المؤسسات الدولية: التشدد التنظيمي يعزز قوّة بنوك الإمارات

  • 10/7/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

دبي: عبير أبو شمالة اتفقت المؤسسات المالية العالمية على إن وضع القطاع المصرفي في الإمارات أقوى وأكثر استقراراً بعد مرور 10 أعوام على الأزمة المالية العالمية، وقالوا ل»الخليج» أن القطاع المصرفي في الإمارات يعتبر اليوم أكثر قدرة على تحمل أعباء مع بيئة تشريعية مواتية راعية للنمو والاستدامة، وفي ظل رقابة كافية ومتابعة دائمة من «المركزي».وأجمعت المؤسسات على أن النظام المالي العالمي أصبح اليوم في وضع مختلف يستبعد معه أن نشهد أزمة مماثلة لما واجهه القطاع المالي العالمي عام 2007، لكنهم لم يستبعدوا أن تكون هناك أزمة جديدة، فحتى لو تعلمت البنوك الدروس المستفادة من الأزمة إلا إن الأزمة الجديدة يتوقع أن تأتي من حيث لا يتوقع أحد وربما تكون أكثر ارتباطا بالتكنولوجيا ومخاطر الأمن السيبراني.قالت سلطة دبي للخدمات المالية، إن بنوك الإمارات في وضع جيد يؤهلها لمواجهة تأثيرات أية أزمة مالية عالمية يمكن أن تقع على غرار أزمة عام 2007. وأكد برايان ستايروولت، مدير عام إدارة الرقابة لدى سلطة دبي للخدمات المالية، في حوار مع «الخليج»، إن مصرف الإمارات المركزي عمل على تطوير نظام الإجراءات بما يتماشى والمعايير الدولية، كما أنه يبذل الوقت والجهد وبشكل متواصل لتعزيز قوة النظام المالي.وأضاف مؤكداً أن البنوك الإماراتية عملت على تعزيز أطر حوكمة الشركات وإدارة المخاطر منذ الأزمة المالية العالمية. وقال إن البنوك في الدولة تتمتع بمستويات ملاءة مالية عالية نسبياً، كما أن لديها مصدات مالية ضخمة مقارنة بالبنوك في الاقتصادات المتقدمة، وفي الأسواق الناشئة على حد سواء. وقال، إنه ما من بنك في أي دولة في العالم يمكنه القول إنه محصن كلياً من تبعات الأزمات المالية الخارجية المحتملة. وأضاف قائلاً: «التاريخ يخبرنا بأن الأزمة المالية التالية آتية، وسيكون هناك أزمة جديدة، سوف تأتي من حيث لا نتوقع، ستأتي من جهة لا ينظر إليها أحد. وهي لن تكون شبيهة بالأزمة المالية العالمية السابقة، ولذا علينا أن ننظر إلى المستقبل لا إلى الماضي، أن نتطلع قدماً لا أن ننظر للخلف». مستويات رسملة مرتفعة وفي رد على سؤال حول أبرز الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية السابقة قال ستايروولت إن المؤسسات المالية تعلمت العديد من الدروس، ومن أبرزها الحفاظ على مستويات رسملة مرتفعة بما يكفي، وأن تكون نوعيتها جيدة كذلك بما فيه الكفاية؛ لتعزيز الثقة للأسواق، ولتفادي عملية الإنقاذ التي يسدد دافعو الضرائب فاتورتها.ولفت إلى أن الدرس الثاني المستفاد من تبعات الأزمة المالية العالمية الماضية هو أهمية الحفاظ على سيولة في حسابات المصارف، وضرورة العمل على إدارتها بشكل فعال. أما الدرس الثالث فهو أن المنتجات المعقدة يكون لها تبعات أكثر تعقيداً خلال الأزمات.وأكد على أهمية إخضاع البنوك لاختبارات ضغط دورية، وأن تؤخذ نتائج هذه الاختبارات بجدية. وقال إن الأزمة أثبتت مدى ترابط وتشابك النظام المالي العالمي، وأن أية عدوى يمكن أن تنتشر سريعاً عبر الحدود. كما من المهم أن تعي البنوك أنه ما من مؤسسة مالية «أكبر من أن تخفق»، فهذه الفكرة من الممكن أن تؤدي إلى مخاطرة يتحمل تبعاتها دافعو الضريبة.ولفت إلى أن البنوك بالرغم من ذلك لم تتعلم بعض دروس الأزمة المالية العالمية بالصورة اللازمة. وشدد هنا على أهمية أن يركز المشرعون على حماية مصالح مستهلكي الخدمات المالية، وبخاصة على مستوى خدمات الأفراد، كما على الحكومات كذلك التركيز على نشر الوعي المالي ومن المراحل الأولى من التعليم. وقال من جهة أخرى إنه ما دام المدير أو الرئيس التنفيذي يتلقى الثناء لما يحقق من نجاحات فمن المهم كذلك أن يلقى عليه اللوم ويتحمل تبعات الإخفاقات. أجندة إصلاح مكثفة وفي رد على سؤال حول نجاح الجهات المشرعة على مستوى القطاع المالي العالمي في صياغة الأطر الكافية لصيانة استقرار النظام المالي في أعقاب الأزمات المالية العالمية، قال إن لجنة «بازل» وغيرها من الجهات المعنية بإرساء المعايير وضعت في أعقاب الأزمة أجندة إصلاح مكثفة. وأضاف أن القطاع المالي وصناع التشريعات إلى اليوم، وبعد مرور 10 أعوام على الأزمة، ما زالوا يستوعبون هذه الإصلاحات.