ما من شك أن تأكيدات المبعوث الخاص للأمم المتحدة لدى ليبيا، غسان سلامة، باستحالة إجراء الانتخابات الرئاسية في ديسمبر المقبل تأتي أساساً لعدم إيفاء أطراف عديدة بتعهداتها، فينبغي فهم أن هذا المسار يستوجب على الجميع تقديم تنازلات كافية تنشئ مناخاً مناسباً للتفاهمات وتطبيقها والتحرك منها إلى خطوات كبيرة تقي بلادهم من التدخلات الأجنبية. التحديات التي تواجه ليبيا تعد أمنية وسببها انتشار السلاح والميليشيات الذين يعرقلون مسيرة الدولة والذين وجدوا في الانقسام مكاناً للإجرام وللتأثير على الاستحقاقات المقبلة، حيث إن اتهام القائد العام للقوات المسلحة، المشير خليفة حفتر، أطرافاً بعرقلة المسار الانتخابي المقبل جاء ليؤكد أن هناك جهات تسعى لإطالة أمد معاناة البلاد. ويكفي النظر إلى المعارك الجارية في مناطق مختلفة من البلاد، سيما طرابلس لملاحظة بعد المسافة التي تفصل بين الأهداف والواقع. ما يجري في ليبيا هو صراع أجندات ومصالح كبرى، حيث لا تزال الفوضى الأمنية تجتاح المشهد الليبي، وتتحكم بكل مفرداته وتفاصيله بصفتها اللاعب الأبرز، وتدرك الأمم المتحدة من البداية أن المهمة لن تكون سهلة، وأن حجم التفاؤل بنجاح الحوار ليس كبيراً، لكن التفاؤل بالوصول إلى حل سياسي في ليبيا يبقى أمراً معقولاً إذا نجحت الأمم المتحدة في بناء التوافقات الداخلية بعيداً عن الأجندات الأجنبية، وأن يكفّ الأجنبي يده عن البلاد وأن يتولى الليبيون أمر ترتيب بيتهم. عندما تكون هناك إرادة يمكن تجاوز المستحيل، فينبغي فهم أن الذهاب إلى انتخابات رئاسية وتكريس الديمقراطية ودولة القانون في ليبيا يجعل صندوق الاقتراع هو الفيصل لأي خلاف قد يحدث، وأن خيار التفاوض والحوار ومبدأ الديمقراطية وتقاسم السلطة هو الخيار الأفضل والأقرب للحل، ما يستوجب على الجميع تقديم تنازلات كافية، ما ينشئ مناخاً مناسباً للتفاهمات وتطبيقها والتحرك منها إلى خطوات كبيرة تقي بلادهم من التدخلات الأجنبية، وليس أمام الليبيين من خيار الآن إلا المصالحة الوطنية الشاملة بين كل أطياف المجتمع الليبي، فلا مناص من تطييب النفوس وتوفير جوّ من الود والوطنية تسوّى فيه الخلافات.طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :