جدة – إبراهيم المدني دعا اخصائيون اجتماعيون ونفسيون الأسر للاهتمام بالناشئة منذ الصغر، وغرس القيم الإسلامية السامية، في نفوسهم وزيادة الجرعة الدينية فيهم للحد من ظاهرة السرقة التي قد تتفشى بينهم. وقال الاخصائيون إن ضعف الوازع الديني السبب الرئيس في حدوث السرقة والجريمة بشكل عام، مؤكدين على أن المسؤولية تقع في المقام الأول على عاتق الوالدين، وتكمل المدرسة الجزء الآخر بالتعريف بالعقوبات الشرعية التي تنتظر كل شخص يحاول انتزاع ممتلكات الآخرين دون موافقتهم وعلمهم. وأشار الاخصائيون إلى أن التساهل مع الناشئة في السنوات الأولى، قد يساعد في تكوين سلوك سالب لديهم، وقد يؤدي بهم إلى اضطرابات نفسية قد لا يلاحظونها. الوازع الديني: وفي هذا السياق ترى هالة الحكيم، المستشارة القانونية، أن ضعف الوازع الديني والفراغ عاملان أساسيان في تحول الشخص إلى لص يسرق ممتلكات أقاربه نظرًا لمعرفته بمكانها وخبرته بتحركاتهم. وأضافت “الحكيم” قائلة: “عندما يضعف الوازع الديني عند الشاب، قد يرتكب أية جريمة، والسرقة جريمة من الجرائم التي قد يرتكبها الشاب عندما يجد نفسه يعاني من الفراغ، ونتيجة ضعف وازعه الديني، فضلًا عن أصدقاء السوء الذين يدفعونه لارتكاب الجريمة دون إدراك مخاطرها، وتحت تأثير الشهوة، ورغبات النفس الممجوجة”. ودعت المستشارة إلى زيادة جرعة الوعي الديني للطلاب في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، ومتابعة الأبناء من قبل الوالدين، وأهمية معرفة أصدقائهم، وسؤالهم باستمرار عن تحركاتهم، وأردفت قائلة: “كما يجب على الوالدين معرفة مصدر الأشياء التي يحصل عليها الأبناء من خارج البيت، حيث إن سكوت الأب أو الأم عندما يجد في يد ابنه جوالًا جديدًا قيمته عالية، فهو بذلك يساعد ابنه على ارتكاب جريمة السرقة، فالوالدان مسؤولان عن سرقة ابنهما عندما لا يحاسبانه ولا يتابعانه”. ضعف القيم: ومن جانبها لفتت نوال بنت عثمان الزهراني، الاخصائية النفسية، إلى أن إقدام شاب على سرقة أقاربه يعود إلى ضعف القيم لديه، حيث تقول: “فهو منذ الصغر لم يترب على عدم تجاوز حدود الممنوع أو المرغوب، ففي صغره تجده مثلًا يسطو على ألعاب أخيه أو أخته، ولم تمنعه الأسرة من ارتكاب هذا السلوك الخطأ، وعندما يكبر تنمو معه رغبة الحصول على الأشياء الجيدة، وإن كانت لدى الآخرين”. وأردفت “الزهراني” قائلة: “وهناك عامل آخر مهم يدفع الشاب لسرقة أقاربه، يتمثل في وجود اضطراب نفسي يعاني منه، فتجده لا يستطيع أن يرى شيئًا يرغب فيه بشدة عند غيره وهو لا يملكه إلا ويحاول الحصول عليه بالسرقة، وقد يكون لديه المال الكافي لشراء هذا الشيء، ولكنه يميل للسرقة المتأصلة في نفسه منذ الصغر”. وأشارت الأخصائية إلى أن هذه الفئة افتقدت التوجيه السليم منذ الصغر، إضافة إلى اختلاطها ببيئة غير سليمة ساهمت في تغيير سلوكها، في ظل عدم متابعة دقيقة من الأسرة. وطالبت “الزهراني” الأسرة بشكل عام بالحرص على غرس القيم الأخلاقية عند الناشئة في السنوات الأولى من عمرهم، وعدم السماح لهم بتجاوز حقوق الآخرين، وإفهامهم أن الحصول على شيء دون دفع ثمنه يعد أمرًا مشيناً معيباً وذنباً كبيراً في الشرع الإسلامي. التفاخر والحقد: من جهته أكد الأستاذ ياسر بن محمد، الموجه الاجتماعي، على أن حب التفاخر بين الشباب، هو ما يدفعهم إلى تملك الأشياء ذات القيمة المرتفعة، وعدم وجود القناعة الكافية ساهم في تحويل بعضهم إلى لصوص. وأردف ياسر قائلًا: “سمعت كثيراً من بعض شباب الحي عن رغبتهم في الحصول على أجهزة متقدمة وجوالات تبلغ قيمتها نحو ثلاثة آلاف ريال، والشاب لا يملك في جيبه 100 ريال، وبعد فترة يتفاجأ المرء بوجود الجوال الحديث معه، وعندما يسأله يقول له جاءني هدية من صديق أو صديقة”. وأضاف بقوله: “كما أعرف شاباً أقدم على سرقة جوال آيفون من صديقه، وذلك حتى لا يكون أفضل منه، فهو يملك جهازًا عاديًا، وفرض على صديقه بأسلوب دنيء، أن يتساوى معه في قيمة جواله”. ولفت الموجه الاجتماعي إلى ضرورة وأهمية دور الأسرة في غرس القيم الأخلاقية في نفوس الشباب منذ الصغر، وتعليمهم أن القناعة كنز لا يفنى، وأن المجتمع فيه الغني والفقير، وهذه سنة الحياة، وأن وجه المفاضلة بين الناس ليس في ما يملكونه من أموال بل بالعلم والتقوى. مع تذكير الشاب أو الطفل بأن عقوبة السرقة تصل إلى قطع اليد. وشدد ياسر على أهمية أن تقوم الأسرة بإشغال أوقات الشباب بالرياضة وبالأنشطة المفيدة واختيار البيئة المناسبة لهم. الذهان الوجداني: وعلى صعيد متصل أكد الدكتور سعد الخطيب، استشاري الطب النفسي بمستشفى الصحة النفسية بجدة،على أن الأشخاص الذين يقدمون على سرقة أقاربهم هم في الغالب مصابون بمرض نفسي يسمى الذهان الوجداني. وأردف الخطيب قائلًا: “إن الشخص الذي يقوم بالسرقة لا يدرك بعض تصرفاته، ولا يفرق بين الصواب والخطأ في كثير من الأحيان”. مضيفًا بقوله: “كذلك فإن الذين يتعاطون المخدرات والمنشطات تجدهم في مزاج متقلب، وعندما يقدم أحدهم على سرقة شيء ما فهو يعتبر ذلك أمرًا عاديًا، في ظل الحالة النفسية المتردية التي يعيشها”. ولفت “الخطيب” إلى أهمية أن يقوم الناس بحفظ مقتنياتهم الثمنية بعيداً عن أيدي الزائرين حتى وإن كانوا من الأقارب، وعدم التفاخر أمامهم بهذه المقتنيات، “فالشيطان حريص على استغلال أي فرصة لتحريك الأنفس الضعيفة وتشجيعها على السرقة”.
مشاركة :