قالت الكاتبة والشاعرة سارة طالب السهيل، إن الإشكالية حول النص والصورة تعبر عن جدلية فجرتها، وزادت في إلحاحها طبيعة عصر ثقافة الصورة الراهنة بل ورقمنتها، وفي تصوري أنها ستظل جدلية مشتعلة لعدة أجيال قادمة. وأضافت السهيل خلال ندوة "حول النص والصورة" التي أقيمت في إطار فاعليات معرض عمان الدولى للكتاب، وأدارها الصحفي والفنان التشكيلي رسمي الجراح: أن كلًا من الصورة والنص قد تبادلا الأدوار في معطيات التاريخ البشري الإنساني، وكان لكل منهما منجزه في التأريخ والتعليم والتثقيف وصنع الحضارة.وأشارت السهيل إلى أنه من المعروف تاريخيًا أن ثقافة الصورة قد سبقت ثقافة الحرف من خلال النقوش والحفريات على الصخور والألواح والمعابد القديمة، بل إنه عندما ظهرت ثقافة الكتابة فإن الصورة أخذت تلاحقها أيضاً في القدرة على الحضور وإثبات ذاتها من خلال استخدام الصورة في تقديم تفسيرات مبسّطة على هوامش المخطوطات في العهود القديمة ومع بدايات التدوين؛ لافتة إلى أنه في عصر ثقافة الصورة الراهنة "فضاءات التكنولوجيا الحديثة منحت الفرص الأكبر للصورة لكي تتصدر ملكات التعبير والدلالات وتكون لها الغلبة في كثير من الأحيان على النصوص، مستعيدة في ذلك قدراتها في الأزمنة السحيقة على التواصل بين البشر والتفاعل الإنساني بأبسط الطرق تأثيرًا".وأوضحت السهيل أن الكتابة باعتبارها تطور حضاري ظهرت بالرغم من أهمية الصورة التي لم تف باحتياج الإنسان لمزيد من التعلم والفهم ومن ثم كانت الحاجة إلى اختراع الكتابة كوسيلة للتعبير، والتي بدورها انطلقت في البداية بالحروف التصويرية، عبر الكتابة السومرية التي تعود إلى حوالي 3000 سنة قبل الميلاد، حيث ازدهار حركة الزراعة والتجارة في المراكز الكبرى، ولجأ اليها المسؤولون عن المعابد بهدف الاحتفاظ بسجلات الحبوب والأغنام والماشية التي كانت تدخل أو تغادر متاجرهم ومزارعهم، فكتبوا نصوصهم على أقراص طينية رطبة باستخدام أداة مدببة؛ في الفترة نفسها وربما قبل كذلك ظهرت الهيروغليفية في مصر القديمة والتي استخدمت للكتابة على جدران المعابد والمقابر والتماثيل وغيرها؛ أعقب ذلك النظام الأبجدي نظام الكتابة الميسيني اليوناني عام 1400 قبل الميلاد، وكان يُعطى لكلّ حرف ساكن أو متحرك رسما بيانيا مميزا، ثم تطور النظام الأبجدي، الذي يهتم بتقسيم الكلمة لمجموعةٍ من الأصوات الساكنة وأصوات العلة.وأشارت الكاتبة الأردنية إلى أنه وفقاً للباحث البريطاني جيفري سامبسون فإنّ معظم الأبجديات الحالية مشتقة من الأبجدية السامية، التي نشأت في الألفية الثانية قبل الميلاد، اخترعها متحدثون من بعض اللغات السامية، مثل اللغة الفينيقية، وتوالي تطور الكتابة عبر التاريخ والشعوب حتي القرن الرابع عشر عندما ظهرت فكرة الأبجدية في اوجاريت التي اعتمدت على تفكيك المقطع الصوتي الأكدى والفصل بين الحرف وبين الحركة واستمر الوضع حتى جاء الفينيقيون واخترعوا الخط الأبجدي معتمدين المبدأ الاكروفوني وقد مثلت هذه القفزة الفينيقية أرقى مراحل الكتابة الإنسانية لان الآراميين اقتبسوا من الفينيقيين هذا الخط ونشروه في أرجاء المشرق كله فانبثق منه العبري المربع والتدمري والنبطي والعربي.
مشاركة :