كان تمثال حجري قديم لكاهن من بين مئات من القطع الأثرية المسروقة التي استعادها النظام السوري، وعرضه في دمشق هذا الأسبوع، فيما يسلط الضوء على التراث السوري الذي تعرّض للنهب على مدى أعوام الحرب السبعة. وصنع تمثال الكاهن يلحي بن يلحبودا الذي كان من كبار الكهنة في تدمر بعد وفاته في عام 120 ميلادية. وعرفت مكانته من القبعة الطويلة وإكليل الغار اللذين كانا يرتديهما. واستخرج التمثال في شكل غير مشروع خلال احتلال تنظيم «داعش» لتدمر. وقال مدير متحف تدمر خليل الحريري: «هذه الحضارة ليست لسورية فقط، نحن مؤتمنون عليها ونحافظ عليها لنوصلها الى العالم». وكانت سورية جزءاً من قلب الشرق الأوسط القديم وبوتقة لبعض من أقدم الحضارات في العالم، وفي بعض الأوقات كانت جزءاً من الإمبراطوريات المصرية والبابلية والآشورية والحيثية واليونانية والرومانية. وبعد انزلاق البلاد إلى حرب أهلية فوضوية متعددة الأطراف في 2011، شهدت تقسيمها إلى جيوب عدة، بدأت الأطراف المتحاربة تنهب هذا التراث بسرقة المتاحف واستخراج الآثار من المواقع الأثرية. وفي 2015، احتل «داعش» تدمر وآثارها الكبيرة التي ترجع للعصر الروماني، والتي أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) على قائمتها لمواقع التراث العالمي. واكتسب «داعش» خبرة منذ كان ذراعاً لتنظيم القاعدة في العراق في بيع الآثار المسروقة لتحقيق الربح. ومثلما كانت الحال في مناطق أخرى من سورية والعراق ضمّها التنظيم لما أسماها «دولة الخلافة»، دمرت الكثير من الآثار والمباني علناً باعتبارها أوثاناً بينما انتفع التنظيم سراً من بيع قطع أخرى في شكل غير مشروع. وفجر التنظيم قوس النصر في تدمر وأعدم مدير الآثار الذي كان يبلغ من العمر 82 عاماً، وعلق جثمانه على عمود أثري. قبل أن يستعيد النظام السوري المدينة العام الماضي. وقال الحريري إنه جرى استخراج تمثال يلحبودا من مقابر تدمر الأثرية وعثر عليه في بيت حديث بالمدينة. ويحمل التمثال المنحوت بالحجم الطبيعي اسم الكاهن وسنة وفاته، ويصوره وهو يحمل كوباً من الزيت المقدس ووعاء من الحبوب، وهو ما تنص الطقوس على توزيعه بعد وفاته. ودمر المتشددون الرافضون هذه المعتقدات جزءاً من وجنة التمثال وقبعته، لكنه شهد عملية ترميم. وقال الحريري: «إن التمثال سيعاد إلى المدينة مع كل الآثار التي سرقت من تدمر». لكن رغم استعادة آلاف من القطع المسروقة، فإن عشرات الآلاف من القطع الأخرى لا تزال مفقودة معظمها على الأرجح خارج سورية وفي أيدي تجار متخصصين على استعداد للانتظار لعقود قبل بيعها إلى جامعي تحف. وقال مدير الآثار والمتاحف محمود حمود في سورية: «إن الحقبة الزمنية التي تنتمي لها القطع التي عرضتها دمشق هذا الأسبوع وعددها 500، تراوحت بين 10 آلاف سنة قبل الميلاد والعصر الإسلامي، وعثر عليها في مناطق استعاد الجيش السيطرة عليها».
مشاركة :