلك من الإثارة البوليسية والأجواء الخيالية، ويطالعنا عبدالله السدحان على سبيل المثال في دور سليمان الذي يستطيع إنقاذ إحدى الجنّيات من دون أن يقصد، فيكافئه والدها بتزويجها إياه، ويعيش معها وينجب منها ولدا وبنتا، والشرط الوحيد لهذه العلاقة كان أن “يتنحنح” الزوج كلما دخل على زوجته ليعلمها بقدومه، وفي النهاية يسأم سليمان من هذا الشرط، فيقتحم حرمة الجنّية من دون هذه الإشارة التي اتفقا عليها، فتختفي الزوجة ويختفي معها ولداها إلى الأبد. ونفس هذه الأجواء الخيالية تتكرر أيضا في حلقة “فرق توقيت” التي تدور حول سعود الذي يتعرض لصاعقة من السماء، فيكتسب على إثرها قوة خارقة تجعله يرى بعض الأحداث الهامة قبل وقوعها، وبينما تكون تلك القدرة سببا في إسعاده، تتسبب أيضا في وقوعه في مشكلة كبيرة. وفي هذا السياق الخيالي تدور كذلك حلقة “كناري”، حيث ينتشر وباء غريب يجعل الناس متسامحين ولطفاء مع بعضهم البعض، الوحيد الذي لا يصيبه هذا الوباء هو أبونواف (عبدالله السدحان)، وبعد عدد من المفارقات الطريفة يضطر أبونواف إلى حقن نفسه بالفيروس حتى يصبح كبقية الناس. ومن الحلقات اللافتة أيضا حلقة “النحات” التي تتعرض لمسألة تحريم الفن، فالرجل الذي يقطن وحده ويعمل في إصلاح المعدات لأهل الحي ويتمتع أيضا بموهبة الرسم والنحت، وهو يستوحي لوحاته ومنحوتاته من وجوه أهل الحي، وحين تستوقفه إحدى الفتيات يعجب بجمالها، فيصنع لها تمثالا غير أن أحد أقارب الفتاة يعلم بالأمر فيسعى للكيد منه بالإبلاغ عنه عند الشيوخ المتشددين، فيتم طرده من الحي، وهكذا تنتهي الحلقة بخروج الرجل من الحي حاملا أغراضه، والحلقة رغم بساطة تناولها للموضوع، إلاّ أنها تلقي الضوء على تغلغل الفكر المتشدد في نفوس الناس. ومن بين الحلقات ذات الطبيعة الكوميدية حلقة “المحامي” و”أسطوانة غاز” وتحكي الأخيرة عن مسؤول كبير اعتاد السرقة من أموال المؤسسة التي يعمل بها، ولأنه لا يستطيع الإقلاع عن الأمر يذهب إلى الطبيب النفسي، فيخبره أنه مصاب بداء السرقة، وأن عليه التدرج في إقلاعه عنها حتى لا تنتكس حالته، وينصحه بأن يوجّه هذه الرغبة إلى سرقة أشياء بسيطة، فيقرّر الرجل سرقة أسطوانات الغاز من البيوت، ما يثير العديد من المفارقات الطريفة. وتتميز الكثير من حلقات المسلسل بسياقها السريع والابتكار في اختيار الموضوعات، غير أن الأمر لا يخلو أيضا من بعض الهفوات الإخراجية والفنية، ومن بين هذه الهفوات ما جاء في حلقة “أخت رجال”، ففي المشهد المحوري للحلقة، والذي تقوم فيه الفتاة بإنقاذ سائق السيارة، إذ لا يبدو مشهد السائق الذي اشتعلت النار في حذائه مروّعا إلى الحد الذي يحتاج فيه إلى منقذ! كما أن مشهد الشباب وهم يلتقطون الصور للحادث دون أن يبادر أحدهم بإبعاد الرجل عن السيارة، يبدو غريبا ومفتعلا، وهذا الافتعال نفسه يتكرر في عدد من حلقات المسلسل، ما يؤثر على الحبكة الدرامية للعمل ككل.

مشاركة :