أكد سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي وكيل وزارة التعليم والتعليم العالي أن دولة قطر قد وضعت العلوم والتكنولوجيا والابتكار على قمة أولوياتها الوطنية، وضمنتها في خططها الاستراتيجية وأهداف رؤيتها الوطنية 2030، مشيراً في هذا السياق لاعتماد الدولة لاستراتيجية وطنية للبحوث تقوم على خمس ركائز: ركيزة قطاع البحوث والتطوير والطاقة والبيئة وتكنولوجيا المعلومات والحوسبة. جاء ذلك في مداخلة سعادته في اجتماع المائدة المستديرة المخصص لوزراء العلوم والتكنولوجيا من مختلف دول العالم، الذي نُظم على هامش أعمال الدورة الخامسة عشرة لمنتدى العلوم والتكنولوجيا في المجتمع، المنعقد بمدينة كيوتو اليابانية خلال الفترة من 7إلى 10 أكتوبر الجاري، لبحث دور العلوم والتكنولوجيا والابتكار في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ونوّه الدكتور النعيمي في مداخلته في الاجتماع الوزاري باطلاق الدولة للاستراتيجية الوطنية لأمن المعلومات، وبتضمين معظم الاستراتيجيات القطاعية أهدافاً وبرامج تخدم الابتكار والبحث العلمي والتكنولوجيا وتوظيفها، لافتاً إلى أن العلوم والتكنولوجيا والابتكار أصبحت محاور أساسية للعديد من المؤسسات القطرية مثل: واحة العلوم والتكنولوجيا، والصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، ومعهد قطر لبحوث البيئة والطاقة، والنادي العلمي، والمراكز البحثية التابعة لجامعة قطر البالغة أربعة عشر مركزاً، والمراكز التابعة لجامعة حمد بن خليفة، ومعهد الدوحة للدراسات العليا. وفي مجال التعليم أوضح الدكتور النعيمي دمج التكنولوجيا في التعليم، مشيراً في هذا السياق لافتتاح مدرسة قطر للعلوم والتكنولوجيا هذا العام على نظام STEM، وتضمين المقررات الدراسية لمادة تكنولوجيا المعلومات، والاعتناء بمهارات البحث العلمي، واستحداث مجموعة من المسابقات منها المسابقة الوطنية للبحث العلمي لجميع مراحل التعليم العام، وبرنامج البيرق للأبحاث العلمية لطلبة المرحلة الثانوية، إضافة لعرض أبحاث الطلبة في معرض سنوي يكافأ فيه المتميزون ، حيث شارك في المعرض لعام 2017 قرابة (220) مدرسة و (2556) طالبا، قُدم فيه (917) مشروعاً بحثياً، إضافة إلى جائزة التميز العلمي التي تكرم الباحثين في كافة المستويات. وأكد سعادته اهتمام الجهات والمؤسسات الأخرى بالدولة بالبحث والابتكار، مشيراً لاستحدثت وزارة الداخلية لجائزة البحوث الأمنية بهدف تقديم حلول منهجية ومنطقية وعلمية للتحديات الأمنية، وقيام وزارة المواصلات والاتصالات بتنفيذ العديد من البرامج والمبادرات ومنها قطر الذكية (تسمو) ومختبر الابتكار، وحاضنة الأعمال الرقمية، ومخيم الأفكار الرقمي للشركات الصغيرة والمتوسطة. وكشف الدكتور النعيمي حصول دولة قطر على جوائز قيّمة في مجالات البحث والتكنولوجيا والابتكار، منها - على سبيل المثال لا الحصر- جائزة الإبداع التكنولوجي للعام 2016، وجائزة القمة العالمية لتطبيقات الجوال 2016، وتحقيقها مراكز متقدمة في تقرير التنافسية العالمية 2017/2018 في مجال الابتكار حيث حصلت على المركز 21 عالميا والأول عربياً. وقال الدكتور النعيمي في مداخلته إن الدول قد أولت اهتماماً كبيراً بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار منذ العقد الماضي ، وذلك استجابة لمتطلبات التنمية الشاملة فيها، وأن العلوم والتكنولوجيا أصبحت إحدى المؤشرات الأساسية في التقارير الدولية مثل تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة، وتقرير التنافسية العالمية للمنتدى الاقتصادي، إذ امتد الاهتمام بها ليصل إلى أعلى المستويات وخاصة بعد اعتماد رؤساء الدول لأهداف التنمية المستدامة 2030 في سبتمبر ،2015 والتي تؤكد على تنمية البحث العلمي والابتكار وتوظيف التكنولوجيا وتوفير الموارد المالية وزيادة الإنفاق وتجهيز البنية التحتية لخدمة ذلك، وتطوير السياسات والاستراتيجيات، وزيادة فرص الحصول