العراق.. أسئلة أمام رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي

  • 10/4/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

العراق.. أسئلة أمام رئيس الوزراء عادل عبدالمهدييدخل عادل عبدالمهدي اليوم حقل المسؤولية الأولى في العراق كسياسي شيعي، فهل سيتمكن من إنقاذ الحكم الشيعي مما وصل إليه، أم أنه سينطلق من المفهوم الوطني لإنقاذ البلد؟هل سيتمكن عبدالمهدي من إنقاذ العملية السياسية من حالتها الحاليةوأخيرا قضي الأمر في بغداد بعد أربعة أشهر على انتهاء الانتخابات العامة وبعد أيام على انتخابات البرلمان الكردي في العراق تم انتخاب وتكليف الرؤساء الثلاثة (النواب والجمهورية والحكومة)، بعد الذي حصل على مسرح الإعلام ما لم يحصل مثله في بلد آخر يتعاطى التداول السلمي على السلطة، فيما كان صوت الشعب ينطلق من البصرة إلى المنطقة الخضراء ببغداد مدويا وناقما.في عام 2018 أصبح لكل منصب رئاسي في العراق قصة، تتعلق بفشل الصفقة الواحدة للمحاصصة، الكردية الشيعية السنية، لتجربة خيار التعويم بما سمي بالفضاء الوطني دون المساس بأصل تلك التكوينة وكيميائها الساحرة. أي عدم الاشتراط على المكوّن تقديم مرشح واحد، بما يمكن تسميته المحاصصة الناعمة، ولهذا قدمت الأحزاب السنية عدة مرشحين بعد أن انقسموا إلى شظايا، كانت الأكبر مجموعة (المحور) التي اختار زعماؤها التحالف مع كتلة هادي العامري الشيعية الموصوفة بقربها لإيران، وأبرزهم داخل هذه الساحة السياسي خميس الخنجر الذي تعاطى مع هذا الموضوع بقدرات سياسية تحسب له في تجاوزه وتحديه لمخاطر “الأولاد” من الميليشيات المسلحة، لأنه كان مقتنعا بأنهم ينصاعون لأوامر معلميهم، خصوصا أن اللعبة في محيط العراق فيها من صداقات اليوم ما ينسي أعداء الأمس. وأنجز منصب رئيس البرلمان وفق ذلك بسهولة.أما منصب رئاسة الجمهورية فلم يكن ذا أهمية إستراتيجية بالنسبة لقيادة مسعود البارزاني إلا بعد فشل الاستفتاء على الاستقلال الكردي، إلا أن الإيرانيين يشتغلون بطريقة غير تقليدية، فهم يفضلون بيت الاتحاد الوطني على بيت البارزاني  فاشتغلوا على برهم صالح الذي يمتلك المؤهلات السياسية والنشاط والحيوية خاصة في بغداد، فكان عليه أن يعود إلى الاتحاد الوطني بعد أن اعتقد أنه سيخوض تجربة وصوله إلى قصر بغداد من خلال تأسيسه لحزب مستقل، وهكذا تمت عملية ترشيحه وفوزه وسط انقسام كردي، وغضب مسعود البارزاني على خيانة “العهود في بغداد”.وظل العائق الأكبر هو قلب الحكم، رئيس الوزراء، في ظل أجواء من صراعات الأحزاب الشيعية التي لم تغيّر من جوهرها الواجهات العامة في كتلتي البناء والإصلاح لأن الانقسام كان مفتعلا وجزءا منه أزمة انقسام حزب الدعوة في الانتخابات الأخيرة، والذي انتهى إلى إزاحة حزب الدعوة بعد حكمه الفاشل لإثني عشر عاما، وانسحب هذا الفشل على حيدر العبادي الذي رشح نفسه لولاية ثانية ضمن ما سمي بالتوازن الأميركي الإيراني، فخسر لأنه لم يمتلك الجرأة على انتزاع تلك العباءة المخضبة بالفشل والفساد.واستسلمت تلك الأحزاب لفرضية التوافق على مرشح تسوية لرئيس الوزراء، وتم بلع قصة الكتلة الأكبر. وخلال دقائق جرت عملية تسمية رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بعد رواج اسمه في الإعلام خلال الأسبوعين الماضيين. وهذه الشخصية السياسية تحمل من المواصفات ما يجعلها أكثر ملاءمة لمرحلة العملية السياسية الحالية التي تعاني من الترهل والتفكك والمواجهة المباشرة من قبل الشعب، ولهذا فالسؤال الكبير الذي يتقدم جميع الأسئلة: هل سيتمكن عبدالمهدي من إنقاذ العملية السياسية من حالتها الحالية؟