بمناسبة اليوم العالمي للمسنين أسوق هذه القيم العامة من وحي واقعنا الاجتماعي، بعيدا عن مقارنات رعاية المسنين بين قيم الغرب التعاقدي وقيم الشرق التراحمي!ولعل ما أسرده خطوط عريضة يمكن تأكيدها وفحصها والاستدراك عليها وتطويرها، فالقصد هو الصالح العام وسأقف مع قيمة الوفاء لهذه الشريحة العزيزة علينا.1 - من الأمور التي تهدم صحة كبار السن وتنكد عليهم حياتهم معرفتهم بالخلافات والخصومات التي تقع بين أبنائهم، ولذا وجب مراعاة هذا الإشكال الأليم كي لا نخلق لهم الحزن وندخل في باب العقوق من حيث لا نشعر.2 - من الوفاء زيارتهم لا من باب الواجب الثقيل أو العادة القاهرة، وإنما بروح مشتاقة وشفافة تجهز للزيارة بما يسعدهم وينفعهم ويدخل البهجة إلى نفوسهم.بمعنى أن تكون زيارتهم... «إنجاز مهمة وليس إبراء ذمة».وتزداد الزيارة جمالا أن يسبقها الاتصال والسؤال عن طلباتهم لنحقق لهم ما يشتهون.مع ملاحظة أن الزيارة الخاصة لها أثرها الذي يتجاوز أحيانا الزيارة العائلية الدورية العامة.3 - عدم تركهم لوحدهم طويلا، لا سيما الذين فقدوا أصحابهم، ذلك أن وحدتهم بعد فقد الأحباب تشعرهم بغربة داخلية تحتاج منا حساً مرهفاً لاكتشافها وترميمها.فلسان حال كثير من المسنين في عزلتهم ما قاله شمس الدين الكوفي في رثائيته:ما للمنازل أصبحت لا أهلهاأهلي ولا جيرانها جيرانيوفي قصيدَتيْ الأديب والديبلوماسي السعودي غازي القصيبي «حديقة الغروب» «سيدتي السبعون»، تصوير شجي لفقد رفاق العمر.لقد أعجبني بعض الأبناء والبنات والأحفاد الذين يوزعون جدولا زمنيا لسد فراغ أهلهم المسنين، وقضاء حاجياتهم ومتطلباتهم خارج المنزل وداخله.4 - من الوفاء اصطحابهم في الطلعات العامة والزيارات... وهذه تخفف عنهم الملل والسكون الذي يلفهم داخل المنزل.5 - ترتيب وتكرار الاتصال والسؤال ولو عبر الهاتف له أثر لما فيه من إشعارهم بالاهتمام والمحبة والحرص على راحتهم.6 - من الوفاء ألّا تشغلنا وتنسينا زوجاتنا وذرياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية وأعمالنا عن كبار السن، فكثيرون بعد ارتباطهم بالزواج يكون السفر، والرحلات، والحديقة، وطلعات البر والكورنيش من حق الزوجة والأبناء ويغفلون حق الوالدين في ذلك.والعجب أنهم يخبرون كبار السن بسفراتهم ومتعهم، ولا يلتفتون لما يختلج في نفوس أمهاتهم وآبائهم من أمنيات المشاركة... واستشارتهم وعرض مشاركتهم معنا، ولو من باب دعوتهم مجاملةً لها أثرها الكبير عليهم.أخيراما موقع المسنين من اهتمامك وأولوياتك، سواءً كانوا من أرحامك وأقاربك أو من المعارف؟!ونحن في سني الطفولة والضعف أعطونا الكثير من التفكير والرعاية والاهتمام إلى أن أصبحوا كهولا، فهل هم اليوم في ضعفهم وحاجتهم يسكنون في وجدانك كما أسكنونا هم في وجدانهم أيام قوتهم وضعفنا؟!الاهتمام أول دلائل الوفاء التي ينبني عليها السلوك والمبادرة، وليس أحق بالوفاء من أم حملت وأنجبت ثم تحملت كل صنوف التعب والإجهاد والألم حتى كبرت، وليس أحق بالمراعاة والإحسان أكثر من أب لطالما قدمك على نفسه في كل شيء، يشقى لترتاح ويسهر لتنام ويقلق لتطمئن... أليس من قسوة القلب وجفوة الطبع أن نتركهم لوحدة قاتلة وننشغل نحن بالزوجات والأبناء ونسعد بهم ونترك لهم غيمة حزن تظلل حياتهم وهم في خريف العمر...؟!@mh_awadi
مشاركة :