محمود الزاهي | على الرغم من مضي نحو عقد ونصف العقد على إقرار الدولة للحقوق السياسية للمرأة في 16 مايو 2005، عبر قانون منحها كامل حقوقها في الاقتراع والترشح، وما تلاها من تعيين أول وزيرة في الحكومة، فإن واقع الحال يثبت أن المرأة الكويتية لا تزال تحارب في بعض الجهات الحكومية لكي تترقى إلى المناصب العليا. وفي وزارة مثل «الكهرباء والماء»، يبدو واقع المرأة بحاجة ماسة إلى دراسة تحليلية، إذ رغم مضي اكثر من 60 عاماً على إنشاء تلك الوزارة لا تزال المرأة فيها محرومة من الوصول إلى قمة الهرم الإداري، رغم تعدد الكفاءات النسائية داخل القطاعات المختلفة بشهادة المسؤولين أنفسهم. المرأة الكويتية التي دشنت وجودها في الحقل الميداني مقتحمة العمل في محطات الكهرباء على أطراف البلاد منذ ثمانينات القرن الماضي، تظل عاجزة حتى هذه اللحظة عن ملامسة منصب الوكيل المساعد ولو بمجرد ترشيح ضمن آخرين قد يسفر في النهاية عن استبعادها وتعيين رجل، ظل محتكرا المنصب رافضا إفلاته من يده مهما كانت الظروف وحتى لو لم تسعفه شروط المنافسة أحيانا. «صفر» للمرأة من بين 19714 موظفاً في وزارة الكهرباء هناك 4103 نساء في التخصصات المختلفة، مقابل 15611 حصة الذكور، يتوزع الجميع على 13 قطاعاً قلصت مؤخراً إلى 11 قطاعاً، على رأس كل منها وكيل مساعد من الرجال مقابل «صفر» للمرأة التي تشغل عدداً من المناصب الإشرافية المهمة في السلم الأدنى مباشرة من منصب الوكيل. وبنظرة سريعة، يمكن حصر عدد من الوظائف الفنية المهمة التي تشغلها المرأة، من بينها إدارة البحوث والتخطيط وتتولى قيادتها سهيلة معرفي، وإدارة البرامج الهندسية والبيئة وعلى رأسها سناء الغريب، فيما تشغل عواطف الشاهين منصب مدير إدارة التدريب، وتترأس مهندسي مشاريع تقطير المياه المهندسة زمزم الركف، وهي كذلك أول كويتية تنتخب نائبا لرئيس المنظمة الدولية للتحلية، متجاوزة مرشحا إيطاليا وآخر أسبانيا. ومن بين القيادات النسائية كذلك تشغل إقبال الطيار إدارة ترشيد وكفاءة الطاقة، فيما تدير مها العسعوسي مكتب التفتيش والتدقيق، وغيرهن من المهندسات ممن تعترف الوزارة بكفاءتهن الفنية، لكنها تصر على حرمانهن من الترقي الوظيفي، رغم أن عددا لا بأس به منهن قد شارفن على التقاعد بعد تجاوز خدمتهن الـ35 عاما وفق قواعد ديوان الخدمة المدنية. هدم السور الغريب أن مبنى الكهرباء يتوسط جهتين حكوميتين: الأولى هي المؤسسة العامة للرعاية السكنية، وعلى رأسها الوزيرة د.جنان بوشهري، والأخرى الوكيلة في وزارة الأشغال م.عواطف الغنيم، أما وزارة الكهرباء فلا تزال المرأة تنتظر أن يهدم السور الحائل بينها وبين قمة الهرم الإداري، وهي تلقي باللوم في ذلك على زميلها الرجل. أما دليل اتهامها فهو يكمن ببساطة في أن الوصول الى منصب الوكيل المساعد أمر لا بد أن يأتي بترشيح من المسؤول الأعلى، وهو المنصب الذي يسيطر عليه الرجال بطبيعة الحال طوال السنوات الماضية. الجانب الأكثر إظلاما في قصة التمييز تلك قد لا يكون في ما تشعر به من شارفن على التقاعد من مهندسات الوزارة، لكنه يتمثل حتما في ما يتركه هذا النهج من أثر لدى صغار المهندسات اللاتي يتطلعن إلى غد أفضل يسوده العدل والمساواة.. فهل يتحقق ذلك في الأمد القريب؟
مشاركة :