لا شك أنه رغم جميع مواصفاته التقنية في الفكر والسياسة لن يتمكن من ذلك، لأن التراكم السلبي وصل إلى درجة عالية، حيث يقدم فيها الماء المالح ليشربه مواطنو أهل البصرة بالإكراه، كما أن عملية التغيير الكبيرة لا يمكنه تحقيقها والتي لا شك أنه يؤمن بها من خلال أطروحاته السياسية منذ عام 2016 بعد استقالته من وزارة النفط، وكان لديه مشروع لشراكة النفط والغاز مع الأكراد في أربيل لكنه لم يعجب الجماعة في قيادات الأحزاب الشيعية، واستمر في عرض تلك الطروحات من خلال جريدته “العدالة” التي كان آخرها عرض برنامجه الوطني للعراق.عادل عبدالمهدي على المستوى الشخصي أقرب إلى الطبقة المثقفة منه إلى التعامل السياسي اليومي للأحزاب الشيعية التي فشلت. وكان حرا في خياره للإسلام السياسي الشيعي الذي دخله مثقفون كثيرون خلال ثمانينات القرن الماضي وأصبح قائدا في المجلس الإسلامي الأعلى إلى جانب الراحل محمد باقر الحكيم، وارتضى لنفسه ذلك الخيار ودخل السلطة ولكن إلى جانبه الكثير من مثقفي الشيعة لم يرغبوا بدخول سفينة متعبة لمواجهة الأمواج العاتية، لكن يبدو أن عبدالمهدي قد اختار ذلك. ومع ذلك فإنه يدخل اليوم حقل المسؤولية الأولى في العراق كسياسي شيعي، والسؤال الاستراتيجي الأول المهم: هل سيتمكن من إنقاذ الحكم الشيعي مما وصل إليه، أم أنه سينطلق من المفهوم الوطني لإنقاذ البلد؟الجواب هو في أولى ممارسات وسياسات وبرامج عبدالمهدي، هل سيصبح رقما مضافا إلى قائمة الحكام الشيعة، أم أنه سيدخل معركة المشروع الوطني ضد المشروع الطائفي رغم أن منبعه المذهبي شيعي، وهو مؤهل لذلك لكي ينتصر لكل ما هو وطني في العراق الطائفي.والأسئلة الفرعية الأخرى تتعلق بالتفصيلات ومن بينها؛ هل سيلبي رغبات الأحزاب الشيعية التي قدمته للحكم ويعطيها امتيازاتها بالوزارات الكبرى وتترك له الوزارات الفرعية، وهل سيبتعد عن التصريحات الكثيرة ويكون شعاره العمل لا الكلام الكثير، ويختار فريقه من بين الكفاءات العراقية دون اعتبار طائفي وعرقي، ويكون لديه مستشارون لا يغلفون الوقائع بما يحب هو وإنما وفق الحقائق، وهل سيزيل الكثير من الحلقات الزائدة في منظومة الحكومة كهيئات مجلس الوزراء والوزارات، وهل سيواجه إمبراطورية الفساد ويحطم أوكارها وزعاماتها بقوة ويودعهم السجون عن طريق القضاء العادل، وهل سيشيع العدل بين العراقيين بعد أن وصل الحيف ونكران الحقوق مداه، وهل سيخرج الأبرياء من داخل السجون والمعتقلات ويعيد المئات من الشباب المختطفين من قبل الميليشيات المسلحة إلى عوائلهم، وهل سيتمكن من حصر السلاح بيد الدولة. وما هو مشروعه العملي في إعادة الحياة للمدن المنكوبة التي احتلها داعش، وما مقدار تعاطيه في ضبط التوازنات الدولية والإقليمية في ظل تصاعد الصراع الإيراني الأميركي على أرض العراق، ومن دون انحياز مضر. وما هو المدى الذي سيتمكن فيه من إعادة العراق إلى محيطه العربي لصالح العراق ومصالحه العليا.أسئلة تتجاوز الإجابة عنها عمليا قدرات فرد مهما كان وطنيا محبا للعراق، إذا كانت المنظومة من حوله مكبلة بالفشل والفساد.كاتب عراقي

مشاركة :