وأكد أن الوقت قد حان للتوقف لتقييم هذه الإصلاحات والتأكد من أنها تحقق الأهداف المرجوة، ولدراسة إن كانت هذه الإصلاحات تسببت في عواقب لم تكن في الحسبان.وقال إن علينا كذلك تقييم التناسبية في تطبيق هذه الإصلاحات، خاصة على مستوى الأسواق الناشئة. ولفت إلى أن العديد من الإصلاحات التي تضعها جهات صياغة المعايير العالمية لا تفرق بين الشركات الكبيرة والصغيرة أو النطاقات التشريعية المختلفة، هذا بالرغم من التفاوت الحاد في بعض الأحيان بين هذه الجهات المختلفة.وأكد في نهاية المطاف على أهمية تركيز البنوك على تعزيز ممارسات حوكمة الشركات وإدارة المخاطر الفعالة، (خاصة تحديد تعريف واضح لشهية المخاطرة)، والارتقاء بها بما يسهم في صيانة النمو المستدام. كما لفت إلى أهمية الحفاظ على مصادر رسملة كافية لدعم نموذج عمل البنوك وفرص نموها. الملاءة المالية أكد معهد التمويل الدولي أن غالبية البنوك في الإمارات ودول مجلس التعاون، لديها الملاءة المالية والسيولة والمصدات المالية الكافية في مواجهة أية أزمة مالية عالمية جديدة أو أي تراجع حاد في أسعار النفط العالمية. وقال جاربيس إيراديان نائب رئيس شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد التمويل الدولي، إن اقتصاد الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي بات اليوم وإلى حد كبير أقل عرضة للتأثر بالصدمات الخارجية، مقارنة بما كان عليه الحال إبان الأزمة المالية العالمية عام 2008.وأضاف في حوار مع «الخليج» أن البنوك المركزية لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حققت تقدماً لافتاً في تحديث وتطوير أطر الإشراف والتشريع لتواكب أفضل الممارسات الدولية.وأكد أن البيئة التنظيمية والتشريعية للقطاع المالي في الإمارات ودول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تغيرت كلياً وإلى الأفضل على مدى السنوات العشر الماضية، وقال إن غالبية البنوك في دول مجلس التعاون تتمتع بمستويات ملاءة مالية وسيولة مرتفعة، كما أنها تحافظ على مستويات ربحية عالية.وقال: «على سبيل المثال تم رفع نسبة رأس المال اللازمة مقابل الأصول المقاسة بالمخاطرة للقطاع المصرفي في الإمارات من 13% عام 2017 إلى 18% في يونيو 2018. كما أن مستويات السيولة في القطاع تعتبر صحية». القروض المتعثرة بيد أنه لفت إلى أن مستويات القروض المتعثرة إلى إجمال القروض ما زالت مرتفعة نسبياً عند معدل 6.7%، الأمر الذي يعزى بشكل كبير إلى تباطؤ نمو أنشطة القطاع العقاري والمستمرة منذ منتصف عام 2015. وأوضح أن على مصرف الإمارات المركزي مواصلة مراقبة نوعية الأصول على مستوى القطاع عن كثب. وأضاف قائلاً أن غالبية البنوك في المنطقة أكثر تعرضاً للتأثر بالتغير في قيمة عائدات النفط، وبالتالي فأي تراجع جديد في أسعار النفط العالمية (بعد 2019) من شأنه أن يزيد الضغوط على العديد من البنوك.وأعرب عن ترحيبه بحركة الدمج على مستوى القطاع المصرفي في الإمارات، وقال إنه يأمل أن يكون هناك توجّه لخصخصة البنوك في الإمارات في المرحلة المقبلة.وحول تأثير قرارات الرئيس الأمريكي والحرب التجارية بين الولايات المتحدة من جهة والصين ودول أخرى من جهة ثانية على النمو الاقتصادي لدول المنطقة في المرحلة المقبلة، قال إيراديان إن هذه الحرب التجارية سيكون لها تأثيرات سلبية قد تصل إلى إعاقة النمو أو على الأقل تؤدي إلى تباطؤ حاد في مستويات النمو الاقتصادي.وأضاف قائلاً إن تأثيرات هذا التباطؤ سوف تزداد حدة، وقد تؤدي إلى ركود جديد في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة، بتزامنها مع الارتفاع المتوقع في أسعار الفائدة العالمية.