على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، وتيسير الوصول إلى شبكات الإنترنت وغيرها من المواضيع. وأكد الدكتور النعيمي أن المائدة المستديرة التي تعقد سنوياً، والمؤتمرات التي تنظم من قبل المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية ،والتنامي والتوسع المتزايد في المؤسسات والهيئات ذات الصلة بالبحث والتكنولوجيا والابتكار، تعتبر مؤشرات وشواهد على المكانة التي تحظى بها مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار من أهمية كبيرة في عالمنا المعاصر. ونوّه في مداخلته إلى أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 مرهون بسياسات الدول والإجراءات المتخذة الداعمة للبحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار؛ مشيراً لورود أهداف ومؤشرات في معظم الأهداف السبعة عشر تتعلق بتلك المجالات؛ إذ تم التأكيد في الهدف الرابع الخاص بالتعليم على إنتاج المعرفة ونشرها وبناء مجتمعات الاقتصاد القائم على المعرفة، وتعزيز استخدام التكنولوجيا والابتكار والبحث العلمي، واشتمال الهدف الثاني الخاص بالقضاء على الفقر والأمن الغذائي على أهداف تتعلق بالبحث العلمي في المجال الزراعي وخدمات الإرشاد الزراعي، وكذلك تطوير التكنولوجيا وبنوك الجينات الحيوانية والنباتية. كما نوّه بتضمين الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة الخاص بالصحة أهدافاً تتعلق بدعم البحث والتطوير في مجال اللقاحات والأدوية، وأن الهدف الخامس الخاص بالمساواة تضمن أيضاً أهدافاً تتعلق بتعزيز استخدام التكنولوجيا التمكينية وبخاصة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل تعزيز تمكين المرآة، وأن الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة تضمن الإشارة إلى الارتقاء بمستوى التكنولوجيا والابتكار، وتعزيز السياسات الموجهة نحو التنمية والقدرة على الإبداع والابتكار، ونفس الأمر ينساق على بقية الأهداف. وأكد الدكتور النعيمي في مداخلته في الاجتماع الوزاري الخاص بوزراء العلوم والتكنولوجيا والابتكار أن التكنولوجيا قد وفرت للبشرية إمكانية القيام بالعديد من الأمور بسرعة كبيرة، بما في ذلك التواصل مع الآخرين، وأحدثت ثورة في مجالات الطب والكيمياء والفلك، وأتاحت الكثير من فرص العمل، خاصة للأشخاص الذين يفضلون العمل من منازلهم في أوقات تتناسب مع ظروفهم، وما حققته على مستوى زيادة الثروة المعلوماتية في جميع نواحي الحياة. وقال إن هذه الإيجابيات المشرقة للتكنولوجيا قابلها أيضا العديد من الجوانب السلبية التي أدت إلى ظهور مشاكل في مختلف مجالات الحياة، منها استنزاف الموارد الطبيعية وتلوث البيئة وتأثيرها الخطير على صحة الإنسان، وما أدخلته التكنولوجيا من تطور على صناعة الأسلحة، وما نجم عن ذلك من إزهاق لحياة البشر، وتسهيل عمليات الحروب عن بعد. مشدداً على أن جميع هذه السلبيات من سوء استخدام البشر للتكنولوجيا، في الوقت الذي يحتاج فيه عالمنا – بما فيه من حروب كثيرة ومآسٍ عديدة – إلى ترشيد استخدام التكنولوجيا وتعزيز جوانبها الإيجابية والتوقف عن الإفساد في الأرض من خلال الإغراق في الاستخدامات السلبية للتكنولوجيا. وأضاف سعادته: لقد حذرنا اللهُ سبحانه وتعالى في قرآننا الكريم من هذا الإفساد في الأرض، ومن ظهور الفساد في البر والبحر من خلال سوء سلوك البشر في التعامل مع محيطهم الطبيعي بقوله سبحانه وتعالى: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون". وهو ما نراه الآن واضحاً في عالمنا المعاصر نتيجة لسلبيات التكنولوجيا وظلالها القاتمة على حياتنا بشكل عام. واختتم مداخلته بقول: ويبقى الأمل دائماً في هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات المماثلة في توجيه أنظار العالم إلى تلك السلبيات والدعوة بإلحاح إلى التوقف والتراجع عنها لأنها تمس العالم أجمع وتصيبه وتؤثر فيه وفي خططه التنموية وتلقي بظلالها على البشرية جمعاء.;
مشاركة :