وحول التطورات المتوقّعة على مستوى الأسواق الناشئة قال إيراديان إن الأسوأ على الأرجح قد بات خلفنا بالفعل مع نجاح العديد من الاقتصادات الناشئة على مدى الأشهر الماضية في تجاوز مشكلة ارتفاع قيم عملاتها بأكثر من قيمها الحقيقية. وأضاف أن التحدي الباقي أمام الاقتصادات الناشئة يتمثل في قرارات رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والمشاكل الجيوسياسية التي تواجهها الأصول السامة أكدت مؤسسة الاستشارات العالمية «بي دبليو سي»، أن بنوك الإمارات من الأساس كانت أقل تأثراً؛ جرّاء تبعات الأزمة المالية العالمية، مقارنة بالبنوك في الولايات المتحدة وأوروبا؛ وذلك بفضل عدم تعرضها ل«الأصول السامة»، التي كانت وراء تبعات الأزمة وانهيار بنوك عالمية كبرى، إضافة إلى اعتماد المشرعين في الإمارات لنهج متحفظ على العديد من المستويات؛ مثل: متطلبات الرسملة والسيولة العالية.وقال الدكتور سانديب سريفاستافا الشريك في المؤسسة ورئيس خدمات المخاطر والتشريعات المالية لديها في حوار مع «الخليج»، إن على البنوك في الإمارات وفي العالم وكذلك على الجهات التشريعية بصفة عامة أن تحرص دوماً على اعتماد نهج استباقي؛ لضمان خفض تأثيرات أية أزمة مالية عالمية محتملة إلى الحد الأدنى.وأكد أنه وفي ظل الترابط والتشابك بين القطاعات المالية العالمية ليس هناك من هو محصن من تبعات الأزمات العالمية، فالبنوك من الممكن أن تتأثر بشكل غير مباشر جرّاء ارتفاع كلفة التمويل في حال وقعت أزمة مالية مماثلة.وأوضح أن الأزمة المالية العالمية قبل عقد من الزمان علمت القطاع المالي العالمي العديد من الدروس؛ ومن أبرزها تجاوز كافة مسببات الأزمة؛ مثل ضعف قدرة رأس المال على امتصاص الخسائر، والاعتماد المفرط في تمويلها على الودائع الضخمة من الحكومات وكبريات المؤسسات، إضافة إلى التشابك الكبير بين المؤسسات المالية خلال فترات الأزمات، علاوة على المديونية المفرطة والافتقار إلى ممارسات فاعلة على مستوى التعهدات الائتمانية.وفي رد على سؤال إن كانت البنوك العالمية تعلمت الدروس المستفادة من الأزمة، قال سريفاستافا: إنه من المنصف القول إن البنوك تعلمت بعض هذه الدروس. ولفت إلى أن البنوك حققت تطوراً لافتاً على مستوى بعض المجالات منها على سبيل المثال إدارة المخاطر التي باتت ولا شك أفضل منها قبل عقد من الزمان، وكذلك السيولة ومصادر التمويل التي باتت أكثر استقراراً. نشوء مخاطر جديدة لكنه عاد وأكد أن السؤال الأهم إن كانت هذه الدروس في حد ذاتها كافية لتفادي أية أزمات جديدة، ولفت إلى نشوء مخاطر جديدة يمكنها أن تؤدي إلى عواقب كارثية وخيمة منها على سبيل المثال الأمن السيبراني الذي يمكن أن يمثل تهديداً أكبر إن لم يتم التعامل معه بالشكل المناسب.وحول مدى كفاية التشريعات العالمية الجديدة للقطاع المالي عالمياً في مواجهة أية أزمات محتملة في المستقبل، قال إن التاريخ علمنا أن المشرعين لم يكونوا استباقيين في مواجهة الأزمة العالمية، لكن هل الوضع مختلف اليوم؟ وحده الوقت يمكن أن يجيب على هذا السؤال. بيد إنه أضاف قائلاً إن بعض التشريعات الجديدة مثل المعيار المحاسبي الجديد «أي إف أر إس 9» و«بازل3» تعد دون شك خطوات سديدة على المسار الصحيح؛ لصيانة نظام مالي أكثر استقراراً.وأكد أن النقطة الأهم هنا هي أن المشرعين بحاجة إلى فرض الانتظام والتواصل في تطبيق هذه التشريعات الجديدة، ليتسنى ضمان القدر الأكبر من الفعالية؛ لتحقيق أفضل النتائج.وفي رد على سؤال حول أبرز الأسس والتوصيات للبنوك لمساعدتها في صيانة النمو قال سريفاستافا: إن على البنوك من جهة أن تتعلم وبسرعة لتتمكن من العمل في هذه البيئة الجديدة من خلال اعتماد التشريعات والتغييرات الجديدة، كما عليها من الجهة الأخرى التركيز على فعالية نماذج خدماتها ومنتجاتها.وأضاف قائلاً: إنه وعلى الرغم من التناقض الذي قد يبدو بين الهدفين إلا إن الحاجة ملحة للمضي في تنفيذهما وبشكل متزامن. وأكد كذلك، أهمية التكنولوجيا التي يتوقع أن تلعب دوراً حيوياً على مستوى القطاع المالي ومن المهم أن تعمل البنوك على الاستفادة منها ومن خلال الوسائل المختلفة؛ مثل: «الفينتك» و«البلوك تشين» والذكاء الاصطناعي والروبوتات.

مشاركة :